التعليم عن بعد
تخطط وزارة التعليم إلى جميع الاحتمالات وهي تستشرف بدء العام الدراسي المقبل مع استمرار الحاجة للتباعد الاجتماعي. ومع التحفظ على بعض عناصر التعامل الذي ظهر خلال العام الدراسي الماضي في جزء من قطاعات الوزارة، ونتج عنه صعوبات واجهت الطلبة في التطبيق، ومن ثم الخروج بحصيلة معقولة من العلم الذي حددته الوزارة كأساس لما يحتاجون إلى معرفته في المقبل من المراحل الدراسية، يبقى الإشكال واضحا في طريقة التعاطي مع مفهوم التعليم عن بعد.
الذي لا يدركه أغلبية من يتعاملون مع المفهوم كأمر مستجد هو أن التعليم عن بعد يمكن أن يحقق نتائج باهرة - خصوصا إذا اعتمد على التقنية في التوضيح والشرح بما يتوافر بين أيدي الناس اليوم، فالعملية التعليمية السائدة في المدارس تنقصها جزئية مهمة تتعلق بالربط بين التعليم والواقع - وهنا مربط الكلام.
الاعتقاد أن على الطالب أن يتابع المعلم دون وجود أي قيود ملزمة تسمح للمعلم بالإحاطة بما يحدث عند طلبته أمر يثير القلق لدى الأسر بشكل عام. هذا الوضع يجب أن ينتهي إلى إدراج تقنية عالية الرقابة تضمن الوجود المستمر الذهني والبدني في موقع التعليم الذي يتلقى فيه الطالب المعرفة. ثم إن استخدام مزيد من وسائل التعليم خارج إطار الغرف المبنية يصبح جاذبا لمزيد من الاهتمام من قبل الطالب والمعلم - في الوقت نفسه.
هنا لا بد من عملية بحث وتمحيص وتخطيط دقيقة وشاملة للسماح للطلبة بممارسة كثير مما يتعلمونه عن طريق الاستفادة من التقنية المتوافرة والاعتماد على مزيد من مصادر التعلم، خصوصا التطبيقات الحديثة التي تستخدمها كثير من الدول المتقدمة. تحتاج العملية إلى وقت ومجهود وعمليات استشارية تعليمية رائدة ليتحقق المطلوب، فنحن ندخل عالما جديدا كنا نتحدث عنه في مجالس السمر والاستراحات وأصبح أمرا إلزاميا لا يمكن الفكاك منه، وعليه يعتمد نجاح منظومة التعليم بكل مكوناتها.
الأكيد أن الأيام المقبلة تحمل تحديات كبرى لمسؤولي التعليم والعاملين في القطاع، وأن عمليات التعليم عن بعد لن تكون مربوطة بمجرد وجود ظرف طارئ، وإنما ستكون واحدة من أهم عناصر التعليم. الأهم في هذا الأمر هو تغيير النظرة لعملية التعليم من حالة التلقين إلى التجربة والأداء بعيدا عن الصفوف الدراسية التي قد تتحول كثير منها لأداء مهام خارج الإطار المدرسي المعتاد.