الاقتصادات الكبرى تواجه خطر الديون .. «الأمريكي» مرشح للارتفاع 30 نقطة مئوية في عامين
قال بنك باركليز البريطاني، أمس، إن الاقتصادات الكبيرة المتطورة تواجه زيادة في الديون، إذ تتسبب أزمة فيروس كورونا في موجة تحفيز مالي ضخم، لكنها تملك وقتا لترتيب الأوضاع لديها.
ووفقا لـ"رويترز"، أشار البنك في تقرير جديد بشأن الديون في الأسواق المتقدمة، إلى أن صناع القرار لن يستطيعوا تجاهل الأوضاع المالية المتدهورة لفترة طويلة.
ويتجه معدل الدين بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي لدول مجموعة العشرين صوب الارتفاع لأعلى من مستوياته إبان فترة الحرب العالمية الثانية في العام المقبل.
ويتوقع "باركليز" أن يرتفع معدل الدين الأمريكي بنحو 30 نقطة مئوية في العامين المقبلين، فيما من المرجح أن يزيد معدل الدين في منطقة اليورو ليصل إلى نحو 100 في المائة، في 2020 مقارنة بنحو 85 في المائة، في 2019.
وقال إن هذا يرجع إلى أن أكبر اقتصاد في العالم يحظى بمزايا امتلاك عملة الاحتياطي وسوق سندات كبيرة وسائلة أقل عرضة للتقلبات، لكن منطقة اليورو لا تزال مهددة باعتبارها اتحادا نقديا دون اتحاد مالي.
وأشار "باركليز" إلى أن موانع حدوث أزمة دين جديدة في منطقة اليورو مرتفعة مقارنة بالفترة بين 2010 و2012، مؤكدا أن هناك انخفاضا حادا في تكاليف التمويل.
ويتوقع البنك انخفاض متوسط العائد الاسمي على الدين السيادي إلى أقل من 2 في المائة مقارنة بـ3.75 في المائة، في 2010.
لكن على الرغم من انخفاض تكاليف الإقراض في منطقة اليورو عموما، فإن اختلاف الاتجاهات الاقتصادية بين جنوب وشمال أوروبا ونظامها النقدي الفريد يعني أنها في حاجة إلى إيجاد طريقة منفصلة لخفض الدين الكلي.
ويرى "باركليز" أن إعادة توزيع الأموال والائتمان وتطبيق سياسة الكبح المالي تكون بتحديد سقف للعائد على السندات أكثر الحلول ملاءمة لخفض الدين على مستويات الدخل في الدول المثقلة بشدة بالدين.
ويعتقد الخبير المصرفي أندروا لو، في تصريحات سابقة لـ«الاقتصادية»، أن أزمة الدين الأوروبي بعد جائحة كورونا ربما تتفاقم وتتسارع وتتجاوز أزمة الديون الأوروبية عام 2008، ويرجع ذلك إلى الهيكل الاقتصادي والنقدي الأوروبي، معربا عن مخاوفه من أن الأزمة ستكون أكثر عمقا وصعوبة وتهديدا للحياة النقدية لدول الاتحاد ومنطقة اليورو.
ويضيف "في الواقع لم تفلح أوروبا في الخروج تماما أو التعافي المطلق من أزمة الدين الأولى، وقبل أن تتعافى تماما ضربتها أزمة الديون الراهنة وهذا يعقد الوضع، ويرفع معدلات البطالة بين الشباب ويؤدي إلى ركود وانخفاض متوسط الأجور الحقيقية، ومن ثم زيادة عدم المساواة الاجتماعية".
ويشير لو إلى أن الأزمة الأوروبية من الضخامة بحيث لن يسمح العالم لأوروبا بالانهيار، وأنها ستمنح مزيدا من الوقت لتصحيح التناقضات الأساسية والعيوب الراهنة في أنظمتها الإنتاجية، كما أنه بخلاف الأزمة الأولى ستكون البنوك المركزية هي المسؤولة عن التعامل مع الأزمة، وليس الأسواق المالية، كما كان الوضع في السابق.
ربما لا ترى أوروبا حلا حقيقيا للتعامل مع أزمة ديونها غير مزيد من الاعتماد على البنك المركزي الأوروبي من خلال برنامجه الجديد لشراء أوراق مالية تبلغ قيمتها 1.35 تريليون يورو.
سيوجه من هذا المبلغ 940 مليار يورو إلى الأوراق المالية الحكومية، لتمويل العجز الكلي في منطقة اليورو ليصل إلى ما يراوح بين 8 و9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو وربما يكون استناد أوروبا إلى البنك المركزي الأوروبي للتعامل مع قضية ديونها المتراكمة، دليلا على وعي أكبر بحجم ديونها وتأثيرها فيها مستقبلا.