مسلسل «خريص» .. الإذاعة التي طردت الملل وفرقت الأصدقاء

مسلسل «خريص» .. الإذاعة التي طردت الملل وفرقت الأصدقاء
دريعان الدريعان.
مسلسل «خريص» .. الإذاعة التي طردت الملل وفرقت الأصدقاء
مريم عبدالرحمن.
مسلسل «خريص» .. الإذاعة التي طردت الملل وفرقت الأصدقاء
مشهد من العمل.

"أنت لا تختار والدك، لكنك تختار أصدقاءك" .. بهذه القيمة الإنسانية اقتحم مسلسل "خريص" السعودي منصات البث الرقمية العربية والعالمية، بكوميديا اجتماعية، وجدت استحسانا وإقبالا قويا من جمهور المشاهدين.
المسلسل الذي يتألف من ثماني حلقات، ويعرض بواقع حلقتين أسبوعيا على منصة "شاهد"، يقدم مواضيع شبابية في قالب جديد، حينما تقدم مجموعة من الأصدقاء على تأسيس إذاعة رقمية جديدة، وتجيب في الوقت ذاته عن سؤال جوهري: هل تصمد الصداقة أمام تحديات العمل وإغراءات المال والنجاح؟

ملل خريص

مسلسل "خريص" من تأليف الشاب أسامة صالح، وتبدو بصمته واضحة في العمل ممثلا وكاتبا ومخرجا، وحتى منتجا، فهو كاتب وممثل ومخرج أفلام حاصل على درجة الماجستیر في الإخراج السينمائي من جامعة أكاديمية الفنون في سان فرانسيسكو الأمريكية، وفي رصيده خبرة مميزة، فقد كتب وأنتج وأخرج عدیدا من الأعمال المميزة مثل مسلسل الاستراحة شو، وأمریكا 101، وبعض حلقات مسامير، لكن یبقى أبرز أعماله مسلسل "شقة العیال"، الذي قام بتألیفه وإنتاجه وإخراجه، وكذلك المسلسل الكومیدي "كت" الذي عمل فيه كمخرج ومؤلف شريك، وعرض على قناة MBC.
ويتشارك أسامة صالح بطولة العمل مع الفنانين شجاع نشاط، الذي خرج من تجربة رقمية مشابهة، وأثبت قدرته وبراعته من خلال دوره في مسلسل "أم القلايد"، كما يضم "خريص" الفنانين عبدالرحمن عبدالله، راكان زاهد، عمر صالح، مريم عبدالرحمن، بمشاركة دريعان الدريعان، زارا البلوشي، نايف الفواز، وعبدالله الجبيلة.
وفي أولى حلقات "خريص"، يجيب أسامة صالح عن سبب اختياره هذا الاسم ليكون اسما لإذاعته، وبالتالي اسما لمسلسله الجديد، فـ"خريص" الشارع الوحيد الذي يميز الرياض، وأكثر الشوارع ازدحاما، وأكثر الطرق التي يواجه فيها المارة مللا بسبب الزحام، إلا أن "إذاعة خريص" لن تسلي الناس في "خريص" فقط، إنما الجمهور في كل مشوار لهم، وفي أي طريق.
كما أن الرياض - كونها العاصمة - تعد حاضنة لرواد الأعمال، لذلك اختير "خريص" الشارع الذي يتوسطها ويمتد من شرقها إلى غربها، ويقطعها نصفين، اسما مميزا للإذاعة.

الصراع بين الأصدقاء

الإذاعات الرقمية فكرة رائجة عالميا، لكنها جديدة على العالم العربي، انطلقت في تسعينيات القرن الماضي دون أن تجد رواجا، غير أن الأوروبيين أعادوا إحياءها بعد عام 2000، وتنامى الاهتمام بها، واليوم وجدت شيوعا كبيرا في العالم كله، وأصبح من السهولة تأسيس الإذاعة وبث محتواها وتوثيقه عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلى جانب قياس مدى التفاعل وإعجاب المستمعين والمشاهدين بالمحتوى، والاستفادة من ريع الإعلانات والمشاهدات في التطوير والاستمرارية.
في أقل من ربع ساعة، مدة الحلقة الواحدة، يختار الشاب خالد خلف، الذي يؤدي دوره الفنان أسامة صالح، مجال الإعلام الإذاعي، وربما ذلك نابع من سرعة النجاح فيه، غالبا، إضافة إلى عاملي الإثارة والمال.
وتبدأ الحلقة بخالد الذي يعمل في إذاعة نجد، تحت إدارة عبدالمجيد الماجد "يؤدي دوره دريعان الدريعان"، ويستقيل من الإذاعة، منطلقا بأفكاره الجديدة والمبتكرة إلى عالم البث الرقمي، ويعرض على أصدقائه الأربعة الذين تجمعهم استراحة واحدة أن يؤسسوا إذاعة خاصة بهم، ويقنعهم بجدوى مشروعه الجديد وأهميته.
ويختبر "خريص" صلابة ومتانة العلاقة بين الأصدقاء الخمسة، الذين تختلف اهتمامات كل واحد منهم، فيجهزون مكتبا خاصا بالإذاعة الجديدة، وتنضم إليهم رغد، معدة المحتوى في إذاعة نجد، كونها لم تجد التقدير في عملها.
وتبدأ المفارقات والصراعات منذ لحظة تأسيس إذاعة خريص، فخالد يحاول أن يتفهم طبيعة شخصيات أصدقائه، الذين فقدوا الكيمياء بينهم لحظة جلوسهم أمام المايكروفون، فيما يحاول المنافسون من إحدى قنوات اليوتيوب أن يشتروا تجهيزات الإذاعة والمحتوى، ومنح شباب "خريص" فرصة العمل تحت مظلة قناتهم، خصوصا بعد نجاح تجربة البث الأولى لهم، لكنه الطلب الذي قوبل بالرفض الشديد والفوري من خالد، فيما وجده أصدقاؤه فرصة ذهبية خسروها، ولن تعوض.
الصراع بين الأصدقاء يدخل في مرحلة جديدة حينما تنضم إلى إذاعة خريص فتاة مشهورة، من إحدى القنوات المنافسة، وأسست لنفسها برنامجا مستقلا بشرط تقاسم الإعلانات، وهي الفكرة التي وجدها الأصدقاء جيدة، لم ترق لخالد في البداية.
ولم يدم السلام طويلا، حتى دخلت علاقة الأصدقاء ببعضهم في مأزق جديد، بعد أن أضحى لكل فرد منهم برنامج خاص به، وأصبحوا يتنافسون فيما بينهم على الظفر بأكبر قدر من المتابعين والمعجبين، والمفاخرة بذلك، وازداد الأمر تعقيدا بعد احتراق أحد الاستوديوهات أثناء التصوير، ودخول أموال الرعاة إلى الإذاعة، لتكون القشة التي قصمت ظهر البعير.

يوم الصداقة

يصادف عرض مسلسل خريص هذه الأيام الشهر الذي يتضمن اليوم الدولي للصداقة، الذي حددته منظمة الأمم المتحدة في 30 يوليو، ونال نصيبا وافرا من المسلسلات والأفلام السينمائية، حيث كانت الصداقة فيها إما قضية أساسية، أو ثانوية، أو محورا للصراع، تخاطب الجمهور وتستميلهم من خلال إحدى أهم القيم الإنسانية.
فسحر كلمة "صداقة"، جعلها قضية جاذبة للجمهور، يستخدمها المخرجون لصنع حبكة مشوقة، مثل الأصدقاء الذين يخوضون مغامرات مسلية، أو الصداقة بين الجنسين، وحتى الصداقة بين الإنسان والحيوانات، وكذلك الكائنات الفضائية والروبوتات، فضلا عن المهام التي تثقل كاهل البطل، ولا يحل عقدتها إلا الصديق، وإن فرقتهم الأيام والأحداث والمواقف الصعبة.
وفي المقابل، ظهرت في السينما والدراما ثيمة الصديق الوفي والآخر الخائن، التي تجسدت في عشرات الأفلام، من أبرزها فيلم "اللص والكلاب"، عن رواية الأديب الراحل نجيب محفوظ، وتتناول الشاب الذي يسطو على منازل الأغنياء، فيبلغ عنه صديقه ويسجن، ولم يكتفِ الصديق الواشي بذلك، بل أخذ منه أيضا الزوجة والابنة والبيت.
ومن أشهر الأفلام المعاصرة التي تناولت فكرة الصديق الخائن، فيلم "إبراهيم الأبيض"، الذي قدم لصديقين هما إبراهيم من بطولة الفنان أحمد السقا، وعمرو واكد بشخصية عشري، وحينما أوقع الأخير بإبراهيم الأبيض، قال له جملته الشهيرة "بعتني بكام يا عشري؟"، التي لا تزال عالقة في الأذهان، وبقيت كمثال، يقال في فراق الصديق.

الأكثر قراءة