ألعاب الجوال تسحق ألعاب المنصات
أثبتت أزمة فيروس كورونا أنها مصدر ثراء كبير لصانعي ألعاب الفيديو، بعدما لجأ المستهلكون الممنوعون من الخروج بسبب الإغلاق إلى الملهيات الرقمية بأعداد أكبر من أي وقت مضى.
لكن في حين تمتعت المجموعات الكبيرة المدرجة في البورصة مثل نينتندو، وأكتيفيشن بليزارد، وتيك تو Take Twoبارتفاع أسعار أسهمها أكثر من 25 في المائة منذ أوائل آذار (مارس)، إلا أن مجموعة من استوديوهات ألعاب الجوال، وكثير منها مملوكة للقطاع الخاص، تمتعت بمكاسب حقيقية.
فإلى جانب الارتفاع المفاجئ في وقت الفراغ بين سوق جاهزة تتألف من أكثر من ملياري مالك للهواتف الذكية، حصدت مكافآت انخفاض أسعار الإعلانات عبر الهاتف المحمول، في الوقت الذي خفضت فيه الشركات الأخرى في القطاع ميزانياتها التسويقية.
قال أليكسيس بونتي، كبير الإداريين التشغيليين في استيلفرنت Stillfront، وهي مجموعة ألعاب مجانية مقرها في ستوكهولم ارتفع سعر سهمها أكثر من الضعف منذ منتصف آذار (مارس): "أعطى ذلك مدخلا ضخما لشركات مثل شركتنا. حصلنا على تأثير مزدوج - زيادة العضوية (نمو الاستخدام) لكن أيضا تأثير التسويق الأكثر كفاءة (...) كان ذلك ضخما".
من المتوقع الآن أن تصل إيرادات ألعاب الجوال، التي يتضاءل إلى جانبها منذ الآن الإنفاق على أجهزة الكمبيوتر الشخصي وألعاب المنصات، إلى 100 مليار دولار هذا العام، وفقا لمجموعتي البيانات App Annie وIDC، أي أكثر من ثلاثة أضعاف المبلغ الإجمالي للألعاب على منصات نينتيندو سويتش وإكس بوكس وان Xbox One وبلاي ستيشن 4.
الشركات التي من قبيل إيبك جيمز Epic Games، التي تصنع لعبة فورتنايت Fortnite، وشركة بلايريكس Playrix المختصة بتطبيقات الألغاز، وشركة بلايتيكا Playtika التي تصنع ألعاب الجوال، كانت تنفق ما يزيد على مليوني دولار يوميا على الإعلانات الرقمية في أواخر آذار (مارس) ونيسان (أبريل) وأيار (مايو).
قال ستيفان كورجان، كبير الإداريين التشغيليين السابق في شركة كينج، التي تصنع لعبة كاندي كرش ساجا: "كل مطور آخر ينظر إلى هذا على أنه شيء غير مسبوق".
يقول كورجان، الذي انضم أخيرا إلى مؤشر مستثمري التكنولوجيا Index Ventures، إن هذا الحجم الكبير بحد ذاته يمنح شركات ألعاب الجوال مكاسب من الوباء أكبر من ناشري وحدات التحكم، خارج أكبر الألعاب الناجحة.
يضيف: "الأغلبية العظمى من أجهزة الكمبيوتر الشخصي ووحدات التحكم لم تستفد حقا. صناعة اللعب المجاني للجوال هي التي شهدت ارتفاعا كبيرا في الإيرادات المادية".
قفز الإنفاق الأمريكي على ألعاب المنصات - بما في ذلك الأقراص المادية والتنزيلات من المتاجر الرقمية لألعاب إكس بوكس وبلاي سيتشن ونينتندو - إلى 662 مليون دولار في نيسان (أبريل)، بزيادة 55 في المائة على أساس سنوي، وفقا لشركة أبحاث السوق NPD، مع ارتفاع المبيعات في أيار (مايو) 67 في المائة إلى 438 مليون دولار.
في أوروبا وحدها، ارتفع الإنفاق على ألعاب الهاتف المحمول 12 في المائة بين شباط (فبراير) وآذار (مارس) إلى 740 مليون دولار، وفقا لـ"سنسر تاور"، مسجلا رقما قياسيا شهريا جديدا للمنطقة في وقت من العام يتميز عادة بانخفاض ما بعد عيد الميلاد.
على الصعيد العالمي، قفزت المدفوعات اليومية "داخل التطبيقات" لألعاب الجوال - للأشياء التي من قبيل تطبيقات extra lives والعناصر الافتراضية وملابس الصور الرمزية "أفاتار" - 24 في المائة منذ بدء الوباء، وفقا لشركة يونيتي المزودة لتكنولوجيا الألعاب. في الوقت نفسه، قام مستخدمو الهواتف الذكية بتثبيت تطبيقات بنسبة 84 في المائة أكثر من الفترة نفسها من العام الماضي.
وجدت شركة يونيتي أن متوسط تكلفة التثبيت للتطبيقات - السعر الذي يجب على ناشري الألعاب دفعه مقابل الإعلانات، التي تقنع اللاعبين الجدد بتنزيل تطبيقهم - انخفض 33 في المائة "بشكل غير مسبوق" خلال الفترة من آذار (مارس) إلى نيسان (أبريل).
أدى ذلك إلى صراع على الحصة السوقية، أدى بدوره إلى طفرة الألعاب أثناء الإغلاق. ونظرا إلى أن كثيرا من المسوقين الآخرين سحبوا أموالهم من المزادات عبر الإنترنت التي تحدد معظم أسعار الإعلانات، انقضت شركات الألعاب للاستفادة من التكاليف المتدنية للوصول إلى ملايين اللاعبين على "جوجل" و"فيسبوك"، والشبكات الأخرى.
في الأعوام الأخيرة، أصبح ناشرو ألعاب الجوال المجانية من بين أكثر المسوقين مهارة عبر الإنترنت، حيث قاموا بضبط دقيق لنظام يعتمد على الاختبار والقياس المستمر.
أصبح تتبع تكلفة التثبيت وقيمة إدامة الحياة هاجسا كبيرا لناشري الألعاب، مثل روبلوكس Roblox للمراهقين.
قال ثور فريدريكسون، الرئيس التنفيذي لشركة تي تايم جيمز Teatime Games، وهي شركة ناشئة مقرها في ريكيافيك أطلقت تطبيق اختبار جديدا، Trivia Royale، في منتصف شهر حزيران (يونيو): "ركزت صناعة ألعاب الجوال بالكامل على هذين الأمرين الرئيسين. هي في الأساس آلة لتوليد المال بالمراجحة. هذا هو مجال الأعمال بأكمله الآن".
تعزيز ميزانيات التسويق في وقت يتسم بانعدام يقين عالمي هائل كان مع ذلك مقامرة بملايين الدولارات.
قال مسؤول تنفيذي في إحدى الشركات المطورة لألعاب الجوال الرائدة، كان ينفق مليوني دولار في اليوم على الإعلانات في ذروة الوباء: "كانت فترة مرهقة للغاية. كنا ننفق كثيرا من المال ولا نعرف ما إذا كان العالم سينتهي."
يبدو أن الرهان قد آتى ثماره بالنسبة إلى أفضل الألعاب ربحا، مثل PUBG Mobile وروبلوكس وكاندي كرش ساجا وجاردنز سكيبس Gardenscapes وفورتنيت، وفي الصين أونر أوف كينجز من شركة تنسنت - التي ظهرت جميعا بين أفضل ألعاب سنسر تاور من خلال الإيرادات العالمية لآذار (مارس) ونيسان (أبريل).
قال كورجان: "إذا نظرت إلى جداول المنافسات، فإن الأمر المثير للدهشة اليوم هو أن كثيرا من الألعاب في المراكز العشرة الأولى موجودة قبل خمسة أعوام. لم يتوقع أحد ذلك".
لأعوام كان المستثمرون ينظرون إلى الألعاب على أنها نشاط تجاري مدفوع بالألعاب التي تحقق نجاحا كبيرا. مثلا، لعبة إنجري بيردز ذائعة الصيت، اليوم ستطيح بها اللعبة الرائجة غدا. ظهور "العمليات الحية" التي يتم فيها تعزيز الألعاب باستمرار بمستويات أو ميزات أو أحداث موسمية جديدة، تحدى هذا الرأي. ينظر إلى الأمر الآن على أنه من الأسهل الحفاظ على لعبة رائجة حاليا على الجوال، بدلا من الخروج بلعبة أخرى.
قال بول ميرفي، وهو شريك في شركة نورث زون لرأس المال المغامر ومؤسس شركة دوتس لتطوير ألعاب الجوال: "انظر إلى أفضل شركات استوديوهات الألعاب. عدد الذين ينتجون في الواقع لعبة ناجحة ثانية أو ثالثة أو رابعة منخفض للغاية".
هذا يرفع تقييمات الاستوديوهات ذات الملكية الفكرية القوية التي يمكن للناشرين الأكبر حجما أن يضعوا قواهم التسويقية وراءها. ارتفعت مضاعفات مطور ألعاب الجوال من خمسة أضعاف الأرباح قبل الدخل والضرائب والاستهلاك والإطفاء إلى ما يصل إلى عشرة أضعاف.
في غضون ذلك، استمرت صناعة الصفقات. استحوذت زينجا الشهر الماضي على بيك Peak، المعروفة بلعبة توون بلاست Toon Blast، مقابل 1.8 مليار دولار.
قال ميرفي: "إنهم يحققون النمو عن طريق الشراء - كل شركات استوديوهات الجوال الكبيرة تفعل ذلك. شراء شركة أرخص من بناء شيء ما".
في حين أن علم استخدام مقاييس تكلفة تثبيت التطبيق وقيمة الحياة الأبدية لاستخلاص الامتيازات المعروفة مفهوم جيدا، إلا أن لا أحد يعرف ما سيحدث الآن بعد أن بدأت عمليات الإغلاق بالتراجع. يرى كثيرون في الصناعة ميزات الشبكات الاجتماعية كمفتاح لاستبقاء اللاعبين.
قال بونتي: "الشيء الآخر الذي حقق نتائج جيدة (خلال الوباء) هو كل ما يتعلق ببناء المجتمع المحلي. نحن لا نرى هؤلاء الناس يغادرون".
تم تصميم تريفيا رويال من شركة تي تايم جيمز لتعزيز الاتصال من خلال الصورة الكرتونية، على غرار بيتموجي من سناب أو أنيموجي من أبل، التي تستخدم الكاميرا الأمامية للهاتف الذكي لمحاكاة ردود فعل اللاعب وتعبيراته.
انطلقت تريفا رويال إلى أعلى جداول متجر تطبيقات آيفون في الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع الماضي، وفقا لـApp Annie. لكن فريدريكسون يعترف بأن إطلاق لعبته الجديدة خلال فترة الإغلاق كان من قبيل الصدفة أكثر منه استراتيجية.
قال: "ارتفع الاستخدام في الهواتف المحمولة بشكل كبير في الأشهر القليلة الماضية، لذلك سيبدو الأمر جيدا بالنسبة إلى الألعاب التي لدينا. لكن ربما يشعر الناس بالملل إلى ما لا نهاية من لعب كل هذه الألعاب على هواتفهم الجوالة وسيرغبون في الخروج إلى الشمس".