قنبلة الديون الأمريكية الجديدة «2 من 2»

للحديث عن كيف يتسنى لنا حل ديون الحرب الضخمة في الولايات المتحدة هنا؟ تبرز ثلاثة عوامل. أولا، سجل الاقتصاد الأمريكي نموا سريعا. فمن أواخر أربعينيات إلى أواخر خمسينيات القرن الـ 20، بلغ النمو السنوي في الولايات المتحدة نحو 3.75 في المائة في المتوسط، ما ساعد على تحويل إيرادات ضخمة إلى الخزانة. علاوة على ذلك، كان المصنعون الأمريكيون يواجهون قلة من المنافسين الدوليين. فبسبب الحرب تحولت المصانع البريطانية والألمانية واليابانية إلى أنقاض وكانت مصانع الصلب البدائية في الصين بعيدة كل البعد عن تصنيع السيارات والأجهزة المنزلية.
ثانيا: ارتفع التضخم بعد الحرب مع إلغاء الحكومة ضوابط الأسعار. في الفترة من آذار (مارس) 1946 إلى آذار (مارس) 1947، قفزت الأسعار بنسبة 20 في المائة، حيث عادت لتعكس التكاليف الحقيقية لممارسة الأعمال. لكن لأن عائدات السندات الحكومية كانت أقل كثيرا من الارتفاع الذي طرأ على الأسعار بنحو 76 في المائة في الفترة من 1941 إلى 1951، فقد انخفضت التزامات الدين الحكومي بشكل حاد بالقيمة الحقيقية.
ثالثا، استفادت الولايات المتحدة من تقييد أسعار الاقتراض لفترة طويلة. فكان متوسط مدة استحقاق الدين في عام 1947 أكثر من عشرة أعوام، وهو ما يعادل ضعف متوسط المدة اليوم. ونظرا لهذه العوامل الثلاثة، انخفض الدين الأمريكي إلى نحو 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية إدارة دوايت أيزنهاور عام 1961.
ما درس اليوم إذن؟ بادئ ذي بدء ينبغي لوزارة الخزانة الأمريكية أن تعطي أطفال الغد الفرصة بإصدار سندات مدتها 50 إلى 100 عام مع الإبقاء على أسعار الفائدة الضئيلة اليوم سارية مدى الحياة.
لأولئك الذين قد يعترضون بحجة أن الحكومة قد لا تكون موجودة في غضون 50 إلى 100 عام، من الجدير بالذكر أن عديدا من الشركات نجحت بالفعل في بيع سندات طويلة الأجل من هذا النوع. عندما أصدرت شركة ديزني سندات "الجمال النائم" لمدة 100 عام في عام 1993، تهافتت عليها السوق. وحظيت سندات نورفولك ساوزرن باستقبال مماثل عندما أصدرت سندات مدتها 100 عام في عام 2010. تخيل شراء سندات مدتها قرن من الزمن من شركة سكك حديدية. كما أصدرت شركات مثل كوكاكولا، وآي بي إم، وفورد، وعشرات من الشركات الأخرى ديونا مدتها 100 عام.
على الرغم من حقيقة مفادها أن عديدا من مؤسسات التعلم تضررت بفعل الجائحة، فقد أصدرت جامعة بنسلفانيا، وجامعة ولاية أوهايو، وجامعة ييل أيضا سندات مدتها 100 عام. وفي عام 2010، اختطف المشترون سندات المكسيك التي كانت مدتها 100 عام، رغم تاريخ من تخفيضات القيمة يعود إلى عام 1827. وفي وقت أقرب إلى الزمن الحاضر، أصدر كل من إيرلندا، والنمسا، وبلجيكا سندات مدتها 100 عام.
من المؤكد أن مدة أطول لن تكون كافية لحل مشكلة الديون إذ تحتاج الولايات المتحدة بشدة إلى إصلاح برامج التقاعد أيضا. لكن هذه مناقشة ليوم آخر.
أخيرا، ماذا عن تجربة ما بعد الحرب مع التضخم؟ هل ينبغي لنا أن نحاول إطلاق الأسعار إلى طبقة الستراتوسفير لتقليص الديون؟ أنصح بخلاف ذلك. فلم يعد المستثمرون الجمهور الأسير الذي كان في الأربعينيات. الآن، يستطيع "حراس السندات" أن يكتشفوا خطط خفض القيمة مقدما، ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفائدة وتقليل قيمة الدولار والقوة الشرائية بين الأمريكيين معه. وأي محاولة للتخلص من الدين عن طريق التضخم من شأنها أن تفضي إلى طفرة لمصلحة حاملي ومكتنزي الذهب والعملات الرقمية المشفرة.
على النقيض من الحملات العسكرية لن تنتهي الحرب ضد كوفيد - 19 بغارة قصف، أو معاهدة، أو احتفالات في "تايمز سكوير". بدلا من ذلك يجب أن تكون الصورة التي نضعها نصب أعيننا لقنبلة موقوتة من الديون. وبوسعنا أن ننزع فتيل هذه القنبلة، لكن فقط إذا تمكنا من كسب المعركة ضد الجمود السياسي والغباء. لن تنتهي هذه الحرب بانفجار، لكنها قد تنتهي بالإفلاس.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي