الفائزون والخاسرون في اقتصاد الجائحة «2 من 2»

الأزمة الحالية تعمل بالفعل على تعزيز قيمة شركات بعينها، فمن الأهمية بمكان أن نسأل أنفسنا من يمتلك القسم الأعظم من سندات هذه الشركات. من المؤكد أنها ليست الأسر والشركات الخاصة التي كانت ميزانياتها أضعف من أن تتمكن من امتصاص الصدمات. إن الشركات عالية التقييم اليوم مملوكة لأفراد ومؤسسات ميزانياتها العمومية كبيرة بالفعل بالقدر الكافي لتوفير وسادة من المرونة الاقتصادية.
عندما تتضح الأحوال في مرحلة ما بعد الجائحة، فربما تتمتع القطاعات الكثيفة العمالة ذات رأس المال غير المادي الأدنى لكل موظف بفترة من الأداء المتفوق مع استردادها عافيتها. ومع ذلك، حتى في هذا السيناريو، من المرجح أن تتوسع بصمة الاقتصاد الرقمية، وسيستمر الاتجاه الأساسي الذي يحابي رأس المال غير المادي ومن يملكونه.
ليس من المستغرب أن تتمتع القطاعات ذات رؤوس الأموال غير المادية الكثيفة بميزة واضحة. ففي القسم الأعظم من الأمر، تميل هياكل تكاليفها بشكل غير طبيعي نحو التكاليف الثابتة والتكاليف الهامشية المنخفضة أو الضئيلة للغاية. وهذا يجعل بعض المنصات قابلة للتطوير بشكل كبير، ما يمنحها بدوره قوة عاتية من حيث التسعير والقدرة على الوصول إلى الأسواق.
يستطيع المرء أن يستخلص بعض الاستنتاجات من هذه الحقائق. بادئ ذي بدء، تسبب اقتصاد الجائحة في التعجيل باتجاه ما قبل الجائحة الذي يفضل إيجاد القيمة للأصول غير المادية من خلال الشركات حيث عدد الموظفين أقل نسبيا. وبوسعنا أن نتوقع استمرار هذا الاتجاه، وإن لم يكن بالوتيرة المتسارعة التي تستحثها الجائحة. وستتعافى الأعمال التقليدية، لكن الانفصال بين إيجاد القيمة عبر الشركات اعتمادا على الأصول غير المادية لكل موظف سيستمر، ويظل يشكل تحديا اقتصاديا واجتماعيا كبيرا.
تعكس فكرة التباعد بين الأسواق والاقتصاد التركيز الضيق على مؤشرات بعينها. لكن أي مؤشر منفرد غير قادر على تقديم ملخص مفيد للسوق ككل، فضلا عن الظروف والاتجاهات الاقتصادية. وفي اقتصاد الجائحة، تحجب مؤشرات أسواق الأسهم أكثر مما كانت لتحجبه خلافا لذلك، وهو ما يرجع إلى التباينات الضخمة في النتائج الاقتصادية بين القطاعات ولمصلحة الأشخاص الذين يعملون فيها.
أخيرا، نظرا للمساهمة الضخمة من جانب الأصول الرقمية غير المادية في إيجاد القيمة، فمن الصعب أن نرى أي طريقة لعكس اتجاه التفاوت المتزايد الاتساع في الثروة. ولأن الميزانيات العمومية لمن هم عند أدنى سلم الدخل والثروة تكون إلى حد كبير خالية من الأصول ذات المحتوى غير المادي والرقمي المرتفع، فإن مكافآت الديناميكيات الاقتصادية والتكنولوجية الحالية ستتجاهلهم.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي