خيانة الوقت
جميل أن يكون لدى كل منا هوايات متعددة. لكن الأجمل أن نركز على إحداها وننميها بشكل مكثف ومركز، فهناك أسماء لمعت في عدة حقول، لكنها نادرة ومحدودة استثناء وليست قاعدة. عندما تركز في حقل واحد سيزهر ويزدهر ويخضر ويسعدك. ازرع حقلك واروه بحبك وعطائك واهتمامك ووقتك، وستراه يانعا مرتفعا مبهجا. عاصرت أحد الزملاء الذي كان يملك هوايات عديدة، يحاول أن يستقطع وقتا لكل منها، ولكن النتيجة كانت أنه لم يحقق النجاح الحقيقي في أي منها، كان تائها ضائعا محبطا بينها البعض من كل شيء قليل.
أستذكر حوارا للدكتور نجم عبدالكريم قال فيه:
"طلعت إعلاميا فاشلا لأنني أردت أن أكون سينمائيا ففشلت أن أكون سينمائيا، وأردت أن أكون مخرج مسرحيات فما وفقت، وانتهيت إلى كاتب، وربما كاتب ليس من الكتاب الذين يشار إليهم بالبنان. ولذلك أقول: التخصص الإعلامي رائع جدا، وأوصي كل الشباب، ومن يطالعونني الآن أن تجدد مع الجديد الذي تفرزه الحضارة الإنسانية، وفي الوقت نفسه تخصص.
لا تصر مثل نجم عبدالكريم الذي ترهل، ولم يمسك بأي واحدة من فنون الإعلام، فأصبح بين هذه وتلك". أعلم صعوبة أن تخذل هواية تحبها، ولكن ذلك أفضل من خيانة وقتك ومستقبلك.
تخصص وركز وحدد وجهتك واتجاهك.
إرساء هواية معينة كي تجعل منها حرفة ومهنة ومستقبلا، يتطلب منك التضحية لتحقق الهدف المنشود. نجني على ساعاتنا عندما نشتتها. نظلم أوقاتنا عندما نهدرها دون انتباه. إن التركيز لا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه. نسمع كثيرا عن التحفيز والعواطف والقيادة والإلهام، ولكن لا يتم إيلاء كثير من الانتباه للدور الذي يلعبه التركيز في قدرتنا على أن نكون منتجين وفاعلين.
كلما ركزنا وحددنا أهدافنا استطعنا الوصول إليها بكل مهارة وكفاءة. وكما قيل مبكرا: الأقدام التي تمشي في كل اتجاه، لا تصل.