ما بعد البيع
أجمل صفة تبهرني في أحد الزملاء هي، تقارير المتابعة التي يقدمها بعد اعتماد أي مشروع يتبناه. يحرص أن يشعر فريق العمل بالتطورات المتلاحقة وخطوات سير العمل.
لا يدعك تسأله عن مشروعه. إنما يجعلك تعيشه لحظة بلحظة. كأنه يأخذك في رحلة تقدم المشروع على طريقة تقنية "التصوير الضوئي بمرور الزمن"، التايم لابس Time-lapse، التي ينتهجها المصورون لتوثيق فواصل زمنية لمشاهد متتالية في سلسلة مترابطة.
هذه المنهجية البديعة جعلت منه نجم فريقنا الأول. فهو يسبق سؤالك بإجابة. يلحقك ولا يدعك تلحقه.
أراقبه بإعجاب وتقدير. أتابع صعوده المهني والشخصي بحب.
كثير منا ينغمس في الإعداد للعرض والتخطيط له، وينسى خطوة محورية، وهي تنفيذ المشروع.
وأرى أن الأهم من ذلك هي تقارير متابعة المشروع، التي تفحص وتقيس النبض، للاطمئنان على خطوات العمل.
دعاني ذلك الزميل اللافت أخلاقا وعملا، إلى الإيمان الكبير بنظرية "خدمات ما بعد البيع".
لا أقصد المفهوم الشائع الذي يتبعه بائعو السيارات، إنما في ميادين الحياة الواسعة.
فخدمات ما بعد البيع لا تقتصر على العمل التجاري فحسب، بل جميع المناحي.
تخيل أن تصلك رسالة جميلة بعد اجتماع أو لقاء أو حوار.
سيكون لها مدلولات أعمق من تلك التي اندلعت خلال اللقاء. الكل يستطيع أن يقول كلاما جميلا خلال اللقاء، لكن القليل الذي سيسكبه بعده.
الاختبار الحقيقي هو ما بعد دائما. كيف ستحافظ على هذه العلاقة، وتستثمر فيها طويلا.
أكثر الأشخاص الناجحين هم القادرون على إدارة ما بعد البيع. ما بعد إبرام الصفقات. ما بعد الاجتماع. من لا تشغلهم اللحظة عما بعدها.
جميل أن تحتفي بالمنجز الحالي. لكن الأجمل هو، أن تحتفي بالرحلة كلها. والرحلة طويلة ومستمرة.
ما يميز أبرز العلامات التجارية هو، إتقانها لخدمات ما بعد البيع. لا يبيعك منتجا ويغادر. يعمل على الحصول على ولائك واهتمامك وعلاقتك. يوفر كل ما يجعل تجربتك مميزة لتكررها مرارا. يخسر قليلا ليكسب كثيرا.
وهكذا هي تجاربنا مع الأشخاص. اللحظة الأولى غير كافية. استثمر فيها لتتكرر وتدوم وتثمر.
فكر دائما فيما بعد. وستذهب إلى أبعد مما تعتقد.