المملكة في الـ 90
تصادف الاحتفالات باليوم الوطني في هذا العام بلوغ المملكة سن الـ 90 عاما. والـ 90 عاما في عمر تاريخ الدول العظمى .. هو سن الشباب والحيوية، أو لنقل هو سن التنمية والبناء والقوة.
ورغم أن المملكة في احتفالها الـ 90 تواجه جائحة كورونا مثلها مثل كل دول العالم، إلا أن المواطن السعودي يتدفق حيوية ونهما للاحتفال بهذه المناسبة الوطنية الغراء، بل إن المواطن يعد الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في 1932 الذي غير بموجبه اسم مملكته السعودية الفتية من المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها.. إلى اسم المملكة العربية السعودية من أهم الأوامر الملكية في تاريخ المملكة، لأنه كان تعبيرا صادقا وأمينا عن مشاعر كل مواطني هذا الوطن العظيم، حتى أصبح هذا الوطن الكبير غرة في جبين كل مواطن سعودي ومثلا أعلى يفتخر به في كل المناسبات والمواجهات.
كان الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يهدف من وراء هذا الأمر الملكي أن يكون هذا اليوم الوطني في هذه الدولة الأمينة هو يوم لكشف الحساب والمراجعة، أي في هذا اليوم من كل عام يجب أن نتوقف ونستعرض الإنجازات التي تحققت للوطن، ونقارن بين إنجازات حقبة مضت، بإنجازات حقبة مقبلة وتالية، بمعنى أن اليوم الوطني ليس يوما للتعبير عن الفرحة الرومانسية العابرة فقط، وإنما هو يوم للمراجعة واستعراض شامل لبرامج التنمية، ومن حق المواطن أن ينظر إلى الماضي الجميل من أجل أن يتقدم خطوات إلى الأمام لتحقيق المستقبل الأجمل.
إذا كنا نريد أن نستعرض ما أنجزناه في الأعوام القليلة الماضية، فإننا نستطيع القول، إنها من أعظم الأعوام التي مرت على تاريخ المملكة الحديثة، ويجدر بنا أن ننوه بأنه في الأعوام القليلة الماضية شهدت المملكة وضع رؤية السعودية 2030، التي توجت بمجموعة من المشاريع الاستراتيجية، التي ستضع المملكة في مصاف أكثر الدول تحقيقا للتنمية والبناء.
ونذكر على سبيل المثال مشروع نيوم، وهو عبارة عن مدينة عابرة للحدود السعودية والمصرية والأردنية، ويهدف إلى تحويل المملكة إلى نموذج عالمي رائد في مختلف جوانب الحياة. كذلك من المشاريع الترفيهية العملاقة مشروع القدية، وهو مشروع ترفيهي رياضي ثقافي، وتعود التسمية إلى "أبا القد" الطريق الذي كان يربط اليمامة بالحجاز، ويضم المشروع وادي القدية الذي كان يصب في وادي نمار ثم في وادي حنيفة.
وإذا كان حجم الإنجازات في الأعوام المقبلة بحجم الإنجازات السابقة نفسها، فإن المملكة ستنتقل بالفعل إلى مصاف الدول الناشئة، أي أنها ستقف جنبا إلى جنب مع البرازيل، والهند، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.
وبهذه المناسبة فقد احتلت المملكة مكانا يليق بها في مجموعة العشرين الأكبر اقتصادا في العالم، كما سبق أن تصدرت المركز الأول على جميع الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط في كثير من المجالات سواء على صعيد الاقتصاد الدولي أو على صعيد الرقمنة، كما أن قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات سجل أعلى معدل لأسرع القطاعات الاقتصادية نموا في المملكة.
وربما يكون من المناسب أن نستعرض بإيجاز - لضيق المكان - التقدم الهائل الذي تحقق في المجال التقني، وهو الجانب الأساس في عمليات التطور والتقدم الذي حققته المملكة.
إن السعودية تتجه اليوم لخيار الاقتصاد الرقمي، لأنه الحل الحتمي للخروج من قوالب التعليم المعلب إلى مجالات التعليم الرقمي الواسع الأرجاء، وتدفع حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز المجتمع السعودي إلى هذا الاتجاه بغية تحقيق الإنجازات بمعدلات ومستويات أعلى، ويقف المليك المفدى شخصيا خلف هذه الإنجازات.
ومن حسن الطالع أن التقدم في مجالات التعليم التقني والإلكتروني بين شرائح الشباب بدأ يتمحور في آفاق الكليات والجامعات السعودية، وعندما تصل مخرجات التعليم في الجامعات السعودية إلى مستوى عال في مجال تقنية المعلومات نكون قد وضعنا أقدامنا على بداية الطريق جنبا إلى جنب مع الدول الناشئة، أيضا فإن المملكة في مجال القوة الناعمة حققت إنجازات رائعة ولافتة وغير مسبوقة، بحيث نستطيع القول، إن المجتمع السعودي يقف على أبواب التحول من ثقافة مجتمع الاستهلاك إلى ثقافة مجتمع الإنتاج.
وبصورة عامة نستطيع القول، إن جيل الشباب اليوم يعبر عن نفسه بالصوت والصورة عبر استخدامات واسعة للإنترنت، وتقدم رقمي وذكي في مجالات النانو المختلفة، وأصبح قادرا على امتلاك الوسائل السمعية والبصرية التي تجعله قادرا على استخدامات الإنترنت فائقة السرعة.
إن اليوم الوطني يعد من الأيام الخالدة في تاريخنا المجيد، لأنه اليوم الذي حقق فيه المواطن السعودي أمنيته في العيش في كنف وطن يرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي ظل حكومة عاهدت الله - سبحانه وتعالى - على تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء. إذن السعودية وهي تحتفل بيومها الوطني الـ 90 يجدر بها أن تفتخر بما أحرزته وأنجزته من تقدم في مجالات تقنية المعلومات التي تعد مفتاح الحضارة والتقدم.