سباق عالمي في مضمار الطاقة النظيفة

تم تعريف الطاقة النظيفة بأنها الطاقة التي لا تلوث الغلاف الجوي، وغالبا ما تكون هذه الطاقة نوعا من أنواع الطاقة المتجددة وهي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الكهرومائية والمحيطات والطاقة الحرارية الأرضية والكتلة الحيوية والهيدروجين. كما يمكن توفير الطاقة النظيفة من خلال مقاييس كفاءة استخدام الطاقة. ويجري حاليا ثورة الطاقة النظيفة مع توسع قطاع الطاقة المتجددة وتطوره في المملكة وحول العالم.
من مؤشرات التوسع في استخدام الطاقة النظيفة على سبيل المثال ما يحدث في الولايات المتحدة، حيث يشهد هذا القطاع ازدهارا، ويشكل حاليا 18 في المائة من إجمالي توليد الطاقة في الولايات المتحدة مقارنة بـ 10 في المائة عام 2010. وأصبحت الطاقة المستدامة سائدة، حيث أنتج الغاز الطبيعي والطاقة المتجددة 56 في المائة من الكهرباء في الولايات المتحدة في 2019 مقارنة بـ 34 في المائة في 2010 كما عمل قطاع الطاقة المتجددة، جنبا إلى جنب مع كفاءة الطاقة والغاز الطبيعي، على توفير 3.2 مليون فرصة عمل في الولايات المتحدة.
أما المملكة ومع "رؤية 2030" فقطعت شوطا مهما في تبني عديد من المبادرات والسياسات، حيث أشار تقرير "الاتجاهات العالمية في الاستثمار في الطاقة المتجددة لعام 2020" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومركز فرانكفورت للبيئة المتعاون مع البرنامج، اتجاهات الاستثمار لعام 2019، والتزامات الطاقة النظيفة التي قطعتها الدول والشركات على نفسها للعقد المقبل، إلا أن السعودية استثمرت ما قيمته 500 مليون دولار في قدرات الطاقة المتجددة في 2019 لتحقق بذلك نموا قدره 53 في المائة. وجاءت السعودية في الموقع الرابع بين دول منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.
وقد وضعت الدولة نصب أعينها هدفا مهما يتمثل في تحقيق توسع في الطاقة المتجددة وذلك تماشيا مع "رؤية 2030"، ومن أجل بناء هذا القطاع تم وضع هدف أولي لتوليد 9.5 جيجاواط من الطاقة المتجددة. وبذلك تبنت المملكة عديدا من السياسات والمشاريع والبرامج:
- إقامة مدينة نيوم التي تعد أحد أبرز مشاريع "الرؤية"، وأكثرها طموحا، في جميع المجالات المتعلقة بالطاقة، تتميز "نيوم" بمناخ يتيح لها توليد طاقة متجددة لا تضاهى، ذات أسعار تنافسية، بفضل إشعاعات الشمس القوية وسرعة الرياح. ستوجد "نيوم" قطاعات جديدة وتطلق حقبة جديدة لتحويل الطاقة عبر إنتاج الهيدروجين الأخضر H2. ومن خلال الاستفادة من انخفاض تكلفة الطاقة النظيفة والاعتماد على نظام خال من الكربون لتوليد الطاقة، تسعى "نيوم" إلى تطوير قطاعات متطورة قادرة على قيادة التوجهات العالمية، كل ذلك بهدف جعل "نيوم" منطقة رائدة في العالم، تعتمد على الطاقة المستدامة لتوفير جميع احتياجاتها من الطاقة.
- ركز الاجتماع الوزاري الـ 11 لمؤتمر الطاقة النظيفة، الذي أقيم كتحضير لمؤتمر وزراء الطاقة لمجموعة العشرين الذي يقام تحت شعار "دعم التعافي وتشكيل المستقبل" على مسألتين رئيستين هما: دعم الانتعاش الاقتصادي السريع والمستدام من آثار جائحة فيروس كورونا المستجد، ورؤية وطموح أعضاء المؤتمر للعقد المقبل فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، وذلك بما يتسق مع أهداف مهمة المؤتمر لتسريع الانتقال نحو طاقة نظيفة تركز على إدارة الانبعاثات.
- تبنت المملكة، أثناء رئاستها لمجموعة العشرين نهج الاقتصاد الدائري للكربون كإطار عمل لتعزيز الحصول على طاقة مستدامة وموثوقة وأقل تكلفة، الذي يشمل مجموعة متنوعة من حلول وتقنيات الطاقة المبنية على البحث والتطوير والابتكار، وذلك ضمن الهدف العام الذي ترفعه هذا العام والمتمثل في "اغتنام فرص القرن الـ 21 للجميع"، حيث يطبق مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون التعامل مع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال أربعة محاور: الخفض وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير والإزالة بهدف.
- كما مثل الاجتماع الوزاري الخامس فرصة لتحديد مستقبل التعاون العالمي في مجال الابتكار لتحديد مستقبل التعاون العالمي في مجال الابتكار الذي أقيم يوم 23 أيلول (سبتمبر) خلال المرحلة الثانية من مبادرة "مهمة الابتكار"، حيث تلتزم المملكة بتعزيز التقنيات والحلول التي تتعامل مع مشكلة الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، ضمن منصة الاقتصاد الدائري للكربون عبر تسريع عمليات البحث والتطوير، وتطبيق هذه التقنيات والحلول ونشر استخدامها.
- البرنامج الوطني للطاقة المتجددة الذي يمثل مبادرة استراتيجية تحت مظلة رؤية المملكة 2030 ومبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة ويستهدف البرنامج زيادة حصة المملكة في إنتاج الطاقة المتجددة إلى الحد الأقصى. وتعمل المملكة على تنفيذ البرنامج الوطني للطاقة المتجددة طويل المدى، وهو يهدف إلى تحقيق توازن في مزيج الطاقة الكهربائية والوفاء بمساهمات المملكة الطوعية لتجنب انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخرى، وزيادة حصة السعودية من الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة الكهربائية.
ومن المفترض أن يترك التوسع في قطاع الطاقة المتجددة أثرا إيجابيا في الوظائف في المملكة. فقد بلغ عدد العاملين في مجال الطاقة المتجددة بأنواعها كافة، أكثر من 11 مليون شخص على مستوى العالم وذلك في نهاية عام 2018، بحسب تقرير نشرته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا). وبحسب خطة وزارة الطاقة في السعودية وامتدادا لـ"رؤية المملكة" ومبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة، فإنه بحلول عام 2030، ستجد مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة عشرات الآلاف من الفرص الوظيفية حتى نهاية 2030، حيث تحتاج إلى تخصصات عديدة مثل: المالية والمحاسبة والعقود وإدارة المشاريع وهندسة التحكم والإلكترونيات، ومستقبلا خبرة في التعامل مع مصادر الطاقة المختلفة وربط مشاريع الطاقة المتجددة بالثورة الصناعية الرابعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي