شركات خليجية تفعل خيار القروض "الدوارة" مع المؤسسات المالية

شركات خليجية تفعل خيار القروض "الدوارة" مع المؤسسات المالية

علمت "الاقتصادية" أن شركات خليجية قامت في الفترة الماضية بتفعيل خيار التسهيلات الائتمانية المتجددة (القروض الدوارة) عبر الاتفاقيات التي أبرمتها مع المؤسسات المالية قبل الجائحة لتحصل على تمويل متدني الكلفة بغض النظر عن نوع العملة.
وجاء تسعير القروض المنخفض التكلفة كنتيجة لتعهدات مصرفية لما قبل الجائحة تم توقيعها مع عملائهم من الشركات.
ومن الإجراءات التقليدية الطبيعية أن تحرص إدارات الخزانة بتلك الشركات على التعاقد مع جهات مالية من أجل توفير سيولة مالية لدعم رأس المال العامل عند الضرورة، وتكون متجددة وعلى عدة شرائح متوزعة خلال فترات زمنية متقاربة، وفي العادة لا تلجأ الشركات لهذه السيولة الإضافية في الأوقات الطبيعية.
وعادة ما يتم تحديد الجانب التسعيري لها سابقا، باستثناء مؤشر القياس (الليبور في حال القروض الدولارية)، الذي يتداول عند مستويات متدنية تاريخية منذ نهاية الربع الأول من هذا العام.

وبرهنت الفترة الماضية على علو شأن "التسهيلات الائتمانية المتجددة" كل عام للشركات الخليجية بعد تأكيد موثوقيتها كأحد أهم المنتجات المالية إبان الجائحة، التي ساهمت بزيادة مخزون السيولة لدى المؤسسات في الأوقات، التي تواجه فيه تلك الشركات تحديات بأنشطتها الاقتصادية.
وازدادت الثقة بهذه المنهجية من إدارات الخزانة بعد الإغلاق المؤقت لأسواق الدين الدولية خلال شهر مارس وتوافر نوافذ إصدار قصيرة الأمد أوائل الربع الثاني، وكانت القروض الدوارة الخيار الأفضل والأسرع والأسهل خلال تلك الفترة المليئة بالتحديات.
وينطبق ما حصل في منطقة الخليج بما جرى بالأسواق الأوروبية والأمريكية عندما لجأت الشركات لتفعيل التعهدات، التي أبرمتها مع الجهات التمويلية قبل الجائحة.
في حين عانت الشركات الغربية العاملة بتلك الأسواق، ولا سيما، التي لم توقع سابقا للحصول على قروض ائتمانية دوارة، من مسألة ارتفاع تكلفة التمويل بعد الجائحة، وذلك على قروضها الجديدة بسبب تغير ظروف السوق.

توطيد العلاقة
من ناحية أخرى، نجحت البنوك، التي وطدت علاقاتها التجارية مع عملائها القدامى من الشركات، في تزويدهم بخطوط ائتمانية تنافسية، كانت فيها تكلفة القروض البنكية مقبولة بفضل "بنوك العلاقات" مقارنة بالاستدانة الخارجية الدولارية المرتفعة.
وتعمد البنوك إلى إقامة العلاقات مع العملاء أو توطيدها عن طريق تقديم تمويل رخيص نسبيا على أمل الفوز بمزيد من الأعمال في مجالات مثل تمويل التجارة وأسواق المال والأسهم.
وبعبارة أخرى، فقد أظهرت الجائحة وفاء "بنوك العلاقات العملية" مع عملائها القدامى، وذلك عبر تطبيق مفهوم "إقراض لإقامة علاقة تجلب أنشطة تجارية بالمستقبل من العميل"، وهذه تزيد تقدير العملاء لتلك المؤسسات المالية، التي تقف إلى جانبهم.

القروض المجمعة والتفاوض
ومع القروض المجمعة، يتم تحديد بضعة بنوك كبرى، ويتم توزيع حصص التغطية عليهم، وفي المرحلة الثانية يقوم كل بنك بتخصيص حصة أصغر لبنوك أخرى.
إحدى الطرق، التي تستخدمها الشركات الخليجية مع البنوك الدولية تدور حول أن البنوك، التي ستشارك في القروض المجمعة ستكون لديها فرصة أكبر لاختيارها من أجل ترتيب الإصدار القادم من أدوات الدين.
وبمعنى آخر أن على كل بنك يرغب في أن يكون مرتبا لإصدار السندات أو الصكوك الدولية أن يقدم أرخص تسعير للقرض، حيث تنظر البنوك الدولية إلى مثل هذه العمليات كوسيلة لتعزيز العلاقات مع العملاء الخليجيين.
ومن المعلوم أن العملاء الخليجيين ذا الملاءة المالية العالية يدخلون مفاوضاتهم مع البنوك الدولية تحت مبدأ "الحصول على قروض بتكلفة زهيدة" مقابل منح الأفضلية للبنوك الأكثر ولاء خلال الصفقات المستقبلية.

إطالة أجل القروض
ونشرت "الاقتصادية" تحليلا لها في الثالث من يونيو أشارت فيه إلى ازدياد وتيرة الشركات الخليجية، التي تفضل إطالة أجل القروض البنكية، التي اقتربت من دنو أجل استحقاقها، وبخلاف فائدة تحسين التدفقات النقدية وقائمة المركز المالي، فمن شأن تلك الخطوة أن تقود إلى تخفيض تكلفة الاستدانة، مقارنة بخيار توقيع قرض جديد أو إعادة تمويله.
وأسهم وجود بنود قانونية بالعقود الموقعة سابقا في تسهيل حصول بعض المقترضين على هذا الخيار القانوني، الذي يجنبهم دفع هوامش ائتمانية مرتفعة.
ويقصد بخيار إطالة أمد الاستحقاق أن بعض القروض البنكية يتم توقيعها لأجل عام واحد على سبيل المثال، لكن ضمن بنود العقد أن المقترض يملك خيار إطالة أجل الاستحقاق لعام آخر، وفق شروط تمويلية قريبة من الشروط الأصلية السابقة.

"الليبور" في تسعير القروض
ويولي العاملون في أسواق النقد القصيرة الأجل، وكذلك مصرفيو القروض أهمية بالغة لحركة "الليبور" (سعر الفائدة المعروض بين البنوك في لندن)، كما هو الحال مع "السايبور"، علما أن "الليبور" يعبر عن متوسط سعر الفائدة على المدى القصير.
ويتم تسعير معظم القروض الدولارية، وفقا للفائدة المتغيرة، التي تعتمد على حركة مؤشر الليبور الذي تتفاوت معدلاته، وفقا لآجال متفاوتة، حيث يتم اختيار الفائدة المتغيرة مع القروض المجمعة بشكل عام، فهامش تكلفة التمويل ثابت، لكن الذي يتغير هي الفائدة الخاصة بمؤشر القياس، بحيث تزداد أو تنخفض الدفعات الدورية مع كل إعادة تقييم لليبور، التي ستتم خلال أعوام استخدام القرض.
وعلى الرغم من أن الأغلبية العظمى من القروض المجمعة تكون بفائدة متغيرة، إلا أن هناك نسبة ضئيلة من القروض المجمعة تكون بفائدة ثابتة.

مروحية الأموال
ويعود سبب الهبوط المتواصل لأسعار الفائدة القصيرة الأجل، التي أثرت في جميع آجال "الليبور" إلى وفرة الأموال في الولايات المتحدة.
ومن ضمن الحلول غير التقليدية التي جلبتها الجائحة قيام الولايات المتحدة بمنح الأموال بشكل مباشر للمواطنين، من أجل تشجيعهم على إنفاقها، الأمر الذي يقود إلى تحفيز الإنتاج والتوظيف ومن ثم إعادة الاقتصاد إلى مستويات النمو التدريجي، ويعني هذا التصرف لدى الاقتصاديين بـ"مروحية الأموال".

القروض مقابل أدوات الدين
ولطالما شكلت مسألة تفضيل الاقتراض عبر "القروض المصرفية" أو عن طريق طرق باب "أسواق الدين" جدلا بين مديري الخزانة في الشركات السعودية، حيث إن الخيار الأفضل يعتمد على ظروف السوق.
ومثلا اللجوء لأدوات الدين في الوقت الحالي يمنح المصدرين السعوديين والخليجيين تكلفة تسعيرية مرتفعة (في حال تدني درجة التصنيف الائتماني للجهة المستدينة)، إلا أن أدوات الدين تتميز بأفضلية "تثبيت أسعار الفائدة "، وكذلك إطالة آجال الاستحقاقات لتصل إلى أكثر من عشرة أعوام، مقارنة بالقروض المجمعة، التي تصل معظم آجالها في الخليج إلى عام واحد أو بكثير خمسة إلى ثلاثة أعوام في حال كان القرض المجمع مقوما بالعملة الدولارية، فضلا عن كون المدفوعات الدورية تتغير قيمتها بحكم كونها مسعرة بالفائدة المتغيرة، وفقا لنوعية أجل المرجع التسعيري.
ويعود عدم قدرة معظم المصارف تقديم قروض بآجال استحقاق أطول إلى القيود التنظيمية، التي فرضتها المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة، ولا سيما من المعيار التاسع، الذي يتطرق للمعالجة المحاسبية الخاصة بالقروض وكيفية التطرق للمخاطر الناجمة منها.
وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة