كيف حصلت نظرية المزاد على جائزة نوبل

كيف حصلت نظرية المزاد على جائزة نوبل

إذا كنت أنا وأنت سنزايد ضد بعضنا بعضا في مزاد خيري، مثلا لتناول العشاء مع الأميرة ماري من الدنمارك، فليس هناك داع لتفسير كيفية عمل تفاصيل المزاد. أحدنا يعد فرصة العشاء مهمة له أكثر من الآخر، ويدفع أكثر، ويفوز.
لكن إذا كنت أنت وأنا نتنافس ضد بعضنا بعضا على معرفة المبلغ الإجمالي للنقد في محفظتينا، فإن المزاد يصبح أكثر إثارة للاهتمام بكثير. أنا أعرف فقط المبلغ الموجود في محفظتي وأنت تعرف فقط المبلغ الموجود في محفظتك. ينبغي لكل واحد منا أن يهتم بشدة بما يرغب الآخر في دفعه، لأنه إشارة واضحة إلى قيمة الجائزة.
الاقتصادي يصف المزاد الخيري لأمسية مع الأميرة ماري بأنه مزاد للقيمة الخاصة. لدي فكرتي الخاصة عن قيمة الأمسية، ولديك فكرتك، والسؤال الوحيد هو أي قيمة – وبالتالي عرض من هو الأعلى.
يعرف مزاد المحفظة بمزاد القيمة المشتركة. المبلغ في المحفظتين يساوي الشيء نفسه بالنسبة لكل منا. وما يزيد من عنصر التشويق في الموضوع أن كل واحد منا لديه قطعة من اللغز ولكن لا أحد منا يعرف كل شيء عن القيمة الحقيقية.
هذا يعطينا لمحة عن التعقيدات التي تنطوي عليها العملية التي يدل ظاهرها على أنها عملية بسيطة لإدارة مزاد أو تقديم عطاء في مزاد. يعود تاريخ المزادات إلى وقت طويل. منذ نحو 2500 عام، تحدث المؤرخ هيرودوتس عن الرجال الذين يزايدون على أكثر الزوجات جاذبية في بابل. تظهر المزادات أيضا في كتاب إدوارد جيبون "تاريخ تراجع وسقوط الإمبراطورية الرومانية"، وكذلك في يوميات صامويل بيبز.
يمكن القول إن المزاد قديم قدم السوق نفسها تقريبا. ما لا شك فيه هو أن المزاد تم اختراعه عدة مرات في الأسواق عندما كان يعرض بعض المشترين دفع أربعة دنانير لكل جرة من العسل الطازج، وقال الرجل المجاور له: "لا تقبل هذا السعر – سأعطيك خمسة".
تقاسم الاقتصادي ويليام فيكري جائزة نوبل للاقتصاد في 1996 جزئيا لعمله التأسيسي في نظرية المزادات. لكن عمل فيكري، على الرغم من كونه أنيقا لدرجة الجمال، إلا أنه لا يمنح الاقتصاديين الأدوات اللازمة لتحليل المشكلات العملية المعقدة في تصميم المزاد التي تقتضيها أوضاع العالم الحقيقي.
في هذه الفجوة دخل روبرت ويلسون وتلميذه السابق، بول ميلجروم، الأستاذان في جامعة ستانفورد، اللذان تقاسما جائزة نوبل التذكارية في 2020 في العلوم الاقتصادية "للتحسينات على نظرية المزاد واختراع أشكال مزادات جديدة".
يقول بول كليمبيرر، أحد كبار منظري المزادات في جامعة أكسفورد، إنه حتى التبرير الوارد في جائزة نوبل بالكاد يعد ثناء كافيا. "هذه لم تكن مجرد ’تحسينات‘. روبرت ويلسون هو أبو التصميم العملي للمزادات، وكان بإمكان بول ميلجروم بسهولة الفوز بجائزة نوبل ثانية عن عمله في اقتصادات المعلومات".
إضافة إلى جمال نظرية المزاد، فإن السبب وراء أهمية هذا الأمر هو أن الحكومات تحولت إلى المزادات على مدار العقود القليلة الماضية لتخصيص الموارد بما في ذلك حقوق احتطاب الأشجار، أو حقوق التنقيب عن المعادن، أو حقوق استخدام ترددات معينة من الطيف الراديوي للتلفزيون أو الهاتف المحمول. البديل – توزيع الموارد بثمن بخس لمن يتقدم بالقصة الأكثر قابلية للتصديق – يوفر بعض المصلحة والمنفعة لكل من المشترين والسياسيين لكنه بالكاد يصب في المصلحة العامة.
المزاد المصمم جيدا يجبر مقدمي العطاءات على الكشف عن الحقيقة بشأن تقديرهم لقيمة الجائزة. في الوقت نفسه، يتشارك المزاد هذه المعلومات مع مقدمي العطاءات الآخرين. ويحدد السعر وفقا لذلك. لا شك أن هذا مخطط ذكي تماما.
لكن من الناحية العملية، هذا مخطط يصعب ترتيبه على الوجه السليم. في تسعينيات القرن الماضي، لجأت الحكومة الفيدرالية الأمريكية إلى منظري المزادات – ومن أبرزهم ميلجروم وويلسون – للحصول على المشورة بشأن بيع حقوق الطيف الراديوي بالمزاد. يتذكر ميلجروم في مقابلة أجريت معه في 2007: "كانت النظرية التي وضعناها تتعلق قليلا فقط بالمشكلات التي تواجهها الحكومة بالفعل. لكن المقترحات التي قدمتها الحكومة كانت مقترحات كنا قادرين تماما على تحليل عيوبها وتحسينها".
التحدي الأساسي في مزادات الطيف الراديوي هو أنه توجد جوائز كثيرة معروضة، ولا يرغب مقدمو العروض إلا في مجموعات معينة. قد تريد شركة تلفزيونية الحق في استخدام النطاق (أ) أو النطاق (ب)، ولكن ليس كليهما. أو الحق في البث في شرق إنجلترا، لكن فقط إذا كان لديها أيضا الحق في البث في الغرب. تصميم المزادات التوافقية التي من هذا القبيل أمر صعب للغاية، لكن ميلجروم وويلسون شرعا في العمل.
جوشوا جانز، وهو طالب سابق لدى ميلجروم ويعمل حاليا أستاذا في جامعة تورنتو، أشاد بالرجلين لجانبهما العملي. قال إن عملهما النظري مثير للإعجاب، "لكنهما أدركا أنه عندما يصبح العالم معقدا فوق الحد، لا ينبغي أن يلتزما بإثبات نظريات صارمة".
ذروة الإثارة حول مزادات الطيف جاءت في مطلع القرن، عندما باعت الدول الأوروبية حقوق الطيف بالمزاد في ذروة هوس الدوت كوم. لكن يستمر استخدام المزادات لتخصيص الموارد النادرة، وهناك مجال واسع لاستخدامها في المستقبل – مثلا، تخصيص حقوق الطيران إلى المطارات المركزية أو الحق في انبعاث ثاني أكسيد الكربون، أو تحديد المشاريع البيئية التي ينبغي أن تحصل على الإعانات، أو تقديم قروض البنك المركزي للنظام المصرفي في أوقات الشدة.
جمعت مزادات الطيف الترددي حتى الآن مليارات الدولارات في جميع أنحاء العالم، حصل ميلجروم وويلسون ومصمم مزادات آخر، بريستون مكافي، على جائزة الإوزة الذهبية في 2014 - تحتفل الجائزة بأبحاث غامضة على ما يبدو تؤدي إلى فوائد اجتماعية كبيرة.
ولا يقتصر استخدام المزادات على الحكومات. في كل مرة تكتب فيها عبارة بحث في جوجل، تظهر الإعلانات التي تراها بجانب النتائج لأنها فازت بمزاد معقد. ساعدت المزادات على تخصيص البنية التحتية التي تعمل عليها الإنترنت. وهي تساعد الآن على تخصيص انتباهنا.

الأكثر قراءة