زراعة الزيتون في السعودية واعدة ومتطورة

قال الله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم "والتين والزيتون * وطور سينين * وهذا البلد الأمين".
قال المفسرون، "التين" هو التين المعروف، وكذلك "الزيتون"، أقسم الله بهاتين الشجرتين، لكثرة منافع شجريهما وثمريهما، ولأن سلطانهما وغالب وجودهما في أرض الشام، محل نبوة عيسى ابن مريم - عليه السلام. "وطور سينين"، أي: طور سيناء، محل نبوة موسى - عليه السلام. "وهذا البلد الأمين"، وهي: مكة المكرمة، محل نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم.
فأقسم الله تعالى بهاتين الشجرتين المباركتين وهذه المواضع المقدسة، التي اختارها وابتعث منها أفضل النبوات وأشرفها. ولا شك أن هذا القسم تعظيما وتشريفا لهذا النبات وموطنه.
أغلبية أشجار الزيتون المزروعة هي من زيتون بيكوال Picual، المعروف أيضا باسم Marteña أو Lopereña، وهو الصنف من الزيتون الأكثر شيوعا اليوم لإنتاج زيت منه، وتشير التقديرات إلى أن أشجار زيتون بيكوال تمثل 25 في المائة من إجمالي إنتاج زيت الزيتون في العالم. وهذا الصنف عال جدا في محتوى الزيت، بنسبة 20 - 27 في المائة من الوزن.
ويحدد علماء النبات مواطن أشجار الزيتون في الأساس ما بين فلسطين والأردن ولبنان، وتمتد شرقا مرورا بالجزء الشمالي للسعودية حتى شمال إيران، وغربا، حيث قبرص واليونان وإيطاليا وإسبانيا. وانتشرت زراعة الزيتون في مناطق متعددة تبعا للهجرات التي تمت من مناطق الشام وشمال الجزيرة العربية لتصل إلى المغرب العربي وإسبانيا على أيدي المسلمين الأوائل. وفي السعودية، يتم التعامل مع أشجار الزيتون باحترام كبير بسبب بركة ذكره في القرآن، وأنه زيت فيه نفع وشفاء وغذاء ودواء، بل ذكر الله - سبحانه وتعالى - في مقام تشبيه - سبحانه - عن نفسه ونوره تبارك وتعالى، فيقول: "الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم" "النور: 35".
منذ 2009 نالت منطقة الجوف شمالي السعودية، حضورا عالميا بدخولها موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية، في وجود أكبر كمية لأشجار الزيتون في العالم في بستان واحد، بعد منافسة مع تشيلي وكاليفورنيا وتونس. حققت الجوف الزراعية بمشروعها الكبير، الرقم القياسي العالمي في أكبر حيازة زراعية، وتصل أشجار الزيتون فيها إلى خمسة ملايين شجرة، وتمت زراعتها على مساحة 7350 هكتارا في شركة نادك، ونحو من ذلك في شركة الجوف، ثم تشارك في الإنتاج الشركة الوطنية للإنتاج الزراعي.
وتعد الجوف موطن الزيتون في السعودية، مع تراث ثقافي غني وبيئة طبيعية متنوعة، ما يجعلها واحدة من أفضل الوجهات السياحية في البلاد. وكانت بداية أشجار الزيتون في منطقة الجوف، في عام 1980 عندما بدأت الشركات الزراعية في العمل على زراعة الزيتون كمصدات "حواجز لصد الهواء الشديد" لأشجار الفاكهة، وتبين بعدها قوة وغزارة الإنتاج في شجرة الزيتون، بعدها تغير الوضع إلى أن تكون شجرة مثمرة، فبدأت بأعداد بسيطة، وتعد البداية الحقيقية في عام 2009، حيث توسعت زراعة الزيتون بشكل لافت في "بسيطا" الجوف، لتصل في الوقت الحالي إلى أكثر من 18 مليون شجرة زيتون. وتضم أكبر مزرعة زيتون في العالم، تنتج سنويا عشرة آلاف طن من أجود أنواع زيت الزيتون.
وتستخدم في الجوف الطريقة المكثفة لزراعة الزيتون، حيث يزرع في مساحة هكتار 1600 شجرة، تسقى عن طريق الري بالتنقيط، وتستخدم أحدث التقنيات في العالم في الحصاد والمناولة والمعالجة حتى تقديم الزيتون وزيته للمستهلك بأفضل الجودة المتاحة عالميا.
وامتدت زراعة الزيتون لتشمل مناطق أخرى، مثل منطقة حائل، التي استطاعت تسجيل اسمها ضمن المدن السعودية المنتجة له في أعوام وجيزة. ودخلت شجرة الزيتون إلى منطقة حائل كاستثمار زراعي، واجتهد مزارعو المنطقة، الذين تبلغ حيازتهم الزراعية نحو 85 ألف هكتار، أي ما يمثل 10 في المائة من مساحة الزراعة في المملكة، في زراعة هذه الشجرة، ووصل إجمالي أعدادها التقريبية إلى 2.5 مليون شجرة، وتنتج الزيت والزيتون من أصناف عديدة. وأوقات الحصاد في منطقة حائل تأتي متأخرة عن بقية مناطق المملكة، حيث يبدأ الحصاد من 5 - 10 نوفمبر، وتستمر حتى بداية ديسمبر، وكلما تأخرت عملية الحصاد زادت نسبة استخراج الزيت.
وكذلك منطقة تبوك، حيث تنتج 27 في المائة مما تنتجه مناطق المملكة من الزيتون، وفيها ما يزيد على مليون شجرة، وساعدها على ذلك طبيعتها الجغرافية. هذه المناطق الرئيسة لإنتاج الزيتون، بينما امتدت زراعة الزيتون بشكل محدود لمنطقة عسير، وساعدت طبيعة منطقة عسير الجغرافية أن تصبح شجرة الزيتون أحد مكوناتها، وذلك لغزارة أمطارها وتربتها البركانية، حيث بدأت زراعة هذه الشجرة قبل 30 عاما، وأنتج أول طن من الزيتون في المنطقة، وتم عصره في المعاصر المحلية ولقي إقبالا من أبناء المنطقة، حيث تزرع الشجرة في السراة وتهامة والنماص، وتشير الدراسات إلى أن شجرة الزيتون موجودة في المنطقة منذ القدم، وكانت تسمى شجرة العتم "الزيتون البري". ولما لهذه الشجرة من مردود اقتصادي كبير، حيث تنتج الشجرة الواحدة في منطقة عسير ما بين 50 إلى 150 كيلوجراما سنويا. وزرعت أيضا بشكل محدود جدا في منطقة الباحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي