كيف عطل كوفيد خدمة مرضى السرطان؟
عندما كانت فتاة، كانت ميشيل ميتشل، الرئيسة التنفيذية لمنظمة كانسر ريسيرش يو كيه CRUK لأبحاث السرطان، لاعبة جمباز بارعة ولاعبة كرة شبكة على مستوى المقاطعة. إحدى الهوايتين تدعو إلى الانضباط الذاتي، والأخرى إلى التعاون.
حين تتفكر في براعتها الرياضية في سن المراهقة، وعلاقتها بالتحديات التي تواجه الرئيس التنفيذي في عصر كوفيد - 19، تقول: "عليك أن تكون هادئا في مواجهة الضغوط وعليك التفكير والأداء. عليك أن تفكر في مكانك وما يجب القيام به في تلك اللحظة".
وهي تستخدم هذا المزيج من التركيز الداخلي والعمل الجماعي في الوقت الذي تسعى فيه إلى توجيه منظمتها خلال هذا العام المروع لفيروس كورونا الذي لا مثيل له في تاريخ CRUK الذي يعود إلى 100 عام، مع الحفاظ على الهدف الذي يحركها: تطوير علاجات السرطان المتقدمة وإنقاذ الأرواح.
منذ تفشي الوباء في كانون الثاني (يناير)، نجحت ميتشل في تحقيق الاستقرار المالي للمنظمة، حيث قامت بتسريح 25 في المائة من الموظفين "غير التجاريين" – الذين لا يعملون في متاجرها ـ وفي الوقت نفسه دعم مرضى السرطان الخائفين في جميع أنحاء البلاد، الذين تم إيقاف علاجهم أثناء الإغلاق، والضغط على الحكومة لحماية دورها بوصفها أكبر ممول خيري لأبحاث السرطان في البلاد، وثاني أكبر ممول في العالم.
نشأت ميتشل (48 عاما) بالقرب من ليفربول، شمال غربي إنجلترا، خلال الثمانينيات عندما رزئت المنطقة بارتفاع معدلات البطالة، وكانت أول من يلتحق بالجامعة في عائلتها، حيث درست الاقتصاد في مانشستر.
تقول: "أود أن أقول في سن مبكرة جدا يمكنك رؤية جوانب الظلم في أسفل شارعك وفي جميع أنحاء العالم، وكنت دائما أشعر بحماس لفعل شيء حيال ذلك".
بعد أن عملت في البداية لدى أحد أعضاء البرلمان، تركزت مسيرتها المهنية في القطاع الخيري، حيث تعلمت من خلال "جهد شاق على مدى بضعة عقود، الأدوات والأساليب التي تحتاج إليها لإحداث التغيير". سلسلة من الوظائف التنفيذية وعضو غير تنفيذي في مجلس الإدارة – في مراكز الفكر وخدمة الصحة الوطنية – أوجدت لديها قناعة بأن التواصل عبر الانقسامات التي يمكن أن تفصل بين أجزاء مختلفة من النظام السياسي يمكن أن يحقق نتائج.
تقول: "أنا من أشد المؤمنين بدور المؤسسات الخيرية وغير الربحية التي تتعاون وتجتمع مع أشخاص من قطاع الأعمال، ومن العلوم، ومن خدمة الصحة الوطنية، والجمعيات الخيرية الأخرى لإحداث التغيير وإيجاد عالم أفضل".
عندما ضرب كوفيد - 19، عرفت أنه سيجهِد منظمتها التي تعود إلى قرن من الزمان كما لم يفعل أي شيء من قبل. "مررنا بحربين عالميتين، وفترات من الركود، لكنني كنت أعلم أن هذا سيكون مشكلة ضخمة على عدد كبير للغاية من المستويات بسبب التأثير الخارجي، والصدمة الاقتصادية التي سببها، واعتمادنا على جمع التبرعات".
للتحرك واتخاذ إجراءات، وضعت في الحسبان نوعين من الآفاق: الحاجة قصيرة المدى إلى حماية المنظمة أثناء الوباء وما بعده، والضرورة المتزامنة لضمان عدم اتخاذ أي خطوات قد تضر بتأثير المنظمة أو طموحها على المدى الطويل.
في مواجهة انخفاض في الدخل قدره 160 مليون جنيه هذا العام، و300 مليون جنيه على مدى ثلاثة أعوام، أعطت إجازات إلى 60 في المائة من الموظفين ووافقت شخصيا على تخفيض راتبها 20 في المائة.
مع ذلك، ربما كانت أكثر التخفيضات إيلاما هي التي كانت في ميزانية البحث. منظمة CRUK مسؤولة عن أخذ 160 عقارا في التجارب السريرية المبكرة وهي، كما ترى ميتشل، جزء أساسي من البنية التحتية للبحث والتطوير التي يمكن، مع مزيد من الاستثمار، أن تشكل جزءا من "العلامة التجارية البريطانية" عندما تغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي. "إذا تعرضنا للأذى، فإنه يدمر واحدة من أقوى القواعد التي لدينا في البلاد، التي تدور حول البحث والابتكار وأبحاث العلوم والسرطان ذات المستوى العالمي".
كما قامت ميتشل بوضع منظمتها كمدافعة عن مرضى السرطان، الذين شهد كثير منهم تأجيل علاجهم خلال فترة الإغلاق.
تقدر CRUK أن نحو ثلاثة ملايين شخص في المملكة المتحدة فوَتوا فحص السرطان بين آذار (مارس) وأيلول (سبتمبر) وأن أكثر من 350 ألف شخص كان من الممكن إحالتهم بشكل عاجل إلى المستشفى بسبب أعراض السرطان المشتبه فيها لم يعرضوا على الأطباء.
تقول: "كنا بالفعل نواجه تحديات فيما يتعلق بقدرتنا على تحقيق هدف الحكومة المتمثل في تشخيص 75 في المائة من حالات السرطان في مرحلة مبكرة بحلول 2028، لذلك يجب أن تكون هناك خطة حول القوى العاملة والتشخيص إذا كانت الحكومة ستعالج مشكلة السرطان المتراكمة".
مع ارتفاع طلبات الحصول على المعلومات إلى مستويات قياسية – حصلت المؤسسة الخيرية على 37 مليون زيارة لموقعها على الإنترنت هذا العام – "بسبب فيروس كوفيد كنا بحاجة إلى تقديم أحدث المعلومات التي يمكن أن نتمكن من تقديمها للأشخاص المصابين بالسرطان وأن نكون صوتهم الناطق في وسائل الإعلام ومع الحكومة".
بعد تنفيذ اقتطاع فوري خلال العام بلغ 44 مليون جنيه من ميزانيتها البحثية، لدى المنظمة خطة لخفض الإنفاق البحثي السنوي من نحو 400 مليون جنيه إلى 250 مليون جنيه استرليني. وفي حين تظل ميتشل تأمل في أن تستخدم الحكومة مراجعة قادمة للإنفاق العام لتعويض النقص، فهي واضحة بشأن العواقب إذا لم تفعل ذلك: "اكتشافات مهمة أقل، وعلاجات أقل، وتباطؤ قدرتنا على تحسين إمكانية البقاء على قيد الحياة لمرضى السرطان في هذه الدولة".
تشير إلى أنها تشعر مع كثير من موظفيها بمسؤوليتهم عن تجنب مثل هذه النتيجة بشكل عميق وشخصي. "عائلة أمي، على وجه الخصوص، رزئت بالسرطان وكان ذلك صعبا للغاية في أعوام المراهقة وأوائل العشرينات. أشعر بتحفيز قوي للغاية من خلال الطموحات الأكبر والمعتقدات الأكبر حول ما هو ممكن عندما يتكاتف الناس معا".
ميتشل مصممة على أن الوباء لا ينبغي أن يعرقل المبادرات التي كانت تعدها حاسمة لعملها المستقبلي قبل ظهور كوفيد - 19. وتستشهد بالإطلاق الأخير لبرنامج "تحديات السرطان الكبرى" مع المعهد الوطني للسرطان في الولايات المتحدة الذي يهدف إلى تحفيز مناهج جديدة متعددة التخصصات للمرض في جميع أنحاء العالم.
بالتفكير في مستقبل قطاع تضرر بشدة من فيروس كورونا، تشير إلى أن المؤسسات الخيرية التي ستبرز أقوى مما كانت عليه ستكون المؤسسات التي استخدمت الأزمة للابتكار بدلا من التقوقع نحو وضع دفاعي. منظمة CRUK، مثلا، طورت أشكالا جديدة لجمع التبرعات الرقمية.
"الذين سينجحون هم الذين يتأقلمون بسرعة، ولديهم رؤية قوية وواضحة للتحولات الكبيرة والتحركات طويلة الأجل التي يتعين عليهم القيام بها ولكنهم يتكيفون بسرعة اليوم، ولا سيما من خلال النظر إلى البيانات الرقمية، والتفكير عالميا، والعثور على نماذج جديدة للتعاون والبقاء قريبين حقا وفعلا من الأشخاص الموجودين هنا لخدمتهم، أي المستفيدين من جهودك وداعميك". تضيف: "أعتقد أنها كلها دروس قيمة في القيادة تتجاوز الأعمال الخيرية".
وأشادت بالدعم الذي تتلقاه منظمة CRUK من ملايين البريطانيين العاديين، قائلة: "هذه حركة بريطانية عظيمة تدعم الإيمان بالعلوم والبحث لإنقاذ الأرواح. وهي مميزة للغاية. لكننا نعيد الآن تعريف ما يعنيه أن تكون مؤسسة خيرية وما يعنيه النجاح في سياق عالمي وفي سياق المملكة المتحدة".
3 أسئلة لميشيل ميتشل
من هو بطلك من حيث القيادة؟
نيلسون مانديلا. كان كفاحه من أجل العدالة، ونضاله من أجل الحرية والمساواة، والكرامة التي أظهرها على نفسه، كان متواضعا بشكل لا يصدق. كانت رحلة طويلة ومتعرجة بالنسبة له ليحققها وأظهر مهارات قيادية مذهلة، إضافة إلى التواضع.
ما أول درس تعلمته في القيادة؟
كن طموحا حقا وكن صادقا مع نفسك وثق بآرائك لأن قوى المعارضة والمقاومة أضعف بكثير مما تعتقد.
ماذا كنت ستفعلين لو لم تكوني الرئيسة التنفيذية لأبحاث السرطان في المملكة المتحدة؟
ما أود أن أفعله، في عالم أرجو أن نكون قد تخلصنا فيه من كوفيد، هو أن أكون مثل فيلياس فوج، بطل رواية "حول العالم في ثمانين يوما". أحب السفر حول العالم في 80 يوما. لا أعرف كيف سأضع أطفالي وزوجي في حقيبة ظهري، لكني أعتقد أنني سأكون مسافرة محترفة لمدة عام أو عامين.