قطاع الاتصالات .. راكوتن تستحدث طريقة جديدة لشركات البيع بالتجزئة
طموحات شركات التجزئة الخاصة باقتحام قطاع الاتصالات، وهي طموحات طال أمدها، حققت أخيرا تقدما كبيرا هذا العام عندما أصبحت شركة راكوتن اليابانية للتجارة الإلكترونية أول شركة بيع بالتجزئة تحول نفسها إلى شركة اتصالات مكتملة وقائمة بذاتها.
حقق بعض شركات البيع بالتجزئة الكبرى بالفعل قفزة في سوق الأجهزة المحمولة في محاولة للاستفادة من مصادر جديدة للنمو بدرجات متفاوتة من النجاح.
لكن على الرغم من أن الهواتف الذكية حلت محل الشارع الرئيس باعتبارها مكان التسوق الرئيس لمليارات المستخدمين، وهي عملية تسارعت بسبب الجائحة، إلا أن شركات التجزئة ظلت إلى حد كبير على هامش قطاع الاتصالات.
أنشأت سلاسل التجزئة التقليدية علامات تجارية "افتراضية" أساسية مثل "سوبر دروج موبايل"، التي تقدم خدمات مخفضة لمتسوقي السلسلة، وتستخدم شركة ثري لخدمات الهواتف المحمولة، مثلها، التي يمتلكها رجل الأعمال لي كا-شينج في هونج كونج.
الهاتف المحمول "فاير" من شركة أمازون، الذي كان يهدف إلى إنشاء علاقة أقوى بين عملاء عملاقة البيع بالتجزئة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة ومنصة التسوق التابعة لها، فشل في إشعال الشرارة وتحقيق النجاح.
قال كيستر مان، المحلل في مجموعة الأبحاث البريطانية "سي سي إس إنسايت": "الجمع بين التجزئة والاتصالات لم يثبت أنه سهل دائما". أضاف: "إنه نهج يحتاج إلى تحديد مكانة العلامة التجارية بشكل دقيق، واستثمار تسويقي قوي، وتنفيذ متماسك. تمكن عدد قليل فقط من الشركات من تحقيق التوازن الصحيح، حتى الآن".
يقول المحللون إن نهج "راكوتن" لديه القدرة في النهاية على تحقيق الحلم الأساسي المتمثل في اتحاد أعمال التجزئة مع الاتصالات.
باعتبارها مشغلا افتراضيا منذ 2014، أصبحت الشركة مشغل اتصالات قائم بذاته هذا العام بعد إنشاء شبكة جديدة للهاتف المحمول "راكوتن موبايل" في وطنها مع شركاء بما في ذلك "نوكيا" و"فوجيتسو".
من دون المعدات القديمة، صاغت راكوتن أيضا مسارا مختلفا في بنية الشبكة باستخدام شركات التكنولوجيا الصغيرة والمكونات القابلة للتشغيل المتبادل لتقليل التكلفة وزيادة مرونة شبكتها. أدى هذا النهج الرائد إلى تعاونها مع شركات الاتصالات العالمية القديمة، بما في ذلك شركة تيليفونيكا الإسبانية.
بالنسبة إلى "راكوتن"، لا يزال الاندفاع نحو الشبكات مدعوما بروح البيع بالتجزئة فيها وليس الرغبة الشديدة في أن تصبح إحدى شركات هندسة الهواتف.
قالت ناهو كونو، كبيرة مسؤولي التسويق، إن جوهر استراتيجية الشركة يعتمد على برنامج "النقاط" الحالي، الذي يشجع المستهلكين على الاستفادة من خدمات جديدة مثل التسوق والمحتوى والمنتجات المصرفية الإلكترونية.
يستخدم نحو 70 في المائة من عملاء "راكوتن" أكثر من خدمتين، كما أن إمكانية إبرام عقود هواتف محمولة بثمن رخيص في سوق الاتصالات اليابانية باهظة الثمن تعد فرصة مهمة للبيع العابر.
قد يكون الجمع بين بيانات الموقع من شبكة الهواتف المحمولة وعادات البيع بالتجزئة للعميل مفيدا لشركة راكوتن في زيادة ولاء العملاء ونشاطهم، كما قالت كونو.
لا يختلف النظام القائم على النقاط كثيرا عن الطراز القديم لـ"سوبر درج موبايل"، لكن "راكوتن" ذهبت بنهجها إلى ما هو أبعد من ذلك من خلال مواجهة منافستيها "سوفت بانك موبايل" و"إن تي تي" على مستوى الشبكة. قالت: "راكوتن موبايل لا تمثل جزءا. بل هي مركز نظامنا الإيكولوجي".
مع ذلك، قالت كونو إن شركة راكوتن بحاجة إلى كسب عملاء من خارج قاعدتها الحالية لتبرير استثمارها الضخم في إنشاء شبكة اتصالات. في الربع الثالث، سجلت الشركة خسارة تشغيلية بلغت 28.7 مليار ين (271 مليون دولار)، يرجع ذلك في الغالب إلى استثمار 43.3 مليار ين في شبكة الهواتف المحمولة الخاصة بها خلال هذه الفترة.
حتى الآن 15 في المائة من المشتركين الذين سجلوا في خدمة "راكوتن موبايل" هم عملاء جدد. نحو 35 في المائة من هؤلاء العملاء الجدد يستفيدون الآن من خدمات أخرى تقدمها الشركة، مثل سوق إيتشيبا للتجارة الإلكترونية وبطاقات الائتمان.
قال مان، من "سي سي إس إنسايت"، إن شركة راكوتن كانت تستخدم نهج "فريميوم" (النهج المجاني)، بالاعتماد على إرثها الإلكتروني المتمثل في التعاقد مع أعداد كبيرة من المستخدمين مجانا أو بأسعار رخيصة جدا قبل تحقيق إيرادات منهم بطرق أخرى.
مع ذلك، قال إن الخطوة الجريئة كانت "بعيدة عن كونها خالية من المخاطر" نظرا لأن الشركة كانت تستخدم لشبكتها تكنولوجيات وشركات توريد غير مجربة. أضاف: "إذا أدت هذه العقبات أو غيرها إلى تراجع أداء الخدمة، فقد تعاني راكوتن تضرر سمعتها".
إلا أن شركة راكوتن ليست وحدها التي تعرب عن ثقتها بأن الوقت قد حان لتقوية التقارب بين الاتصالات والتجزئة الموجهة للعملاء.
شركة ريلاينس إندستريز، التي هي تاريخيا شركة للبتروكيماويات وتكرير النفط، وأكبر شركة تجزئة تقليدية في الهند، أحدثت هزة في سوق الاتصالات في الهند بعد إطلاق خدمات الجيل الرابع التي كانت مجانية في البداية. جمعت قاعدة عملاء كبيرة على حساب منافساتها الراسخات مثل "فودافون". وتهدف الآن إلى زيادة حجم منصات التكنولوجيا الكبرى بعد بيع ما قيمته 20 مليار دولار من شركة جيو للهواتف المحمولة التابعة لها إلى شركات استثمار عالمية من ضمنها "جوجل" و"فيسبوك"، اللتان تبحثان عن موطئ قدم لهما في البلاد.
بعد أن فشلت في إطلاق شركة الاتصالات "فاير"، تعمل أمازون الآن على مواجهة "ريلاينس" في سوق التجارة الإلكترونية الهندية، ويمكن أن تحدد المعركة مدى أهمية الاتصالات لتحقيق طموحات طويلة الأجل في مجال البيع بالتجزئة الرقمي.