إدارة الشكاوى الذكية

يتزايد عملاء الشركات والمرافق الخدماتية مثل الكهرباء والمياه والغاز والاتصالات والبريد والبنوك والمصارف وغيرها بشكل مطرد ونمو متسارع سنوي يقرب من 2 - 5 في المائة محليا، وعليه تزداد الشكاوى والاستفسارات من العملاء تباعا، وعادة ما يتعين على المنظمات والشركات التعامل مع عدد كبير من الشكاوى الواردة من العملاء. وفي بعض الأحيان تستقبل الشركات الرسائل اليدوية (أو ذات الطابع التقليدي) ما يضطر الموظف إلى القراءة والإجابة عنها بشكل دقيق. وقد تكون الرسالة مرهقة وغير مجدية لموارد بشرية محدودة. يتم تلقي معظم استفسارات وشكاوى العملاء محليا في مركز الاتصال هاتفيا ومن ثم إعادة توجيهها للموظف المختص، الذي يستقبل عشرات أو مئات الشكاوى، ما قد يعطل الرد في زمن قياسي أو إغلاق الشكوى بسرعة – حتى إذا لم يرض العميل عن النتيجة – تفاديا لأي إشارة إلى الإدارة العليا عن تقصير من الموظف في الرد، وتدخل حينها في تقييم أدائه الوظيفي. حينما ننظر إلى دورة حياة تجربة العميل فإن الشكوى تمثل إحدى نقاط الاتصال الأكثر حساسية، التي من الممكن أن تؤدي إلى تحسين العلاقات مع العميل أو فشلها ما يؤثر في تجربة العملاء. لو سألت أي عميل يتقدم بشكواه عن أهم ما يتوقع من الشركة أو المنظمة عموما، ستكون الإجابة الشعور بالاهتمام به وبشكواه، وألا يتعامل مع شكواه أو معه باستخفاف أو لامبالاة، ويتوقع العميل من إدارة خدمة العملاء العدل والمساواة مع غيره. وقد يتوقع تعويضا ماديا أو معنويا، لقاء الخسائر الفادحة التي قد تلحق به، ولذلك من الضروري أن تتعلم الشركة (وتدرب موظفيها) في كيفية إبداء التعاطف مع العميل والاعتذار منه وإيضاح الأسباب المنطقية لحدوث مثل ذلك القصور. وقد يساعد تطبيق المعيار الدولي (آيزو 10002) على معالجة الشكاوى وزيادة رضا العملاء، وقد يرى ذلك مثبتا في جدران أروقة بعض الشركات، لكن هل رضا العميل يمثل غاية حقيقية للشركة؟ وماذا يعني في سياسة الشركة؟ وعلى الرغم من مراقبة الهيئات التنظيمية للشكاوى وأن من حق العميل رفع الشكوى له، في حالة عدم رضاه، فمن المهم أن تحقن الشركة في حمضها النووي كيفية زيادة رضا العميل وأن يكون ذلك معيارا لكفاءة الأداء في تقليل تصعيد الشكاوى إلى منظم الخدمة أو إلى المحاكم الإدارية.
هل تتم معالجة الشكاوى بزيادة عدد الموظفين في إدارة علاقات العملاء أو المستهلكين؟ أو تتم عن طريق النظر في أحد الحلول الرقمية الحديثة؟ تصنف الحلول البرمجية التي تحلل الرسائل الواردة تلقائيا حسب الموضوع واستخراج المعلومات ذات الصلة بالطرق الذكية. لقد غير الذكاء الاصطناعي في العقود القليلة الماضية طريقة تعامل الشركات مع شكاوى العملاء. ومع ظهور الابتكارات المستجدة، فمن المتوقع إدارة أغلب شكاوى العملاء عالميا بواسطة الذكاء الاصطناعي. لقد تغيرت طريقة تسوق العملاء للمنتجات والتفاعل مع العلامات التجارية حيث يمكن لاستخدام الذكاء الاصطناعي أن يجعل عملية معالجة الشكاوى أسهل وأسرع للموظفين والعملاء. ومنه ارتبط معنى إدارة علاقات العملاء (Customer Relationship Management) تدريجيا إلى استراتيجية عمل متكاملة وليس تحسين خدمة العملاء فحسب. إن عمل الذكاء الاصطناعي سيثري إدارة علاقات العملاء ويصل بها إلى المستوى الأفضل خصوصا أن الآلة تتعلم في الرد الفوري والاجابة عن استفسارات العملاء ما يزيد من ثقة العميل ورضاه، وهذا بالفعل ما نطمح أن نراه على أرض الواقع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي