فوضى "بريكست" تلاحق المزارعين البريطانيين .. مصير مجهول للإعانات
باستثناء بعض الخوار، يسود في مزرعة ديفيد إكسوود في جنوب شرق إنجلترا صمت يخفي خلفه توترا شديدا يشهده القطاع الزراعي البريطاني المعني إلى حد بعيد بالفوضى، التي يتوقع أن يثيرها خروج لندن من الاتحاد الأوروبي.
ووفقا لـ"الفرنسية"، يقول ديفيد صاحب نحو ألف هكتار من الأراضي وعدد كبير من أبقار ساسكس، التي تتميز بلونها البني إن "المهم مع بريكست، هو الحد من الأضرار، وأن انفصال بريطانيا عن التكتل يضر بسمعتنا كدولة وباقتصادنا، الآن يجب أن أحاول فقط أن أمنعه من إلحاق الضرر بعملي".
ومنذ أن صوت البريطانيون بنسبة 52 في المائة، لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال استفتاء في حزيران (يونيو) 2016، يتساءل المزارعون البريطانيون حول مصيرهم.
لكن حتى الأيام الأخيرة، كانوا ما زالوا يجهلون إن كانت ستفرض بدءا من الأول من كانون الثاني (يناير) رسوم جمركية على الصادرات أو ما إذا كانت ستطرأ تغييرات على الإعانات الزراعية، التي كانت تمنح في إطار السياسة الزراعية المشتركة الأوروبية.
وقد حصلوا على جزء من الإجابة عن تساؤلاتهم الخميس مع توقيع اتفاق للتبادل الحر دون فرض حصص أو رسوم جمركية بين لندن والمفوضية الأوروبية بعد التلويح حتى اللحظة الأخيرة بعدم التوصل إلى اتفاق. على خط مواز، أعطى الأوروبيون الضوء الأخضر الصحي لاستيراد المنتجات الحيوانية من المملكة المتحدة (أكثر من خمسة مليارات يورو سنويا).
كان ديفيد الذي يملك 600 رأس ماشية و800 هكتار من الأراضي الزراعية، أقل عرضة نسبيا لخطر فشل المفاوضات مع بروكسل، إذ إن أبقاره تباع في المملكة المتحدة، أما مربو الأغنام الأقل حظا، فهم يصدرون ثلث لحومهم نحو دول الاتحاد الأوروبي، وحتى اللحظة الأخيرة، كانوا يخشون أن يختفي سوقهم في ليلة وضحاها في نهاية العام.
غير أن الاتفاق الذي أبرم الخميس لا يحل كل المسائل، بحسب ديفيد إكسوود، الذي يقول "لقد استعددنا قدر الإمكان، نحن على علم بالمعاملات الورقية والتكاليف الإضافية والتأخير في المرافئ، لكن الأمور التي نجهلها هي التي قد تلحق بنا أكبر قدر من الضرر".
وإضافة إلى الإجراءات التجارية الجديدة، ينبغي على المزارعين أيضا التعرف على سياسة الإعانات الجديدة التي وضعتها الحكومة البريطانية وتشكل بحسب لندن، التغيير الأعمق بالنسبة للقطاع منذ 50 عاما.
ووضع حد للإعانات المقدمة بشكل يتناسب مع حجم الأراضي والقطيع: فقد تم تخفيضها إلى النصف بحلول 2024 على أن يتم إلغاؤها 2028، وستذهب المبالغ إلى المزارعين الذي يراعون البيئة عبر الحفاظ على الموائل الطبيعية والحرص على رفاهية حيواناتهم وتخفيض استخدامهم المبيدات.
ويعد ريتشارد بينويل المستشار السابق للحكومة للشؤون البيئية والمدير العام لتحالف "وايلد لايف آند كاونتريسايد لينك" للمنظمات البيئية أنه كان القرار الصائب حقا".
ويفترض أن يؤدي ذلك بحسب قوله، إلى تخفيض حجم قطعان الماشية في إنجلترا، وكذلك إلى زرع عدد أكبر من الأشجار في الأراضي المزروعة بعد "بريكست"، موضحا "بدلا من تكثيف الإنتاج في المناطق المزروعة، ندمج الطبيعة بشكل أفضل في البيئة الزراعية".
غير أن بعض العاملين في القطاع يجدون صعوبة في رؤية توجه واضح يتجاوز إعلانات النوايا، وتقول كلير روبنسون من الاتحاد الوطني للمزارعين "نجهل ما تتضمنه هذه المشاريع، في المجمل، يطلب من المزارع التغيير والاستعداد لنظام جديد، لكننا نجهل ماذا ينطوي عليه هذا النظام الجديد".
وتضيف "إنها نوايا حسنة عندما يقولون إنهم سيدعموننا من أجل القيام بأمر مفيد للبيئة، لكن في الواقع، لا نزال لا نعرف ما إذا كان ذلك قابلا للتطبيق".