هل يجدر بنا الخروج من وسائل التواصل الاجتماعي؟
بعد نحو عقد من الهيمنة الثقافية تجد وسائل التواصل الاجتماعي نفسها الآن في مأزق. ربما يكون نفي دونالد ترمب من تويتر الأسبوع الماضي قد أظهر إقرار المنصة أخيرا بالمسؤولية عن محتوى مستخدميها، لكن بالنسبة لكثيرين كان التملص من المسؤولية بشأن جوانب الصواب والخطأ في الرقابة على الإنترنت بطيئا بشكل مؤسف. هناك خيبة أمل واسعة بشأن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، وتقبل عام أنها تغذي الشعور بالضيق.
أصبحت عبارة "التخلص من الإدمان الرقمي" شائعة في الأعوام الأخيرة في الوقت الذي يحاول فيه الناس إبعاد عيونهم عن المنصات التي اشتد إدمانهم عليها. الآن يبدو أن هناك رغبة للإقلاع عنها نهائيا. في وقت سابق من هذا الشهر، قامت بوتيجا فينيتا، دار الأزياء المملوكة لشركة كيرينج، المحبوبة من قبل خبراء الموضة، بتوديع 2.5 مليون متابع على إنستجرام دون سابق إنذار وحذفت، بجرة قلم واحدة، بصمتها على وسائل التواصل الاجتماعي بالكامل. في لوس أنجلوس، أطلق دوق ودوقة ساسكس آركويل Archewell، مبادرتهما للتعاطف، غير الهادفة للربح، وسط تكهنات بأنهما يتخليان عن تعليقاتهما على وسائل التواصل الاجتماعي.
بالنسبة لميجان وهاري، اللذين لديهما أكثر من عشرة ملايين متابع على إنستجرام لكنهما لم ينشرا أي شيء منذ آذار (مارس) الماضي، أصبح العالم الافتراضي لا يطاق. ادعت ميجان أنها في 2019 كانت "أكثر شخص يتعرض للملاحقة في العالم بأسره، ذكرا كان أم أنثى"، وأنها وزوجها من يعانيان سوء معاملة "لا يمكن النجاة منه تقريبا".
بالتأكيد في عالم السياسة الحالي الملتهب، وصلت لهجة المشاركة إلى حد الصراخ. حتى المنصات الحميدة نسبيا مثل إنستجرام أصبحت خطرة. أصبحت الموضوعات الحساسة، المضغوطة في ميمات وشعارات، ذخيرة جديدة، وتم اختيار كل شيء من الروايات إلى أغلفة مجلة "فوغ" لخوض الحرب الثقافية. قد تكون ثقافة الألغاء جزءا من تطور اجتماعي مستمر، لكنها يمكن أن تكون ساحة معركة وحشية.
بل إن الوضع أسوأ من ذلك. عندما لا يكون المرء لئيما وحاقدا فإنه يجعلنا بائسين بدلا من ذلك. أثبتت كثير من الدراسات – والأفلام الوثائقية الشهيرة مثل "المعضلة الاجتماعية" – أن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تسبب الاكتئاب وتولد مشاعر تدني احترام الذات وتحفز اضطرابات النوم. دائما ما يطالبنا العلماء وعلماء النفس السلوكي بالإقلاع عن التدخين. وجدت إحدى الدراسات التي أجريت على مستخدمي فيسبوك أن الذين توقفوا عن الانخراط في الموقع شعروا بانخفاض واضح في مشاعر الغضب والاكتئاب والوحدة والقلق لديهم بعد خروجهم من فيسبوك. وكان ذلك بعد أسبوع واحد فقط. وهو ما يناقض الحجة القائلة إن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تكون عائلة بديلة وتربطنا بشكل أفضل، خاصة أثناء هذا الوباء، عندما كانت أوجه التلاقي في الحياة الواقعية صعبة للغاية.
لكن في حين أن هناك أدلة لا تحصى تشير إلى أن الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي سيجعلني أكثر سعادة وإنتاجية وأقل قلقا بكثير، فهل سأخرج منها؟ قطعا لا. على الرغم من كل شرورها، لا يزال إنستجرام وتويتر غطاء مريحا لي طوال هذه الفترة المروعة. كانت أيضا أداة أساسية للعمل، ومصدرا دائما للإلهام، ووسيلة للحصول على الأخبار. إضافة إلى ذلك، من دون وسائل التواصل الاجتماعي، لم أكن لأرى بالصدفة الحاكم، أرنولد شوارزنيجر، وهو يحض على قدسية الديمقراطية الأمريكية بينما كان يستخدم سيف كونان البربري. كما أنه ما كان بإمكاني أن أشارك مقتطفات من فران ليبوويتز وهي تحاول أن تثني الناس في الفيلم الوثائقي من إنتاج نتفليكس مع أتباعها الآخرين على إنستجرام. أو أستبدل أكواخ البحر الرائعة على تيك توك بمحرر الرأي المالي في "فاينانشيال تايمز".
يحتاج الأمر إلى أكثر من بضع رسائل بغيضة قبل أن أحاول الامتناع عن الوسائل التي تعطيني المتعة. لكن هناك شيء في قرار شركة بوتيجا يجعلني أتوقف قليلا للتفكير. أنا معجبة بابتعادها عن الرسائل الافتراضية، وإدراكها أن الإبداع لا ينبغي التعبير عنه في المربعات. في حزمة صحافية خصصت لمرافقة عرضها الأخير، أرسلت شركة الأزياء أسطوانة من الطراز القديم ومجموعة متنوعة من المواد من أجل إيصال تفسير القرن الـ21 لصالون العصر الفيكتوري. كان أصغر، وأكثر هدوءا، مع تركيز على الجانب المادي.
بوتيجا هي واحدة من مجموعة من العلامات التجارية والمؤثرين الذين استغلوا الرغبة العامة في مخاطبات أكثر حميمية. الأشياء التناظرية مثل القلم والورقة والكتب والأسطوانات تتخذ بريقا جديدا فاخرا في هذا العالم الوبائي العقيم. في حين أن حياتنا العملية لا تزال مرتبطة بمؤتمرات الفيديو وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، فقد أصبح من دواعي متعتي بشكل خاص، مثلا، تناول الهاتف. هو أقرب، وذو طابع شخصي – وربما بشكل ساخر، أسهل بكثير لكي تتراجع عنه.
لكني أريد أن أقول إن بوتيجا لا تحتاج إلى وسائل التواصل الاجتماعي. لديها ثروة من مواقع المعجبين المنخرطين بدرجة عالية، الذين يقومون بعمل أكثر فاعلية في ترويج – وبيع – سلع العلامة التجارية. ربما هذا هو الجواب.