جرائم الياقات البيضاء .. 4 سنوات عجاف
بالنسبة لأولئك المحامين الذين يكسبون قوتهم بالدفاع عن التنفيذيين المتهمين بالتداول بناء على معلومات من الداخل، والاحتيال المحاسبي وما شابه ذلك كانت الأعوام الأربعة الماضية شحيحة.
أشادت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، الصديقة للأعمال، بالنمو الاقتصادي وسوق الأسهم المرتفعة، مع إظهار حماسة أقل لمحاكمة الجرائم المالية. لذلك بالنسبة لكثير من المحامين الجنائيين الذين يدافعون عن ذوي الياقات البيضاء، كانت هزيمة ترمب على يد الديمقراطي جوزيف بايدن مدعاة للاحتفال.
قال دانييل هورويتز، المدعي العام السابق الذي أصبح الآن شريكا في شركة مكلوجلن آند ستيرن للمحاماة في نيويورك: "يمكن تلخيص نهج إدارة ترمب في التعامل مع جرائم ذوي الياقات البيضاء في عشرات القرارات بالعفو التي منحها الرئيس ترمب لمجرمين من ذوي الياقات البيضاء" تعود جرائمهم إلى عقود. أضاف: "هل سيكون هناك تحسن؟ قامت إدارة ترمب تخفيض المستوى قدر الإمكان".
وصف محامٍ آخر من العاملين في جرائم ذوي الياقات البيضاء زملاءه في المهنة بأنهم "مبتهجون" - بشكل غير لائق تقريبا - بانتصار بايدن. وتوقع أن تكون الأعوام الأربعة المقبلة مزدهرة.
تراجعت الدعاوى القضائية على أصحاب الياقات البيضاء التي باشرتها وزارة العدل الأمريكية العام الماضي إلى أدنى مستوى لها منذ 25 عاما، وفقا لإحصاءات جمعتها جامعة سيراكيوز. بما يزيد قليلا على خمسة آلاف دعوى، كانت دعاوى العام الماضي تعادل تقريبا نصف 10162 دعوى تابعتها إدارة أوباما في 2011 ـ في أعقاب الأزمة المالية في 2008.
يتجادل المدعون العامون ومحامو الدفاع بشأن هذه الأرقام الضخمة، بحجة أنها لا تعكس بالضرورة جودة أو طموح جهود الإنفاذ.
مع ذلك، هناك اتفاق واسع بين محامي الدفاع على أن المنظمين كانوا أقل نشاطا في الاعوام الأخيرة. قال دانيال ألونسو، المدعي العام السابق في مانهاتن، الذي يعمل الآن في شركة باكلي القانونية في نيويورك: "أود أن أقول إن كل شيء كان أقل شراسة بقليل".
جاكوب فرنكل، المحامي السابق في لجنة الأوراق المالية والبورصات الذي يقود الآن الممارسات الحكومية في شركة ديكنسون رايت في واشنطن، أطر النهج التنظيمي لإدارة ترمب باعتباره مسألة أولويات: "لقد صب الموارد في ملاحقة انتهاكات الهجرة وعصابات المخدرات والتجسس الصيني. هذا، بحكم التعريف، حول الانتباه عن قضايا الاحتيال التقليدية للشركات".
من الصعب تحديد درجة المعاناة التي عاشها المحامون العاملون في جرائم ذوي الياقات البيضاء نتيجة لذلك. يقول عديد من الممارسين إن أعمالهم الخاصة ظلت ثابتة - لكنهم يعرفون أن آخرين يعانون.
إحدى علامات الضغط هي أن شركات المحاماة الشهيرة التي تمثل تقليديا الشركات الكبيرة والمجموعات المالية في المسائل المتعلقة بالموظفين الإداريين، بدأت في التحرك أسفل السلسلة وتولي أعمال أقل ربحا تتمثل في الترافع عن الأفراد.
"كان هناك دائما هذا المد والجزر عندما يكون لديك تغيير في الإدارة من جمهورية إلى ديمقراطية. لكنني أعتقد أنه من المحتمل أن يكون الوضع الآن أكثر تطرفا"، حسبما قال مارك زودرير، الشريك في "جانفر شور ليدز آند زودرير" في فلوريدا.
الآن، يتوقع زودرير استئناف قضايا التداول بناء على معلومات من الداخل وقضايا مكافحة الاحتكار، لكن أيضا التركيز مجددا على المجالات الأخرى التي أهملتها إدارة ترمب. قال: "من الواضح أن هذه الإدارة سيكون لها نهج أكثر شراسة فيما يتعلق بتطبيق اللوائح المتعلقة بالبيئة".
من العلامات المشجعة للمحامين العاملين في جرائم ذوي الياقات البيضاء ترشيح بايدن لجاري جينسلر لقيادة لجنة الأوراق المالية والبورصات. كان جينسلر معروفا بصرامته عندما ترأس لجنة تداول السلع الآجلة في الفترة من 2009 إلى 2014. بافتراض تأكيد تعيينه من جانب الكونجرس، قد يكون أحد تحدياته الأولى مراجعة التداول الاستثنائي لجيم ستوب بحثا عن تلاعب محتمل بالسوق.
وفقا لمحامين يعملون في جرائم ذوي الياقات البيضاء، بالنسبة للحكومات المحلية التي تضررت مواردها المالية بسبب الوباء، من المؤكد أن الغرامات وانتزاع الأرباح التي يمكن أن تنجم عن إجراءات الإنفاذ محل ترحيب. ويعتقدون أن الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، بقيادة شخصيات مثل السناتورة إليزابيث وارين، سيطالب بتطبيق صارم للقوانين المتعلقة بالاحتيال الضريبي والجرائم المالية الأخرى.
تساءل هورويتز: "هل سيشعر بايدن بأنه مضطر لأن يكون أكثر صرامة؟". أجاب: "أعتقد ذلك حقا".
في سبعينيات القرن الماضي، كان المحامون الجنائيون لا يزالون نادرين في مكاتب المحاماة الشهيرة في وول ستريت، حيث كان الشركاء يميلون إلى اعتبارهم غير لائقين. إذا وجد العميل نفسه في مثل هذا المأزق، تتم إحالته إلى مكان آخر.
بدأ ذلك في التغير، بفضل المدعي العام العدواني وخبير الإعلام في نيويورك، رودولف جولياني. قال توماس كوران، مدع عام من الجيل الثالث تحول إلى محامي دفاع، في إشارة إلى محاكمة جولياني للخبير المالي إيفان بوسكي: "لم يصبح الأمر" مقبولا "حقا حتى رودي وبوسكي وقضايا التداول بناء على معلومات من الداخل في أواخر الثمانينيات". أضاف: "لماذا أصبح الأمر مقبولا أكثر؟ لأنه كان مربحا - وضروريا ".
مع نمو قضايا ذوي الياقات البيضاء بشكل أكبر وأكثر تعقيدا، اكتشفت الشركات الكبيرة أن عملاءها الأساسيين يحتاجون إلى مساعدة في هذا المجال، بالتالي سعت إلى توفيرها لهم.
تم تعيين أودري شتراوس، المدعي العام الحالي للمنطقة الجنوبية من نيويورك، من قبل فريد فرانك في 1990 للمساعدة على بناء فريق ذوي الياقات البيضاء بعد مسيرة طويلة مدعيا عاما.
وصلت المهنة إلى مستوى عالٍ في أوائل العقد الأول من القرن الـ20 مع قضايا احتيال جنائية محددة للعصر تشمل إنرون، وآرثر أندرسن، وويرلدكوم وتايكو وغيرها من شركات فورتشن 500.
كانت أعوام أوباما تفتقر إلى تلك القضايا المتصدرة للعناوين، لكنها كانت لا تزال مليئة بالمحامين العاملين في جرائم ذوي الياقات البيضاء. كما كان هناك فحص متجدد لسوق المشتقات والإقراض العقاري نتيجة للأزمة المالية في 2008.
كانت هناك أيضا حزمة التحفيز الاقتصادي التي استخدمتها الإدارة ردا على الأزمة. بعد مرور 12 عاما، لا تزال تظهر حالات احتيال ومزاعم بانتهاك قواعد التعاقد الفيدرالية.
قال كوران: "عندما تنفق الحكومة الأموال، يأتي معها المنظمون الحكوميون الذين يراقبون الطريقة التي يتم بها إنفاق هذه الأموال".
جاء التحفيز الاقتصادي الهائل الذي وزعته الحكومة للتصدي لوباء فيروس كورونا مع المفتش العام الخاص بالتحفيز وكذلك لجنة المساءلة لمراقبة الإنفاق.
بالنسبة للمستلمين، قد يبدو ذلك مرهقا. بالنسبة للمحامين العاملين في جرائم ذوي الياقات البيضاء، يبدو الأمر فرصة للأعمال المستقبلية.