فقاعة «خضراء» تتشكل في أسهم الطاقة المتجددة

فقاعة «خضراء» تتشكل في أسهم الطاقة المتجددة
أندى مارش، الرئيس التنفيذي لشركة بلق باوار لخلايا الهيدروجين، في موقع الشركة في ألباني، نيويورك.

في الوقت الذي يصل فيه الحماس للاستثمار الصديق للمناخ إلى الذروة، يحذر محللون من أن المستثمرين يضخون الأموال في أي شيء يبدو "صديقا للبيئة"، على نحو يرسل تقييمات الشركات الصديقة للبيئة إلى عنان السماء ويزيدون المخاوف من حدوث فقاعة.
الشهر الماضي قال لاري فينك، الرئيس التنفيذي لبلاك روك، أكبر شركة لإدارة الأصول في العالم، إن السوق تمر "بتحول زلزالي" نحو الاستثمارات المستدامة. استحوذت الصناديق العالمية المرتبطة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة على نحو 350 مليار دولار في العام الماضي، مقارنة بـ165 مليار دولار في 2019، وفقا لبيانات من مورنينج ستار.
تم تشجيع الجزء الصديق للبيئة من هذا الاستثمار من خلال تغيير هائل في طلب المستهلكين. تظهر بيانات "بلومبيرج إن إي إف" أن الشركات والحكومات والأسر أنفقت أكثر من 500 مليار دولار على الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية في 2020.
ومع التزام الدول بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، يتوقع المتحمسون للمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة أن ترتفع الاستثمارات الخضراء بشكل أكبر. لكن بعض المديرين التنفيذيين والمحللين يعتقدون أن الأسهم المرتبطة بالاستدامة بدأت تتسارع فوق الحد. هذا الأسبوع، حذر الرئيس التنفيذي لمجموعة توتال النفطية في مقابلة مع "فاينانشيال تايمز"، من التقييمات "المجنونة" في قطاع الطاقة المتجددة.
قال جوردون جونسون، الرئيس التنفيذي لشركة جي إل جيه للأبحاث: "أعتقد أننا نعيش بنسبة 100 في المائة في فقاعة خضراء. إلى حد كبير، كل شركة تعمل بالطاقة الشمسية أغطيها، ازدادت أرقامها سوءا وتضاعفت الأسهم ثلاث مرات (...) هذا أمر غير طبيعي".
قيمة مؤشر ستاندرد آند بورز للطاقة النظيفة العالمي، الذي يتتبع سعر أسهم 30 شركة، تضاعفت تقريبا في العام الماضي، ما يمنحه تقييما بمقدار 41 مرة ضعف الأرباح المتوقعة للشركات المدرجة عليه، وفقا لبيانات "بلومبيرج". في المقابل، ارتفعت الأسهم الأمريكية الممتازة نحو 16 في المائة العام الماضي، وتم تقييمها بمقدار 23 مرة ضعف الأرباح الآجلة.
وجد بحث حديث من مورجان ستانلي أن سلة من الأسهم "الخضراء" شهدت زيادة مضاعفات نسبة السعر إلى الأرباح بمعدل 24 نقطة خلال 2020، مقارنة بنقطتين لأقرانها في القطاع.
أحد الأمثلة على الارتفاع المذهل في الأسهم الفردية هو شركة صن باوار SunPower ـ مقرها الولايات المتحدة ـ التي تزود الطاقة الشمسية، التي شهدت ارتفاعا حادا في سعر سهمها في أواخر 2020 وأوائل 2021، قبل التخلي عن بعض المكاسب في شباط (فبراير).
قال موزيس ساتون، المحلل في باركليز، إن مستثمري التجزئة تزاحموا على شراء سهم الشركة، لأنها علامة تجارية معروفة مرتبطة بتحول الطاقة. وقد وقفوا ضد صناديق التحوط التي راهنت على أن صن باوار ستكافح من أجل الحصول على حصة في السوق ضد المشغلين الأكبر في سوق الألواح الشمسية مثل صن رن Sunrun وتسلا. أضاف: "من سيفوز في تلك المعركة هو سؤال مهم للغاية".
ارتفعت أيضا شركة الطاقة الدنماركية، أورستد، إحدى الشركات الرائدة في سوق الرياح البحرية. وهي من بين عدد قليل من شركات الطاقة الكبيرة التي تزيل المعوقات أمام المستثمرين المهتمين بشدة بالمناخ. فقد شهدت سعر سهمها يتضاعف ثلاثة أمثال تقريبا في غضون ثلاثة أعوام، على الرغم من نمو الأرباح بشكل متواضع.
قال مارك فريشني، المحلل في كريدي سويس: "مرت فترة قبل نحو سبعة أو ثمانية أعوام كان فيها كل صندوق يمتلك أسهم أبل". وما يحدث مع أورستد وشركات المنافع "يشبه إلى حد ما تلك الفترة".
قالت أورستد إنها مستمرة في توقع "فرص استثمارية ذات قيمة"، مستشهدة بتفويضات الولايات الأمريكية لبناء مزارع رياح بحرية.
وقد تم دعم هذه الأسهم من خلال تدفق الأموال إلى الصناديق المستدامة. شكلت صناديق الأسهم أكثر من 230 مليار دولار من التدفقات الداخلة إلى هذا القطاع العام الماضي، وفقا لشركة مورنينج ستار. موجة من شركات الاستحواذ للأغراض الخاصة دخلت السوق أيضا بحثا عن أهداف الاستحواذ.
قال كولين روش، المحلل في أوبنهايمر: "في البداية رأينا الكثير من الاهتمام حول عدد محدود من أسماء الشركات في المجال البيئي والاجتماعي والحوكمة التي كان أداؤها جيدا. لكن في النصف الثاني من 2019 حتى العام الماضي شهدنا قاعدة واسعة للغاية من المستثمرين الذين بدأوا في البحث عبر جميع الشركات المستفيدة من التخفيف من تغير المناخ".
عمل صانعو السياسة على تغذية الطلب. تعهد جو بايدن باستثمار تريليونات الدولارات في إزالة الكربون من الاقتصاد الأمريكي، وتعهد نظيره الصيني، تشي جينبينج، بأن تكون البلاد خالية من الكربون بحلول 2060.
قال محللون إن المتفائلين في القطاع من غير المرجح أن تردعهم التقييمات على المدى القريب. وفقا لفريشني، من كريدي سويس، المستثمرون الذين يشترون أسهم شركات طاقة الرياح لا يقومون ببساطة بتقييم أصولها الحالية وتلك التي هي قيد الإنشاء. وإنما هم يتبنون وجهة نظر مفادها أن أورستد والشركات الرائدة الأخرى في هذا المجال ستكون قادرة على الاستفادة من الابتعاد عن الوقود الأحفوري على مدار الـ30 عاما المقبلة.
لكنه يحذر من أنهم قد يتجاهلون مخاطر لا يستهان بها، مثل خروج مشاريع الرياح البحرية عن مسارها بسبب مخاوف بيئية وتهديد شركات الطاقة الكبرى بشراء حقوق قاع البحر المتاحة.
تحدث قصة مماثلة في قطاع الهيدروجين. شركة بلق باوار Plug Power، وهي شركة تختص بوقود الهيدروجين، شهدت ارتفاعا في سعر سهمها بنسبة 50 في المائة تقريبا منذ بداية 2021، ما رفع قيمتها السوقية إلى 25 مليار دولار.
يعتقد ساتون، من باركليز، أن القيمة السوقية لبلق باوار - نحو 80 مرة ضعف تقديرات كبيتال آي كيو Capital IQ لإيراداتها في 2021 - قد تجاوزت قيمتها الجوهرية، حتى بالنظر إلى السيناريوهات المستقبلية الأكثر تفاؤلا لقطاع وقود الهيدروجين. وهو يقارن وضع بلق باوار اليوم بـ"مايكروسوفت" في 1999: على الرغم من أن "مايكروسوفت" ظلت رائدة في قطاع التكنولوجيا بعد انهيار الدوت كوم، إلا أن الأمر استغرق أكثر من عقد لكي تتعافى أسهمها.
لكن المتفائلين بالأسهم يراهنون على أنه إذا تحول العالم نحو وقود الهيدروجين للأنشطة الاقتصادية الأساسية مثل الشحن، فسيكون من الممكن تحقيق مكاسب كبيرة.
قال روش، من أوبنهايمر: "(بلق باوار) لديها الفرصة لأن تكون شركة كبيرة جدا عند مستوى يزيد على 100 مليار دولار من الرسملة السوقية. وهذا أمر لا يريد الناس تفويته. إنهم لا يريدون تفويت تسلا مرة أخرى".

الأكثر قراءة