البنوك المركزية وتغير المناخ «2 من 2»

أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي أخيرا انضمامه لعضوية شبكة البنوك المركزية وهيئات الرقابة المالية الهادفة للتحول إلى النظام المالي الأخضر، لكن اللغة المستخدمة من قبل السلطات الأمريكية تشير إلى أن السلطات النقدية والتنظيمية تلعب دورا محدودا إلى حد ما. وذكر جاي باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد ابتعد تقليديا عن القيام بدور في تخصيص الائتمان، وأشار إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يفتقر إلى تفويض من الكونجرس لمكافحة تغير المناخ.
وقد ذهبت جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية الجديدة إلى أبعد من ذلك في تصريحاتها. في جلسة الاستماع الافتتاحية في مجلس الشيوخ، أكدت أن فكرة إجراء اختبارات الإجهاد المناخي على البنوك مثيرة للقلق خصوصا. يقوم بنك إنجلترا بفعل ذلك بالضبط هذا العام، وقد دعمت مجموعة الثلاثين، هذه الخطوة بقوة في هذا التقرير الأخير. ومع ذلك، وفقا ليلين، "تفتقر الجهات التنظيمية المالية إلى الخبرة اللازمة لوضع السياسة البيئية". كما رفضت بشدة "المقترحات الأخيرة لتعزيز أجندة سياسة بيئية ليبرالية من خلال تنظيم البنوك".
كانت النقطة الرئيسة التي أشارت إليها يلين، هي أن كثيرا من نماذج المخاطر المناخية التي تعتمدها البنوك تشكل نماذج لمخاطر التدخل التنظيمي، بدلا من المخاطر المناخية نفسها. وفقا لهذا التحليل، تم تصميم اختبارات الإجهاد المتعلقة بتغير المناخ للبنوك "لمنع تلك المؤسسات من الاحتفاظ بأصول معينة كشكل من أشكال العقاب غير المباشر ضد الصناعات غير المرغوبة مثل النفط والغاز".
هذه ليست اللغة التي كان مارك كارني يستخدمها عندما كان حاكما لبنك إنجلترا. من المؤكد أن هناك متشككين في البنك المركزي الأوروبي أيضا، مثل جينس ويدمان، رئيس البنك المركزي الألماني، الذي دعا إلى توخي الحذر ودعم ربط عمليات شراء الأصول بعملية الكشف عن البيانات المتعلقة بالمناخ. لكن لم يذهب أي منهم إلى أبعد من يلين في إبعاد البنك المركزي عن السياسة المناخية.
ستكون المناقشات في إطار الشبكة الهادفة للتحول إلى النظام المالي الأخضر أكثر إثارة للاهتمام بعد انضمام بنك الاحتياطي الفيدرالي. سيحتاج محافظو البنوك المركزية الخضراء إلى تبرير حججهم وشرح سبب توافق السياسة النقدية الأكثر نشاطا مع صلاحياتهم.
ربما كان من أجل التحضير لتلك المعركة القادمة أن دعا البنك المركزي الأوروبي الاقتصادي جون كوكرين من مؤسسة هوفر للتحدث في المؤتمر المنعقد حول السياسة النقدية في نهاية العام الماضي. وكانت رسالته واضحة:
"تندفع البنوك المركزية بتهور نحو اعتماد سياسة مناخية. وهذا خطأ. من شأن ذلك أن يدمر استقلالية البنوك المركزية، وقدرتها على أداء مهامها الرئيسة للسيطرة على التضخم ووقف الأزمات المالية، فضلا عن تراجع ثقة الناس بحيادها وكفاءتها الفنية. ولن يساعد على حل أزمة المناخ". وبصرف النظر عن رأي كوكرين، إنها فكرة جيدة.
كان أساس حجة كوكرين هو أن تعريف الأصول الخضراء والبنية قد أصبح موضع نزاع، ومن المستحيل تقييم تأثير أي إجراء من إجراءات البنك المركزي على ظاهرة الاحتباس الحراري. علاوة على ذلك، قد يواجه البنك المركزي الأوروبي ضغوطا هائلة لدعم الاستثمارات المفضلة الأخرى، لأسباب أقل استدامة وجدارة.
قد يبالغ كوكرين في موقفه. لكن من أجل الرد على هذه الانتقادات، يتعين على البنوك المركزية وضع سياسة أكثر نشاطا وفاعلية لمكافحة تغير المناخ مع تفسير مقنع لمهامها الرئيسة. يجب أن يكون ذلك ممكنا، حيث توجد حجج منطقية تدعم الافتراض بأن تغير المناخ يهدد الاستقرار المالي، وربما الاستقرار النقدي أيضا. يجب أن يبدأ مركز تغير المناخ الجديد التابع للبنك المركزي الأوروبي في العمل لتعزيز هذه القضية.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي