في صراع جديد مع أمريكا .. الصين تهدف لتكون القوة الفضائية الأولى بحلول 2045

في صراع جديد مع أمريكا .. الصين تهدف لتكون القوة الفضائية الأولى بحلول 2045

لم تعد المنافسة بين أمريكا والصين تقتصر على الجوانب الاقتصادية والعسكرية وكسب النفوذ السياسي، بل امتدت لتشمل مجال الفضاء الذي بات يشكل عنصرا حاسما في معركة النفوذ بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وقالت جوديث بيرجمان الكاتبة والمحللة في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي إنه بعد وقت قصير من توليه الرئاسة في مارس 2013 كشف شي جين بينج بوضوح عن طموحاته في قوة الفضاء الصينية. وقال "إن تطوير برنامج الفضاء وتحويل البلاد الى قوة فضائية هو الحلم الذي نسعى لتحقيقه باستمرار". وأوضحت "إن حلم الفضاء هو جزء من حلم جعل الصين أكثر قوة".

وبحسب التقرير تهدف الصين إلى أن تصبح القوة الفضائية الرائدة في العالم بحلول 2045. وجاء في صحيفة "تشاينا ديلي" عام 2017 أن الصين سوف تصبح دولة رائدة عالميا في مجال المعدات والتكنولوجيا الفضائية. وبحلول ذلك الوقت ستكون قادرة على القيام باستكشاف فضائي منسق بين الإنسان والكمبيوتر على نطاق واسع.

ويعد نظام بيدو لأقمار الملاحة الاصطناعية أحد ركائز برنامج الفضاء الصيني وهو نظام قمر اصطناعي عالمى للملاحة يوفر تحديد المواقع والملاحة والتوقيت بالاضافة إلى توصيل البيانات.

ووضع جيش التحرير الشعبى الصينى البرنامج حتى لا يعتمد على شبكة نظام تحديد المواقع التى تسيطر عليها أمريكا. وجاء في تقرير لمؤسسة جيمس تاون أنه "في السنوات الأخيرة سعت الصين بنشاط إلى تعزيز صورة بيدو كبرنامج بقيادة مدنية مخصص في المقام الأول لأغراض تجارية وعلمية. ومع ذلك فإن البرنامج يخضع لتوجيه عسكري عام حيث يتولى جيش التحرير الشعبي مسؤولية هيئات إدارة البرامج العليا في بيدو".

ويعرف بيدو أيضا باسم "طريق الحرير الفضائي" الصيني الذى يوسع مبادرة "الحزام الاقتصادى لطريق الحرير البرية الصينية و طريق الحرير البحري للقرن 21 والمعروفان بشكل جماعى باسم مبادرة الحزام والطريق إلى الفضاء. ويجعل بيدو المشاركين في مبادرة الحزام والطريق يعتمدون على الصين في الملاحة الدقيقة وغيرها من الخدمات الفضائية.

ووفقا لتقرير أعده مالكولم ديفيس من المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية في عام :2017 "فإن توفير الصين للاتصالات بالأقمار الاصطناعية ورصد الطقس ورصد الأرض يضيف إلى هذه الرؤية لطريق الحرير الفضائي الذي يشمل ويدعم مبادرة الحزام والطريق .. ومن شأن ذلك أن يمنح بكين قوة أكبر للتأثير على الخيارات السياسية للدول (التي تشملها المبادرة)، لأنها ستسيطر على القدرات الفضائية الحيوية التي تحافظ على نموها الاقتصادي".

وكتبت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية الصينية في تقريرها السنوي لعام 2019 إلى الكونجرس "إن بكين لديها خطط محددة ليس فقط لاستكشاف الفضاء وانما للسيطرة الصناعية على الفضاء .. يعمل نظام بيدو العالمي للملاحة في ظل طريق الحرير الفضائي على تعميق اعتماد المشاركين (في المبادرة) على الصين للحصول على خدمات فضائية".

لكن "طريق الحرير الفضائي" الصيني لا يشكل سوى جزء واحد وإن كان حاسما من أهدافه الفضائية الطموحة. وذكر التقرير "أن الصين تتخذ خطوات لإقامة موقع رائد في قطاعي الإطلاق التجاري والاقمار الاصطناعية يعتمد جزئيا على التمويل القوي الذي تدعمه الدولة ولا تستطيع الشركات التي تحركها السوق الأجنبية مجاراة ذلك.

لقد نجحت الصين بالفعل في تقويض بعض مزودي الإطلاق والأقمار الاصطناعية الأمريكيين وغيرهم من مقدمي الأقمار الاصطناعية في السوق الدولية مهددة بإفراغ القواعد الصناعية الفضائية لهذه الدول .. ولا تزال هذه الاستراتيجية محورية بالنسبة لأهداف الصين في مجال تنمية الفضاء بوجه عام".

وكتبت صحيفة تشاينا ديلي التابعة للحزب الشيوعي الصيني في 2019 أن "الخطوات التالية في برامج الفضاء المأهولة (الصينية) ستكون الاستكشاف المأهول للقمر".  وقالت "سوف نؤسس قواعد على سطح القمر للقيام بعمليات علمية وتوسيع مكان صالح للسكن للبشرية واكتساب الخبرة فى رحلات الفضاء السحيق خارج القمر . والهدف على المدى الطويل هو إرسال البشر إلى المريخ".

وفي مارس وقعت الصين اتفاقا مع روسيا للتعاون ببناء محطة أبحاث على سطح القمر تجري أبحاثا حول استكشاف القمر واستخدامه بشكل حاسم. وفي 2013 كانت الصين قد أطلقت أول مسبار قمري لاستكشاف سطح القمر على أمل اكتشاف معادن أرضية نادرة يقال إنها وفيرة عليه وذلك ضمن أمور أخرى.

وفي ديسمبر هبطت البعثة الصينية "تشانجي 5" على سطح القمر وأحضرت عينات جيولوجية للصين التي أصبحت ثالث دولة تفعل ذلك بعد أمريكا وروسيا. وفيما يتعلق بالأمن القومي لأمريكا تم تعريف القدرات الفضائية للصين باعتبارها واحدة من أكبر التهديدات المستقبلية. وكتب وزير الدفاع لويد أوستن في شهادة مكتوبة قبل جلسة إقرار تعيينه أن "الأنشطة الفضائية الصينية والروسية تشكل تهديدات خطيرة ومتزايدة لمصالح الأمن القومي الأمريكي".

وأضاف "كما تشير العقائد العسكرية الصينية والروسية إلى أنها تعتبر الفضاء أمرا حاسما للحرب الحديثة وتعتبر استخدام قدرات الفضاء المضادة وسيلة للحد من الفعالية العسكرية الأمريكية ولكسب الحروب في المستقبل".

الأكثر قراءة