لبنان .. تطاول "رجل السياسة" وافتقاد "رجل الدولة"

لبنان .. تطاول "رجل السياسة" وافتقاد "رجل الدولة"

سئل رئيس الجمهورية الفرنسية رينيه كوتي، ما الفرق بين السياسي ورجل الدولة في رأيك؟ أجاب قائلا، الفرق بسيط جدا. رجل الدولة يريد أن يعمل شيئا من أجل بلاده. والرجل السياسي يريد من بلاده أن تفعل شيئا من أجله.
وكأنه بهذا الفرق البسيط جدا يستحضر واقعا مؤلما ومعقدا تعيشه بيروت، واقع بدا جليا أخيرا من خلال التطاول المشين لوزير خارجيتها شربل وهبة تجاه شعوب المملكة والخليج العربي، الذي عبر عن عقد مأزومة وعنصرية بغيضة يعيشها الوزير وغيره كثير على ما يبدو من رجال السياسة والأحزاب اللبنانية، ما لبثت أن خرجت للعلن في مواجهة تلفزيونية، يحسن الخروج من تبعاتها الحوارية - مهما بلغت حدتها أقل المراقبين دربة وخبرة، فكيف هو الحال بمن يحمل مسمى رجل دولة ويمثل الحكومة في عملها الدبلوماسي بوصفه وزيرا للخارجية ولشؤون المغتربين، الذين من المفترض أن يسعى إلى تحسين ظروف عملهم وحياتهم، عوضا عن تعقيدها ووضعها في مواجهات صعبة واحتمالات مقلقة هم في غنى عنها.
والحقيقة أن الوزير لم ينتقص من شعوب تفخر ببداوتها وبأصولها التي أسست لنجاحاتها ونجاحات دولهم بقدر ما ينتقص من قدرة رجل السياسة اللبناني في الظهور بمنطق رجل الدولة وتجاوز عقد ثقافية واجتماعية عفا عليها الزمن، ولا تزال حاضرة في منطق وسلوكيات رجل السياسة اللبناني، ما يؤكد استحالة ارتقاء رجل السياسة اللبناني ليكون رجل دولة.
وبأنه سيظل أسيرا لمنطق الحزب السياسي الذي تغول بدوره ليصبح ميليشيا تحكم البلاد وتخدم دولا أخرى، فضلا عن أن يكون مؤسسة وطنية تخدم الدولة ومواطنيها.
كثير من رجال السياسة في بيروت يتعامون عن الوضع المزري لبنانيا وعن شكاوى المواطنين بمنطق تصعيد الخصومات السياسية والمحاصصات الحزبية، وهذا لب الوضع السياسي المأزوم الذي تحاول عديد من الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسها المملكة تقديم ما تستطيع للبنان من أجل تجاوزه، لكنها تصطدم دائما وأبدا برغبات محدودة ونزعات محسوبة على توجهات خارجية تطعن في خاصرة وحدة البلاد وتستنزف مقدراتها المحدودة.

الأكثر قراءة