2.5 تريليون دولار إنفاق المستهلكين في إفريقيا بحلول 2030

2.5 تريليون دولار إنفاق المستهلكين في إفريقيا بحلول 2030
رجال الأعمال الأفارقة توصلوا إلى حلول رقمية مبتكرة للتحديات التي تسببت فيها الجائحة.

تمتلك إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن برنامجا متكاملا للسياسة الخارجية، ابتداء من إعادة بناء التحالفات إلى إعادة تأكيد القيادة الأمريكية في المؤسسات متعددة الأطراف، مع مطالب بضرورة أن يكون التفاعل النشط مع الدول الإفريقية ركيزة مهمة في هذه الأجندة.
وكانت رؤية الرئيس بايدن في مخاطبة قمة الاتحاد الإفريقي التي عقدت في شباط (فبراير) الماضي أمرا مشجعا، ومع بدء تجاوز جائحة كورونا، ستكون الاستفادة من التكنولوجيات الرقمية الممكنة أمرا حاسما. وكما تحتاج إفريقيا إلى المشاركة في توزيع اللقاحات المنقذة للحياة، تحتاج القارة أيضا إلى مكان على الطاولة الرقمية.
وفقا لـ"الفرنسية"، من المتوقع أن يصل حجم إنفاق المستهلكين في إفريقيا إلى 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2030، وكما ستستفيد القارة من برامج التحول الرقمي الذي يقدم أيضا فرصا للشركات الأمريكية، والمستثمرين.
وقالت الباحثة أوبري هروبي وهي من كبار زملاء المجلس الأطلسي وجيودي مور وهو أحد كبار زملاء مركز التنمية العالمية ووزير الأشغال العامة السابق في ليبيريا، في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية إن رجال الأعمال الأفارقة ارتقوا بالفعل إلى مستوى التحدي، حيث توصلوا إلى حلول رقمية مبتكرة للتحديات التي تسببت فيها الجائحة.
وأكدت أنه يمكن أن تعزز جهودهم من خلال الاستثمارات في بيئة مواتية وبنية تحتية رقمية توفر وصولا أوسع ومنخفض التكلفة للبيانات. وقد أنشأت أكثر من 25 حكومة إفريقية أدوات للتعلم الإلكتروني للطلاب الذين تأثروا بإغلاق المدارس، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تمثل إفريقيا 13 في المائة، من كل التكنولوجيات الجديدة أو المعدلة التي تم التوصل إليها للتخفيف من حدة فيروس كورونا.
ويرى الكاتبان هروبي ومور أن هذا ليس كافيا، وقالا إنه على الرغم من وجود مراكز للتألق الرقمي في مختلف أنحاء القارة، تحتاج إفريقيا إلى تحول رقمي يشمل جميع القطاعات، وسيتطلب هذا التحول إطار عمل سليم للسياسة، وكذلك بنية تحتية مادية وغير مادية كما هو موضح في دراسات مثل "ديجيتال سبرينترز" التي أجرتها جوجل.
ويلقى التقرير الضوء على عديد من التوصيات الخاصة بالسياسة التي تعد واحدة من بين أربع مجموعات وهي رأس المال المادي ورأس المال البشري والتكنولوجيا والقدرة التنافسية. ويطالب التقرير إدارة بايدن بتبني الاهتمام المتنامي من شركات التكنولوجيا الأمريكية الكبيرة وتشجع الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية للمساعدة في سد فجوة التمويل، بما في ذلك الـ100 مليار دولار اللازمة للوصول إلى اتصال عالمي عريض النطاق بحلول عام 2030 لتلبية الطلب المتزايد.
وقد وفرت استراتيجية التحول الرقمي الخاصة بالاتحاد الإفريقي الأساس لوثائق سياسات مماثلة للعديد من أعضائه، لكن هذه الجهود كانت تعاني نقص التمويل. وخصصت الحكومات الإفريقية نحو 1 في المائة، من الناتج المحلي الإجمالي للرقمنة، بينما خصصت الاقتصادات المتقدمة نحو 3 في المائة، لهذا القطاع الحيوي.
وهناك حاجة إلى رأسمال خارجي من أجل إحراز تقدم كبير، ويتعين على الإدارة الأمريكية أن تسعى إلى توسيع مبادرة الحكومة الأمريكية "كونيكت إفريقيا" التي تبلغ قيمتها مليار دولار، وجعل البنية التحتية الرقمية محورا رئيسا لبرنامج التجارة والاستثمار "بروسبر إفريقيا" التابع للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
ويمكن تخصيص هذه الموارد الإضافية لحل مشكلة المناطق التي لا تحظي بتغطية الإنترنت ودعم نماذج الأعمال للوصول إلى المجتمعات المحرومة. كما يجب على الإدارة أيضا الاستفادة من التعاون بين "كونيكت إفريقيا" ومبادرة دعم الطاقة "باور إفريقيا"، نظرا لأن الطاقة والوصول الرقمي مرتبطان ببعضهما ولأن المشاريع الكبيرة مثل مراكز البيانات كثيفة الاستهلاك للطاقة.
وستستفيد إفريقيا من هذه البرامج لكن التحول الرقمي يقدم أيضا فرصا للشركات الأمريكية، في وقت من المتوقع فيه أن يصل حجم إنفاق المستهلكين في إفريقيا إلى 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2030، مقارنة بـ 1.1 تريليون دولار في عام 2015.
كما كانت قارة إفريقيا بشكل مستمر من بين أسرع المناطق نموا بالنسبة لقاعدة مستخدمي فيسبوك، وكانت أسرع ثلاثة أسواق نموا بالنسبة للشركة كلها إفريقية وهي مصر ونيجيريا وجنوب إفريقيا.
كما تحتاج المنطقة أيضا إلى 700 مركز بيانات إضافي، وبينما جذبت لاجوس وجوهانسبرج والقاهرة ونيروبي الاستثمار في مراكز البيانات، فإن المدن التي تأتي في المركز الثاني تواجه صعوبة كبيرة.
ويمكن أن تساعد السياسة الرقمية لإدارة بايدن في إزالة المخاطر من تلك الأسواق. كما يتعين على الإدارة أن تعمل مع الحكومات الإفريقية والهيئات الإقليمية للمساعدة في تشكيل البنية التحتية الرقمية العالمية لدعم التوسع في قوانين خصوصية البيانات والأمن الإلكتروني، وبالتالي النهوض بالحوكمة الرقمية الشاملة، وتعزيز الاستخدامات المبتكرة للبيانات، ورفع مستوى الدبلوماسية الرقمية الأمريكية.
ويحظى أقل من ربع الأفارقة بوصول مستمر للإنترنت، بزيادة تقدر بخمسة أضعاف عما كان عليه الحال عام 2000، إلا أن القارة تتأخر كثيرا عن شرق آسيا (55 في المائة) وأمريكا اللاتينية (66 في المائة).
وفي حين حققت أسواق مثل كينيا تقدما كبيرا، حيث حققت اختراقا في استخدام الإنترنت بنسبة تقارب 90 في المائة، لا تزال هناك مناطق لا تحظى بتغطية إنترنت في مختلف أنحاء القارة. ويعيش نحو 50 في المائة، من الأفارقة على بعد أكثر من عشرة كيلومترات من شبكة ألياف بصرية أرضية عالية السرعة، ويستطيع 17 في المائة، فقط من سكان إفريقيا تحمل تكلفة جيجا بايت واحد من البيانات في الشهر. وفي المقابل، توفر الهند أرخص بيانات في العالم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى جهود رجل الأعمال موكيش أمباني لجذب ملايين الهنود إلى الإنترنت، عبر الهاتف المحمول بشكل أساسي.
وعلى الرغم من هذا التحول غير الكامل، فإن العائد الاقتصادي مهم، فقد وفرت تقنيات الهواتف المحمولة 1.7 مليون وظيفة في إفريقيا وتسهم بنحو 144 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي. ووجد الاتحاد الدولي للاتصالات أن زيادة بنسبة 10 في المائة، في انتشار النطاق العريض في إفريقيا يمكن أن تحقق زيادة بنسبة 2.5 في المائة، في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي تحليل حديث مع البنك الدولي، وجدت جوجل أن اقتصاد الإنترنت في إفريقيا يمكن أن يصل إلى 712 مليار دولار بحلول عام 2050 ، بنسبة تبلغ نحو 5.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للقارة ككل.
واختتمت أوبري هروبي وجيودي مور تقريرهما بالقول إن إفريقيا هي موطن أنظمة بيئة تكنولوجية حيوية بوجود 700 مركز تكنولوجي نشط من نيروبي إلى لاجوس إلى كيجالي إلى كيب تاون.
وجذبت الشركات الإفريقية الناشئة أكثر من مليار دولار في عام 2020 في استثمار لرأس المال على الرغم من التباطؤ الناجم عن فيروس كورونا. ويعمل رواد الأعمال الشباب هؤلاء على بناء شركات مبتكرة لتغيير الحياة في المنطقة، ولكن حان الوقت لتسريع تقدمهم. ومن خلال الاستثمارات الاستراتيجية في البنية التحتية الرقمية، فإن إدارة بايدن لديها فرصة لبدء شراكة تاريخية مع إفريقيا، باستخدام القيادة الرقمية "لإعادة البناء بشكل أفضل" في الداخل وفي جميع أنحاء إفريقيا.

الأكثر قراءة