العالم ضد الفساد
كثيرة هي الدول التي عانت الفساد. وقد أدى هذا الفساد إلى إعاقة التنمية وتضييق الأفق أمام الرفاه والارتقاء بجودة الحياة وتوفير الفرص للإنسان في التعليم والتوظيف، وتنظيف بيئة الاستثمار من أي مؤثرات تجعلها بيئة مسمومة وطاردة. وتتفاوت تأثيرات الفساد من دولة إلى أخرى. ويمكن للعين المجردة أن ترى كيف يتسبب الفساد في تبديد الثروات الخاصة بالدول، وتحويلها عن مسارها الطبيعي لتدخل في جيوب وحسابات من لا يستحقونها.
ولا شك أن تجربة المملكة في مواجهة الفساد، أصبحت ملهمة لعديد من الدول في المنطقة، خاصة تلك التي تواجه مشكلات اقتصادية، تسببت فيها أمور عدة، من بينها الفساد وغياب الشفافية.
وعادة ما يتم استعراض تجربة المملكة في مكافحة الفساد، باعتبارها نموذجا يمكن الأخذ به لاستعادة الأموال المنهوبة التي كان من المفترض أن يتم ضخها في تلك الدول لإنشاء بنية أساسية تكفل للمجتمعات الحياة الكريمة. لقد أدى الفساد في عديد من الدول إلى عدم توافر الحاجات الأساسية، مثل: الماء والكهرباء والبنزين وغيرها من السلع الأساسية. وقد عملت المملكة خلال رئاسة السعودية لـ"مجموعة العشرين" العام الماضي، على تقديم مبادرة لمكافحة الفساد عالميا، وجاء التتويج لهذا المجهود باعتماد الجمعية العمومية للأمم المتحدة مبادرة الرياض لمكافحة الفساد عالميا.
وكان البنك الدولي وكيانات اقتصادية أخرى قد كشفت أن دولا عدة - بعضها عربية - حصلت على مساعدات وقروض بمليارات الدولارات، لكن هذه المساعدات بدلا من أن تتجه للقنوات المخصصة لها، تحولت إلى حسابات بنكية محلية ودولية بأسماء شخصيات نافذة في تلك الدول. ولذلك، فإن مبادرة الرياض تمثل أداة دولية فاعلة تسهم في مساعدة الدول على ملاحقة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة.
وربما من المهم هنا التذكير أن تجربة المملكة في مكافحة الفساد حظيت بتقدير دولي في 2019 من خلال ترتيب مؤشر مدركات الفساد CPI ضمن "مجموعة دول العشرين".