مجموعة السبع وحل المشكلات العالمية «1 من 2»
لم تكن قمة مجموعة السبع الأخيرة سوى إهدار للموارد. وإن كان لا مفر من عقدها، فقد كان من الواجب أن تجرى عبر الإنترنت، توفيرا للوقت، والتكاليف اللوجستية، والانبعاثات الغازية التي تطلقها الطائرات. الأهم من ذلك، ينبغي لنا أن ندرك أن مؤتمرات قمة مجموعة السبع تتنافى مع روح هذا العصر. وحري بالقادة السياسيين أن يتوقفوا عن تكريس طاقتهم للاستمرار في ممارسة لا تمثل الاقتصاد العالمي اليوم، وينتج عنها انفصال شبه تام بين الأهداف المعلنة والوسائل المعتمدة لتحقيقها.
لم تحقق قمة مجموعة السبع شيئا لم يكن من الممكن تحقيقه بتكلفة أقل بكثير، وعلى نحو أكثر سهولة وروتينية بوساطة تطبيق زووم Zoom للتواصل. على سبيل المثال، كان الاجتماع الدبلوماسي الأكثر فائدة هذا العام هو اجتماع الرئيس جو بايدن عبر الإنترنت مع 40 من قادة العالم في نيسان (أبريل) لمناقشة تغير المناخ. والحق: إن الاجتماعات الدولية الروتينية عبر الإنترنت من قبل السياسيين والبرلمانيين، والعلماء، والناشطين تعد ممارسة مهمة. فهي تسهم في تطبيع فكرة المناقشات الدولية.
لكن لماذا يجب أن تحدث هذه المناقشات داخل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى التي حلت محلها مجموعة العشرين؟ عندما بدأت دول مجموعة السبع (كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) عقد اجتماعات قمتها السنوية في السبعينيات، كانت لا تزال تلك الدول تهيمن على الاقتصاد العالمي. ففي عام 1980، شكلت مجتمعة 51 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (مقيسة بالأسعار الدولية)، في حين شكلت الدول النامية في آسيا 8.8 في المائة فقط. لكن في عام 2021، لا تنتج دول مجموعة السبع سوى 31 في المائة فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما تنتج الدول الآسيوية ذاتها 32.9 في المائة.
تمثل مجموعة العشرين بضمها الصين والهند وإندونيسيا ودولا نامية كبيرة أخرى، نحو 81 في المائة من الناتج العالمي، وتوازن بين مصالح الاقتصادات ذات الدخل المرتفع والاقتصادات النامية المشاركة فيها. وهي ليست مثالية، بشكل كامل، لكنها تقدم على الأقل صيغة مثمرة لمناقشة موضوعات عالمية تغطي معظم الاقتصاد العالمي. في الواقع، بإمكان القمة السنوية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن تحقق كثيرا مما هدفت مجموعة السبع في الأساس إلى تحقيقه.
فقدت مجموعة السبع أهميتها خصوصا لأن قادتها لا يوفون بوعودهم. فهم يحبون الإدلاء ببيانات رمزية، ولا يهتمون بحل المشكلات. والأسوأ من ذلك، أنها تعطي إيحاء بأنها تقدم حلولا لمشكلات عالمية، بينما في الواقع، تتركها كي تتفاقم. ولم تكن قمة هذا العام مختلفة عن سابقاتها.
لنتناول - على سبيل المثال - مسألة لقاحات مرض فيروس كورونا كوفيد - 19. حيث حدد قادة مجموعة السبع هدفا يتمثل في تطعيم 60 في المائة على الأقل من سكان العالم. كما تعهدوا بالمساهمة بـ 870 مليون جرعة مباشرة خلال العام المقبل، وهو ما يعني على الأرجح توفير ما يكفي لتحصين 435 مليون فرد بالكامل (بواقع جرعتين لكل فرد). لكن 60 في المائة من سكان العالم يعني ما يصل إلى 4.7 مليار شخص، أو ما يقرب من عشرة أضعاف هذا العدد.
لم يقدم قادة مجموعة السبع أي خطة لتحقيق هدفهم المعلن فيما يتعلق بالتغطية العالمية، وفي الواقع، لم يطوروا خطة من الأساس رغم سهولة تحقيق ذلك. حيث إن تقدير الإنتاج الشهري لكل لقاح من لقاحات كوفيد - 19 عملية واضحة ومباشرة، وتخصيص هذه الجرعات على نحو عادل وفعال لجميع الدول أمر ممكن تماما.
أحد أسباب عدم تطوير مثل هذه الخطة حتى الآن هو أن حكومة الولايات المتحدة ترفض الجلوس مع القادة الروس والصينيين لوضع استراتيجية لمثل هذا التوزيع العالمي. وثمة سبب آخر يتمثل في أن حكومات مجموعة السبع سمحت لمصنعي اللقاحات بالتفاوض سرا، بدلا من أن تكون مثل هذه المفاوضات جزءا من خطة عالمية. وربما يكمن السبب الثالث في أن مجموعة السبع نظرت في الأهداف العالمية دون التفكير بجدية كافية في احتياجات كل دولة متلقية... يتبع.
خاص بــ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.