السبت, 31 مايو 2025 | 3 ذو الحِجّةِ 1446


هل العالم صاعد ولا يزال في صعود؟ «1من 2»

لولا جائحة كوفيد - 19 لكان نمو إجمالي الناتج المحلي في العقد الماضي قد بلغ نحو 3.6 في المائة - أي: أقل قليلا من نسبة 3.7 في المائة التي سجلتها الفترة من 2000 - 2009. وهذه نتيجة لا بأس بها بالنظر إلى كل التحديات، وعلى عكس المزاج الذي كان سائدا قبل الجائحة.
وبالفعل، لقد شهد كل عقد منهما نموا اقتصاديا أقوى مما سجلته ثمانينيات وتسعينيات القرن الـ 20، إذ بلغ في كل منهما 3.3 في المائة تقريبا. وكانت النتيجة هي خروج مئات الملايين من دائرة الفقر المطلق، ويرجع أحد أسباب ذلك إلى معجزة النمو بقيادة ما يطلق عليه الأسواق الصاعدة، ومنها مجموعة بريكس العزيزة التي كانت في مقدمة النمو ومركزه.
ويصادف عام 2021 مرور 20 عاما على صياغتي اللفظ المختصر "بريكس" وهو ما يلخص احتمالات تزايد الأهمية الاقتصادية لكل من البرازيل وروسيا والهند والصين وانعكاسات صعود هذه الدول على الحوكمة العالمية. وبينما العالم يتطلع إلى الفترة المتبقية من عام 2021 وما بعده، فما الذي يمكن أن نتوقعه من الأسواق الصاعدة؟
وحول إعادة النظر في "بريكس" لقد كان هدفي الأساسي في بحثي الأول بعنوان "حاجة العالم إلى اقتصادات أفضل في بلدان بریکس" هو توضيح مبررات تغيير إطار الحوكمة الاقتصادية العالمية، وليس بالضرورة النمو المستقبلي الحتمي لهذه الدول.
وفي بحث لاحق، رسمت صورة لما كان العالم سيبدو عليه، إذا تحقق الاحتمال البعيد كل البعد واستطاعت الدول التي تناولناها بالدراسة أن تحقق الاستفادة الكاملة من إمكاناتها. وقد عرفنا هذا الاحتمال باستخدام المنهجية المعيارية لعلم الاقتصاد الكلي، التي يتحدد النمو الاقتصادي الحقيقي في ظلها بناء على متغيرين: حجم القوى العاملة في هذا البلد وإنتاجية اقتصاده. ونتيجة حجم سكان هذه الدول وحجم القوى العاملة المقترن به، والنطاق المتاح للحاق بمستويات إنتاجية الاقتصادات المتقدمة، أوضحنا بكل سهولة أن معدلات النمو المحتمل في اقتصادات "بريكس" كانت أعلى من معدلات معظم الاقتصادات المتقدمة. ولم يكن الغرض من تحليلنا هو بيان أن جميع هذه الدول ستحقق نموا مستمرا بكامل إمكاناتها. فبصراحة، هذا الأمر ليس واقعيا، ولا هو الرسالة التي كنا نرغب في توصيلها.
وفي هذا السياق، كان العقد الثاني من قرننا هذا على النقيض تماما من العقد الأول الذي ثبت أنه كان أفضل في الدول الأربع مقارنة بما ورد السيناريوهات التي رسمتها عام 2001. وبينما جاءت النتائج في الهند مخيبة للآمال بشكل ملموس في الأعوام الأخيرة، فهي الآن تحقق نموا واسعا يتماشى مع المسار الذي تصورناه. ومع هذا، ففي كل من البرازيل وروسيا، كان الأداء الاقتصادي للفترة من 2010 - 2020 مخيبا للآمال للغاية، ما دفعني إلى المزاح بين حين وآخر قائلا إنني ربما كان ينبغي لي أن أطلق عليها "إيكس" بدلا من "بريكس". فقد عانى كل من البرازيل وروسيا لعنة السلع الأولية المعروفة وهما، كما تشير الأدلة يعتمدان في تنميتهما المستدامة إلى حد كبير للغاية على دورة السلع الأولية العالمية. وهناك فروق كبيرة بين كلا الدولتين، لكن يتعين عليهما تنويع اقتصاديهما بعيدا عن السلع الأولية وتنمية دور القطاع الخاص فيهما.
وعلى العكس من ذلك، تشير القوة الحالية للاقتصاد الصيني إلى أنها تحقق الاستفادة الكاملة من إمكاناتها. فإجمالي الناتج المحلي للصين، الذي تجاوز 14 تريليون دولار "حسب الوضع في 2019"، يزيد على ضعف إجمالي ناتج الدول الأخرى في مجموعة "بريكس" مجتمعة. وحجم بلد كالصين يعني أن اقتصادات "بريكس" مجتمعة أصبحت الآن أكبر من الاتحاد الأوروبي وتقترب من حجم الولايات المتحدة.
وبشأن اختلاف الماضي واختلاف المستقبل فرغم تباطؤ معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للصين بدءا من 2021 نظرا للتحدي الديموغرافي المتزايد أمامها، فإن ذلك لن يمنعها من تخطي الولايات المتحدة لتصبح أكبر اقتصادات العالم. وكي ينمو العالم ككل بوتيرة أسرع، يجب على الدول التي تتمتع بخصائص ديموغرافية مواتية أن تزيد إنتاجيتها... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي