حظر الجائحة يجعل الأطفال يتعاملون مع حياة مختلفة

حظر الجائحة يجعل الأطفال يتعاملون مع حياة مختلفة
يجد بعض الطلاب صعوبة في التكيف مع رؤية الكثير من الأشخاص في المدرسة بعد فترة طويلة في المنزل.

عندما سمعت ليا (ليس اسمها الحقيقي) أن المملكة المتحدة ستغلق، وتغلق مدرستها في جنوب لندن إلى أجل غير مسمى، مرت بمجموعة من المشاعر. ظنت الفتاة البالغة من العمر 15 عاما في البداية أنها ستكون سعيدة بالبقاء في المنزل، كما تقول، لكن بدلا من ذلك "شعرت بالمرض نوعا ما. كانت لدي فقط مشاعر غريبة".
كانت حياة ليا في المنزل مستقرة: كلا الوالدين كان يعمل ولم يصب أحد بالقرب منها بالمرض. تقول: "لم أشعر بالقلق من الوباء". لكنها شعرت في بعض الأحيان بالحزن وتعاني تقلبات مزاجية وتفكر في الأفكار الدائرية في غرفة نومها.
من دون مدرسة لتنظيم وقتها، كانت تمارس وقتها خلال ساعات غريبة، وتنشر عملها من الصباح حتى منتصف الليل. قد يكون من المجهد محاولة التعرف على الفروق الدقيقة في الدروس عبر "زوم" وكانت قلقة من التخلف عن الآخرين. قالت في مكالمة فيديو: "كان شهر يناير أسوأ إغلاق. تنسى كيف تبدو الحياة الطبيعية في الواقع".
كانت المراسلة عبر "إنستجرام" وسيلتها الرئيسة للتواصل مع الأصدقاء. لكن إذا لم يردوا على الفور، فإنها تبدأ في الشعور بالخوف المرضي. تقول: "يمكنك أن ترى عندما يكون الناس نشطين. هذا أثر في أعصابي. ظللت أتحقق، وأتوقع أن يجيب الأصدقاء".
في يونيو من العام الماضي، أرسلت بريدا إلكترونيا لمدرستها لتخبرها أنها تشعر أنها تجد صعوبة في تدبير شؤونها. بالتنسيق مع أحد والديها، أقامت المدرسة مكالمات متكررة مع هيئة التدريس لتقديم المشورة لها بشأن الحدود والتعامل مع الإغلاق، وكذلك بشأن التمارين والنظام الغذائي والنوم. تنكمش ليا الآن نتيجة شعورها بالإحراج وهي تروي قلقها بشأن الإعجابات على "إنستجرام".
يقول خبراء التربية والباحثون إن هذا النوع من التدخل أفضل طريقة لمنع الأطفال والمراهقين من التوهان. من السابق لأوانه معرفة التأثير طويل المدى للوباء في الصحة العقلية، لكن هناك مخاوف من أنه دون مساعدة، سيكون التأثير عميقا بالنسبة للشباب خصوصا.
وجدت دراسة أجرتها الكلية الملكية للأطباء النفسيين أن نسبة الأطفال والشباب الذين تمت إحالتهم إلى خدمات الصحة العقلية في إنجلترا بين أبريل وديسمبر 2020 تزيد 28 في المائة على نسبة الذين أحيلوا بالفترة نفسها من عام 2019. وكانت نسبة تزيد على 18 في المائة بحاجة إلى رعاية عاجلة، وتشمل تقييمات حول ما إذا كانوا بحاجة إلى احتجاز بموجب قانون الصحة العقلية لعام 1983.
لكن كثير من المدارس والجمعيات الخيرية تطبق أساليب إبداعية قائمة على الأدلة تهدف إلى حماية الأطفال من أسوأ آثار العام الماضي. يتسم الشباب بالقدرة على التحمل، ومعظمهم "سينشطون من جديد مع روتين جيد من خلال دعم المدرسة والأسرة"، كما تقول ليزلي فرينش، عالمة النفس التي تعمل في مركز آنا فرويد، مؤسسة خيرية للصحة العقلية للأطفال مقرها شمال لندن.
بالنسبة لكثير من الأطفال والشباب، ساء مزاجهم مع استمرار الوباء. استطلعت مؤسسة YoungMinds الخيرية ومقرها لندن أشخاصا تراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما ممن لديهم تاريخ من احتياجات الصحة العقلية. 75 في المائة منهم وجدوا أن التعامل مع أحدث إغلاق أصعب من التعامل مع الإغلاقات السابقة. عانى الأطفال في الأسر التي تمر بضائقة مالية خصوصا. وبالنسبة للأطفال الذين يتعرضون لسوء المعاملة والعنف المنزلي، لم يكن هناك مفر.
بين الأطفال الأصغر سنا، لاحظ المعلمون تأخرا في تطور اللغة. يجد بعض الطلاب صعوبة في التكيف مع رؤية كثير من الأشخاص في المدرسة بعد فترة طويلة في المنزل. تقول ميشيلا بيسيو، نائبة رئيس برنامج الأعوام الأولى في مركز آنا فرويد، إن الأطفال الذين صادفتهم في جلساتها يتفاعلون بحذر شديد مع الغرباء.
ربما يكون الوباء قد أدى إلى تفاقم مشكلات الصحة العقلية الحالية، كما تقول برنادكا دوبيكا، الرئيسة المنتهية ولايتها لأعضاء هيئة التدريس للأطفال والمراهقين في الكلية الملكية للأطباء النفسيين. غالبا ما كان الإغلاق وتحويل خدمة الصحة الوطنية إلى وضع كوفيد للطوارئ يعني حدوث تأخير في الفحص والعلاج. وتقول: "القاعدة العامة أنه كلما أسرعت في تقديم المساعدة، قل احتمال أن تكون مزمنة وزاد احتمال أن يكون التعافي أسرع". كان الإغلاق يعني أن الأطفال كانوا يأتون عندما كانوا بالفعل في أزمة.
لكن سيكون من المضلل وصف جيل بأكمله بأنه مصاب بالندوب. كانت مجموعة الخبرات واسعة ومتنوعة. يزدهر بعض الأطفال الذين يجدون المدرسة مرهقة عادة، بينما يستمتع آخرون بفرصة قضاء الوقت مع أسرهم وحرية استكشاف اهتماماتهم الخاصة. تقول فرينش إن صحة وعقول الأطفال العقلية التي لا تزال تتطور هي فرصة ومخاطرة في الوقت نفسه.
من المفيد أن كثيرا من المدارس في المملكة المتحدة تفاعلت بشكل ديناميكي وخلاق مع الأزمة. أطلق عدد منها مبادرات تشمل تقديم المشورة ودعم الأقران، وزيادة وقت اللعب، وفي بعض الحالات، دروس أقصر.
في أعماق الإغلاق، كان من الصعب تحديد الأطفال الذين كانوا يكافحون دون رؤيتهم شخصيا، كما يقول نيكولا نوبل، المدير المشارك في مدرسة ساري سكوير الابتدائية في جنوب لندن. لكن المدرسة كان لديها حل: تتبع مستويات قلق الأطفال ورفاهيتهم من خلال الاستطلاعات عبر الإنترنت والمكالمات الهاتفية. "تمكنا من معرفة ما إذا كانوا قلقين بشأن انزعاج والدتهم، أو أن والدهم فقد وظيفته. كان لديك أطفال قالوا إنهم بخير ... كان من خلال جمع البيانات أن نرى أنهم ليسوا بخير". في إحدى الحالات ساعد الموظفون في نقل أم عزباء وعائلتها من شقتهم المليئة بالفئران.
زادت أكاديمية King’s Cross، مدرسة ابتدائية في شمال لندن، ساعات عمل دافينا هادري لجوستا، التي تعمل بدوام جزئي لمساعدتها على دعم محو الأمية العاطفية، إلى خمسة أيام في الأسبوع. إذا كان الطفل يعاني تتم إحالته إلى ما بين ست وثماني جلسات أو يمكن أن يحضر دون موعد. يتحدث من غرفة صغيرة مليئة بالألعاب، توضح هادري لجوستا كيف تستخدم مصباح الحالة المزاجية لمساعدة الأطفال الصغار على التعبير عن مشاعرهم. يضغطون على اللون الأحمر للغضب، والأصفر أو الأخضر للسعادة والأزرق للحزن: تضيف: "في بعض الأحيان عندما يشعرون بالارتباك أو اختلاط المشاعر، يضغطون على زر الفلاش، وبعد ذلك يكون لديهم كل الألوان".
وفي الوقت نفسه، يقوم مركز آنا فرويد بتجربة TriSpace، وهو برنامج يقدم جلسات استشارية ليس فقط للأطفال لكن للآباء والمعلمين -سواء من أجل صحتهم العقلية أو للتحدث عن مخاوفهم بشأن الأطفال. يتم تقديم العلاج السلوكي المعرفي للشباب للتعامل مع القلق والمزاج السيء، كما يوجد تدريب على دعم الأقران للأطفال الأكبر سنا، وبالتالي فإن المجتمع بأكمله مجهز بشكل أفضل.
أحد الأماكن التي يتم فيها اختبار TriSpace هو Keyham Lodge في ليستر، مدرسة حكومية صغيرة تقدم خدماتها للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين 11 و16 عاما ذوي الاحتياجات العاطفية والاجتماعية. يقول راهي بوبات، مسؤول الرعاية الرعوية في المدرسة، إنه معجب بتركيز البرنامج على الرفاهية "من السهل جدا أن تقول: ليدرسوا اللغة الإنجليزية والرياضيات. نعم، لكن أطفالنا يتأقلمون مع حياة مختلفة".
ومع ذلك فإن هذه المبادرات ليست موحدة بأي شكل من الأشكال، ولم تكن جميع المدارس متعاطفة معها. سمعت مؤسسة Mind الخيرية من الشباب الذين يعانون صحتهم العقلية وشعروا بضغوط من المدرسة للتركيز على العمل الأكاديمي، ما أدى إلى تفاقم مشكلاتهم وأثار سلوكيات سيئة. كان رد فعل المعلمين تأديبيا: تحدث أحد الطلاب عن وضعهم في عزلة لمدة أسبوع بعد سرقة مشرط حتى يتمكنوا من إيذاء أنفسهم. تم إرسال آخر إلى العزل بسبب نوبة هلع.
في ربيع هذا العام، تعهدت الحكومة بزيادة التمويل المخصص للصحة العقلية للأطفال. خصصت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية 79 مليون جنيه لتوسيع عدد فرق دعم الصحة العقلية في المدارس والكليات في إنجلترا من 59 في مارس 2020 إلى 400 بحلول عام 2023، إضافة إلى الخدمات المجتمعية مثل العلاج. أعلنت وزارة التعليم أخيرا 17 مليون جنيه للمساعدة على تدريب كبار الموظفين في 7800 مدرسة في مجال الصحة العقلية.
في حين أن الأموال الإضافية مرحب بها من قبل مقدمي خدمات الصحة العقلية والمعلمين، أفاد مفوض الأطفال في إنجلترا بأن هذه الخدمات تاريخيا تعاني نقص التمويل. ووجدوا أن واحدا فقط من كل أربعة أطفال وشباب يحتاجون إلى المساعدة يمكنه الوصول إليها، مع قوائم انتظار طويلة وخدمات غير متساوية في جميع أنحاء البلاد.
قال جيف بارتون، الأمين العام لجمعية قادة المدارس والكليات، إن الأموال تأتي بعد "أعوام من نقص التمويل الحكومي للمدارس والكليات، ما أثر في قدرتها على تقديم الدعم الرعوي". يوافق نوبل على ذلك، قائلا إن المال ليس "استثمارا كبيرا بالنظر إلى عدد تلاميذ المدارس".
تقول كاري سينيور، مديرة أكاديمية Harris Girls’ Academy East Dulwich في جنوب لندن، إن الحصول على هذا الحق هو مفتاح لمستقبل الأطفال. خلال الوباء، اتصلت بـ 300 طفل كانوا يعيشون في ظروف عائلية صعبة أو لديهم مخاوف تتعلق بالصحة العقلية في السابق. "من المهم جدا أن تهتم المدارس بالصحة العقلية. من الصعب على الطفل الحصول على تعليم جيد إذا لم يكن في مكان جيد للتعلم".
للآباء والأمهات القلقين بشأن أطفالهم، تنصح ويندي روبنسون، رئيسة خدمة Childline، وهي خدمة الاستشارة التي تديرها الجمعية الخيرية NSPCC، بالصبر والدعم. وتقول: "الشباب لديهم القدرة على التحمل لكنهم مروا بوقت عصيب بشكل لا يصدق. لا ينبغي لنا أن نفترض أنهم سينتعشون ببساطة".
تستعد ليا الآن لإنهاء العام العاشر. وبقليل من المساعدة من المدرسة ووالديها، تقول إنها طورت بعض المهارات الحياتية المفيدة خلال الـ 12 شهرا الماضية وتساعدها على التعامل مع مخاوفها. تقول بخجل: "تعلمت أن أكون أكثر استقلالية قليلا".

الأكثر قراءة