القوى العظمى .. والمنافسة الاقتصادية والتكنولوجية «2 من 2»
إن المنافسة الاستراتيجية أمر مختلف. وعلى أي حال، هناك تقنيات قوية ذات استخدام مزدوج، غالبا ما تستخدمها قطاعات غير دفاعية، وتعمل على تعزيز الأهداف الاقتصادية والتنموية والأمن القومي. ولا ينبغي للقادة التظاهر بأن الأمر ليس كذلك.
لكن هذا أيضا لا يعني أن الدول محكوم عليها بلعب لعبة محصلتها صفر، وتركز على جعل أو إبقاء الآخرين ضعفاء. بل بالأحرى، يجب أن تتفق الصين والغرب على تحقيق درجة من التكافؤ الاقتصادي والتكنولوجي والدفاعي، والحفاظ عليها. وهذا يعني وقف الجهود المبذولة لمنع انتشار المعرفة والتكنولوجيا - وهي مبادرة استراتيجية نادرا ما تكون فعالة على المدى الطويل.
إن نهجا كهذا من شأنه أن يتجنب مزيدا من التشرذم في النظام الاقتصادي العالمي الذي يضر خاصة بأطراف ثالثة. وستردع الاستخدام الهجومي للقدرات العسكرية أو التكنولوجية، وهو أمر ضروري في بيئة لا يثق فيها أي من الطرفين بالآخر.
لكن النظام الذي يقلل من الحاجة إلى الثقة لا يبرر الإساءة المتبادلة. ولا حرج في تفضيل المرء لنظام الحكم في بلده، بما في ذلك التوازن الخاص بين الحقوق الفردية والمصالح الجماعية. وتستند هذه التفضيلات إلى عوامل مثل الخبرة الشخصية، والتعليم، والقيم، وليس الحقيقة الموضوعية. ولا يوجد دليل واضح على أن نظام حكم بعينه يضمن التنمية الاقتصادية والاجتماعية. فقد كان لكل من الديمقراطيات وأنظمة الحزب الواحد نتائج تنموية جيدة وسيئة. ويبدو أن أهم شرط مسبق للتنمية هو التزام القادة برؤية شاملة لرفاهية الإنسان.
وعندما نفترض أن نظامنا المفضل متفوق بصورة موضوعية وأننا نشيطن البدائل، ينتهي بنا الأمر إلى إساءة صياغة الشروط، والنتائج المحتملة للمنافسة الاقتصادية والاستراتيجية. والأسوأ من ذلك أن التنافس على الحوكمة يصرف الانتباه عن أبعاد الترابط الأكثر إنتاجية.
إن المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية والعسكرية شر لا بد منه. والسؤال هو ما إذا كان سيكون بناء؟. وفي ظل الوضع الراهن، يتجه العالم نحو توازن لن يحققه في سياق تعاني فيه الأطراف الثالثة، أو الأطراف غير الرئيسة أكثر من غيرها.
لكن الأوان لم يفت بعد لتغيير المسار. فبالنظر إلى نقص المعلومات والثقة، المقرون بالديناميكيات السياسية الداخلية، يتطلب القيام بذلك شجاعة كبيرة من القادة في كلا الجانبين. والخطوة الأولى هي أن يتخلى الطرفان عن نوع الخطاب الاستفزازي الذي شهدناه في الأسابيع الأخيرة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.