البرازيل .. موجة كوفيد تضرب النساء الحوامل
بعد حملين صعبين، بدا لفانيسا دي أوليفيرا سيلفيرا أنها قد تكون محظوظة في المرة الثالثة. ولكن في الأسبوع الـ34 من الحمل، بدأت تشعر بتوعك وأصيبت بسعال. عاد اختبار فيروس كورونا إيجابيا، وأصبح التنفس صعبا.
كانت خائفة جدا قال دوجلاس سيلفيريو زوجها، "أخبرتني أنها تخشى الموت بعد ولادتها ولادة قيصرية وألا ينجو الطفل". ومع ذلك، توفيت فانيسا، 33 عاما، أثناء العملية الطارئة لودلاة طفلها في آذار (مارس) الماضي.
وفاتها واحدة من مئات المآسي التي ضربت العائلات في البرازيل، ما أدى إلى معدل وفيات بين الأمهات الجدد أو اللائي سيصبحن قريبا، الأمر الذي أثار قلق الأطباء وخبراء الصحة العامة.
ووفقا لمرصد التوليد البرازيلي، فإن أكثر من 1600 امرأة حامل أو بعد الولادة توفين بسبب أمراض الجهاز التنفسي منذ بداية الوباء.
قالت روسانا بولسينيلي فييرا فرانسيسكو، الأستاذة في قسم التوليد وأمراض النساء في جامعة ساو باولو، التي تقود البحث، "قبل أن يبدأ الوباء، كان لدينا بالفعل معدل وفيات للأمهات يبلغ 55.3 لكل 100 ألف طفل يولدون أحياء، وهو ما يعد مرتفعا للغاية".
وأضافت فرانسيسكو، "لا يمكن القول على وجه اليقين أن البرازيل البلد الذي تموت فيه النساء الحوامل أو ما بعد الولادة أكثر من غيرها بسبب كوفيد، لأنه لا يوجد عديد من الدراسات السكانية حول وفاة كوفيد في هؤلاء النساء... لكن يمكننا بالتأكيد أن نقول إن الأرقام هنا عالية جدا".
بشكل عام، بلغ متوسط وفيات الأمهات في البرازيل عشر نساء كل أسبوع في البلاد خلال عام 2020، وفقا لتحليل أجراه المرصد. هذا العام تضاعف هذا العدد أربع مرات إلى أكثر من 40 امرأة حيث تضاعف معدل الوفيات بين عامة السكان.
وهناك عديد من التفسيرات المقترحة التي تتردد حول كارثة فيروس كورونا الأوسع نطاقا في البلاد، التي أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص بالفعل.
ووفقا لتحليل "فاينانشيال تايمز"، فإن عدد الوفيات بسبب كوفيد - 19 في أكثر دول أمريكا اللاتينية من حيث عدد السكان هو ثاني أعلى معدل من حيث القيمة المطلقة بعد الولايات المتحدة، والسابع على أساس نصيب الفرد.
في حالة النساء الحوامل، يلقي الخبراء باللوم على مزيج من نظام الرعاية الصحية المجهد، وعدم كفاية الخدمات وعدم المساواة في توفيرها، ونقص الخبرة في علاج هؤلاء المرضى أدى إلى انتشار نوع أكثر عدوى من الفيروس.
قالت الدكتورة ليليان كريستينا موريرا، طبيبة الأطفال في ريو دي جانيرو، إن الأبحاث أظهرت أن نحو نصف النساء الحوامل في بعض الولايات البرازيلية اللواتي توفين بسبب فيروس كورونا لم يكن بإمكانهن الوصول إلى وحدة العناية المركزة أو التنبيب.
من بين كل 100 امرأة حامل تم تشخيص إصابتها بكوفيد، تموت 12 امرأة. إنه رقم عال جدا. في حين أن معدل الوفيات بين السكان يبلغ 2.8 في المائة.
يثبط الحمل جهاز المناعة لدى المرأة، ما يجعلها أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية، بينما يؤدي الضغط على أعضاء البطن والحجاب الحاجز إلى تقييد التنفس. إلى جانب الالتهاب الشديد، يتعرض الجسم للإجهاد.
على الرغم من أنه يعتقد أن العدوى الخلقية بكوفيد - 19 نادرة، إلا أنه يمكن للأمهات اللاتي ليس لديهن أعراض أن ينقلن الفيروس إلى الأطفال حديثي الولادة. ووفقا لبيانات حكومية، توفي أكثر من 600 طفل في البرازيل دون عام بسبب المرض أثناء الوباء.
قال عديد من الخبراء إنهم لا يعتقدون أن سلالة "جاما، أو بي 1، من سارس - كوف -2" التي نشأت في الأمازون، كانت في حد ذاتها أكثر ضررا للنساء الحوامل. لكن قابلية انتقاله الأكبر - نحو ضعف المتغيرات السابقة - أدت إلى زيادة عدد الإصابات خلال الأشهر الأخيرة التي طغت في بعض الأحيان على المستشفيات.
وأضافت موريرا أن الإغلاق الفعلي لعديد من الخدمات الصحية المنتظمة أثناء الجائحة أثر في توافر فصول ما قبل الولادة وخدمات تنظيم الأسرة.
وقالت، "نعتقد أن النساء الحوامل أكثر عرضة للخطر بسبب وصولهن إلى النظام الصحي والوضع الاجتماعي والاقتصادي". وتضيف، "مات النساء السود والنساء الفقيرات أكثر".
أوضح مارسيلو أوتسوكا، الطبيب والمنسق في الجمعية البرازيلية لطب العدوى، أنه حتى في حالة توافر المرافق والمعدات المناسبة، في الأغلب ما يكون العاملون في المجال الطبي غير مستعدين للتعامل مع النساء الحوامل المصابات بأمراض خطيرة.
يشمل العلاج قرارات سريرية متوازنة بدقة. ما حدث في قضية فانيسا دي أوليفيرا سيلفيريو يطارد أرملها، دوغلاس، الذي يعيش في مدينة ساو خوسيه دوس كامبوس، في ولاية ساوباولو. قال، "أخبرني الطبيب أنها كانت مستقرة ثم ماتت. وقال لي أحد الأطباء إنهم لا يعرفون لماذا لم تتم العملية القيصرية في وقت سابق. إذا كانوا قد فعلوها، هل كان سيكون الأمر أكثر فاعلية؟".
تنسب فابيانا ألفيس سوزا، من ولاية سيارا في أفقر شمال شرق البلاد، الفضل إلى التدخل الطبي الذي أنقذ حياتها وحياة طفلها.
خضعت الفتاة البالغة من العمر 31 عاما لعملية قيصرية طارئة بعد نحو 30 أسبوعا من الحمل بعد إصابتها بفيروس كورونا. الآن تقول إن ابنها بنيامين "مملوء بالصحة". لكن التجربة تركت بصمتها عليها، "كان هناك عديد من الأمهات المصابات بكوفيد. وكثير منهم لم ينجوا من الولادة".
يستشهد عديد من المهنيين الصحيين بفشل سياسة الصحة العامة كعامل. يتهم المنتقدون الحكومة بالتساهل، بل والإهمال، في التعامل مع الوباء الذي أسهم في انتشاره.
مع تزايد المخاوف بشأن متغير دلتا، وهو متحول آخر شديد العدوى، كما يؤكد الخبراء أهمية التطعيمات. حتى الآن، تم تحصين نحو 14 في المائة من سكان البرازيل البالغ عددهم 212 مليون نسمة بشكل كامل ضد الفيروس.
أعلن مارسيلو كيروغا، وزير الصحة البرازيلي، استئناف التطعيمات للأمهات الحوامل والجدد غير المصحوبات بأمراض مصاحبة. وقد حصروا على أولئك الذين يعانون ظروفا أساسية في آذار (مارس)، بعد وفاة امرأة حامل تبلغ من العمر 35 عاما تلقت حقنة أسترازينيكا.
وكتب على تويتر، "من المتوقع أن تستفيد أكثر من 2.5 مليون امرأة من هذه المرحلة من التحصين".
سيكون الأوان قد فات بالنسبة لدوغلاس سيلفيريو، الذي يواجه الآن تربية أطفاله الثلاثة بمفرده. أخذ أصغر طفلة لديه، ماريا هيلينا، من المستشفى في يوم قداس زوجته.
"كان يوما مليئا بالدموع، وفجأة شعرت بالراحة عند إعادة ابنتي إلى المنزل. كنت سعيدا".