ممنوع التصوير
حين تدخل بيوت الآخرين كضيف فعليك أن تكون ضيفا لطيفا لبقا متصفا بالذوق، فمهما كنت قريبا من أهل البيت و"تمون" عليهم، فذلك لا يمنحك الحق في اختراق خصوصياتهم من خلال تصويرك لتفاصيل الضيافة واستعراض أصناف الطعام الرئيسة والعصائر والحلويات، وتصوير منزل المضيف وأثاثه وزواياه ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى لو كنت مصورا مبدعا ستظهر جمال وكرم ضيافة صاحبك، فإن تلك الصور ربما تسبب له فيما بعد إحراجا ومشكلات عائلية هو في غنى عنها وأنت لا تعلم دهاليزها المخفية.
ما يبدو لك ظاهرا من علاقات اجتماعية ربما لا يكون هو الحقيقة الكاملة، فقد يكون مضيفك يمر بمشكلات عائلية مؤلمة مع إخوانه وأخواته وأصدقائه وبينهم "وقفة نفس"، تمنعه من دعوتهم لحضور المناسبة، وقيامك بالتصوير سيشعل المشكلات أكثر وأكثر وربما يحقدون عليه، ظنا منهم أنه يحط من قدرهم ويتعمد استفزازهم، فما تراه أنت من وجهة نظرك مجرد تصوير قد يراه المضيف كارثة ستجر عليه صدامات ومشكلات عائلية لكنه يتجمل من أجلك، وحين تفكر بشكل عقلاني ستدرك أنه دعاك وتكلف في استقبالك وضيافتك ليحظى بوجودك ويتشارك وإياك تفاصيل اللحظات الجميلة، ويمنحك قدرا أنت تستحقه في نظره، فلا تخدش جمال الضيافة بتصويرك دون استئذان ثم نشر ذلك على "سناب شات" أو "واتساب" وغيرهما.
ومع الأسف بعض النساء تستغل المناسبات الاجتماعية كالزواج والخطوبة والأعياد وطلعات الكافيهات والمطاعم فرصة، لتصفية الحسابات الشخصية فتجعل من نشر الصور في حالة "الواتساب" أو "السناب" ساحة معركة تكيد فيها الأخريات وتثير غيرتهن، ويزداد الاستفزاز أكثر وأكثر حين يصاحب الصور بعض الشيلات الصدامية التي ترفع من مستوى التوتر والبغضاء، الإشكالية أن الذي يدفع الثمن فادحا هي صاحبة الدعوة التي لم يتم الاستئذان منها في التصوير، فبمجرد انتهاء المناسبة ستستقبل كميات لوم وعتاب ومشاعر سلبية و"شرهات" من البقية اللاتي اطلعن على الصور ولم تتم دعوتهن.
هذا الهوس بالتصوير سيصنع منك شخصا معدوم الإحساس ولا مباليا بمشاعر الآخرين، لن يلومك أحد حين تنشر صور مطبخك وسيارتك حتى مخزن منزلك فالأمر خاص بك، لكن اقتحامك لخصوصيات مضيفك وعدم الاستئذان منه في التصوير ونشر الصور، فإن ذلك يدل على قلة الذوق واللباقة.
وخزة:
لو استمر بعض الضيوف في عدم احترام خصوصية المضيف فأتوقع أن يأتي يوم ويكتب أمام سفرة الطعام "ممنوع التصوير"!