تحصين الوعي الصحي
أجزم أن الشأن الصحي الأساسي لا يجوز أن يكون مادة استفتاء للرأي العام. لأن هذا الفعل ضد الوعي.
ثم إن بيئة الاستبانات والاستطلاعات التي تعتمد على منصات التواصل الاجتماعي، لا يمكن ضبطها ولا تعكس بالضرورة الرأي الدقيق، لأنك لا يمكن أن تتحكم في نوعية الشريحة وفي التركيبة الجغرافية والاجتماعية لها. لذلك النتائج التي يتم الحصول عليها، لا يمكن الاعتداد بها. أمس كنت أقرأ تقريرا في إحدى الصحف، يشير عنوانه إلى أن الجرعة الثالثة الخاصة بلقاح كورونا "تجارة شركات".
مصدر التقرير استفتاء أجراه المحرر في "تويتر" لقياس توجهات الناس فيما يخص الجرعة الثالثة من لقاح كورونا. طبعا كانت هناك إجابة إيحائية في الاستبيان تقول، "لن آخذ الجرعة الثالثة لأنها تجارة شركات" وهي الإجابة التي حظيت بالنصيب الأوفى من التصويت.
ورغم إغراء العنوان، لكن الأثر السلبي له ظاهر، خاصة في وقت يتم فيه توجيه الوعي الجمعي المحلي والعالمي لتبني ردة فعل إيجابية تجاه التحصين الكامل.
كما أنه يأتي في الوقت الذي باشرت فيه دول بإعطاء جرعة ثالثة لفئات معينة تشمل فئات من بينهم أولئك الذين تجاوزت أعمارهم الـ60. وهناك دول تتجه لأن تجعل هذه الجرعات موجهة للجميع. وهذا يصدق وفقا لتقارير ظهرت أمس على الولايات المتحدة، حيث سيبدأ منح الجرعة الثالثة هناك الشهر المقبل.
وسبق أن ظهرت إشارات من عدة دول من بينها المملكة إلى هذه الجرعة المعززة للمناعة. والمحصلة الأساسية زيادة تكريس الحصانة المجتمعية تجاه هذا الوباء، خاصة مع ظهور المتحورات التي تمثل تهديدا جديدا. فضلا عن أن بعض تقارير - لم تتأكد بعد - تحدثت عن تراجع في المناعة لبعض اللقاحات لمن تم تطعيمهم في كانون الثاني (يناير) الماضي، الأمر الذي يستدعي مع ظهور المتحورات أن يكون هناك جرعة تنشيطية. كل هذه التفاصيل وسواها تفرض أن يكون هناك حوكمة تحد من ترويج المعلومات التي تؤدي للتردد في أخذ اللقاح.