سلسلة تارجت للتجزئة تهزم المشككين في المتاجر التقليدية
عندما طرحت شركة تارجت خطتها في عام 2017 لإعطاء الأولوية لمتاجرها الفعلية لمحاربة الهجوم التنافسي من قبل "أمازون"، جعل المستثمرون عدم رضاهم واضحا. في اليوم الذي خصص فيه المسؤولون التنفيذيون سبعة مليارات دولار لمتابعة الاستراتيجية، انخفضت الأسهم في مجموعة البيع بالتجزئة 12 في المائة.
يتذكر جون موليجان، رئيس العمليات، في مقابلة له مع "فاينانشيال تايمز"، "كانت هناك وجهة نظر قوية مفادها أن تجارة التجزئة في المتاجر قد ماتت وأن الشركات التي تقود الأعمال الرقمية ستتولى زمام الأمور في النهاية".
أضاف، "الحكمة التقليدية ليست صحيحة دائما. لقد كان واضحا لنا أن التكنولوجيا الرقمية ستنمو، بلا شك، لكن ستظل للمتاجر أهميتها".
بعد أربعة أعوام، قليل من الناس في "وول ستريت" ينكرون نجاح استثمار شركة تارجت. فبينما هجر المتسوقون مراكز التسوق والمتاجر الكبرى أثناء الجائحة، توافدوا إلى سلسلة متاجر تارجت الكبرى ذات الإضاءة الساطعة والتنظيم الجيد.
ارتفعت الإيرادات في عام 2020 نحو 20 في المائة إلى 93.6 مليار دولار، مدفوعة بالازدحام داخل المتاجر وكذلك بالتجارة الإلكترونية. وقفزت الأسهم 170 في المائة منذ أن بدأت الحكومة بمطالبة الأمريكيين بالبقاء في منازلهم في آذار (مارس) 2020، وتجاوزت القيمة السوقية لشركة تارجت الأسبوع الماضي 130 مليار دولار.
لكن بينما يصبح التسوق الإلكتروني أكثر شعبية من أي وقت مضى، تواجه الشركة اختبارا مهما. على عكس أمازون ومختصي البيع الإلكتروني الآخرين الذين يديرون شبكات من المستودعات، تعتمد شركة تارجت على متاجرها الموجودة على الأرض لتلبية طلب التجارة الإلكترونية.
لتعبئة البضائع من أجل توصيلها، يقوم العمال بفرزها داخل المتجر – وهو ترتيب لديه بحسب زين أكبري، محلل البيع بالتجزئة في شركة مورنينج ستار "مواطن ضعف طبيعية". فبينما يضع العملاء مزيدا من الطلبيات عبر الإنترنت، سيصبح "التغلب عليها أصعب وأصعب".
الحظ والبصيرة
الحظ الجيد، وليس النظرة الاستراتيجية، هو الذي يفسر بعضا من تفوق أداء شركة تارجت خلال الجائحة. فبينما أجبرت الحكومة تجار التجزئة الآخرين على الإغلاق لمدة أسابيع، سمحت لسلسلة متاجر تارجت – إضافة إلى "وول مارت" وبعض السلاسل التجارية الأخرى – بالاستمرار في العمل طوال الوقت على أساس أنهم يبيعون الطعام وغيره من البضائع الأساسية الأخرى جنبا إلى جنب مع البنود غير الضرورية. تخزن متاجر تارجت الكبيرة مجموعة واسعة من البضائع، من سمك التونة إلى المناشف وأجهزة التلفزيون.
وعلى الرغم من وجود مثل هذه الميزة الكبيرة للمتاجر على المجمعات التجارية، وسلاسل بيع الملابس وغيرها من المنافسين، قال مسؤولون تنفيذيون في شركة تارجت إنه لم يكن من الحتمي أن تبرز الشركة واحدة من أكبر الشركات الرابحة خلال الجائحة.
ارتفعت مبيعات المتاجر في الأشهر الثلاثة حتى تموز (يوليو) 9 في المائة على أساس سنوي، وفقا لإجماع تقديرات المحللين. وقفزت الأرباح خلال الجائحة، على الرغم من توقعات بأن يظل صافي الدخل ثابتا في الربع الأخير عند نحو 1.7 مليار دولار – جزئيا، كما قال إد يروما من شركة "كي بانك كابيتال ماركتس"، بسبب الضغط التصاعدي على الأجور في شركة بيع التجزئة، التي كانت توظف بحلول نهاية كانون الثاني (يناير) 409 آلاف شخص.
لم تكن سلسلة متاجر تارجت، التي افتتحت أول متجر لها في مينيسوتا في عام 1962، المفضلة لدى العملاء دائما. فقد مرت الشركة بمرحلة صعبة بشكل خاص في عام 2013، عندما تم اختراق بيانات العملاء في هجوم إلكتروني وشرعت في توسع مشؤوم في كندا. تم تعيين بريان كورنيل، الرئيس السابق لـ"سام كلوب" التابعة لشركة وول مارت، رئيسا تنفيذيا في العام التالي ليقود عملية التحول.
قال موليجان، رئيس العمليات في شركة تارجت، إن المديرين التنفيذيين في الشركة قضوا كثيرا من الوقت في قياس آراء العملاء، في محاولة لإيجاد طريقة للتعافي. أضاف، "كان أحد الأمور التي أخبرونا بها، إذا كنت سأتبضع في متجرك، فمن الأفضل أن يكون بيئة رائعة".
تم اتباع تجديدات تجريبية في 25 متجرا. قال موليجان، "لقد قمنا بكثير من الاختبارات. نجح بعضها، ولم ينجح الآخر، لكن هذا أصبح الأساس لدينا لكيفية إعادة تصميم المتاجر".
على عكس تجار التجزئة الآخرين الغارقين في الديون – في الأغلب مدعومين بشركات الأسهم الخاصة – ظل الرفع المالي لشركة تارجت عند مستويات قابلة للخدمة، ما أتاح للمديرين مجالا للاستثمار. حتى في ذروة متاعبها عام 2013، لم يرتفع صافي الدين إلى الأرباح قبل مصاريف الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء كثير فوق الضعفين، وفقا لبيانات "بلومبيرج". لم تكن الخطة الناتجة ثورية، تضمنت التحسينات ميزات مثل ممرات أوسع ولافتات أكثر وضوحا. لكن نظرا لأن تجار التجزئة الآخرين حرموا المتاجر من الاستثمار، تفوقت سلسلة متاجر تارجت. عادة ما تنتج المتاجر المعاد تشكيلها عائدات أعلى 2 في المائة على الأقل من متوسط الشركة.
كما ساعدت مجموعة من السلع ذات العلامات التجارية الشهيرة، من أثاث "ثريشولد" إلى ملابس الأطفال "كات آند جاك"، في جذب المتسوقين.
بينما تستهدف بشكل مباشر السوق الشاملة، تتمتع سلسلة متاجر تارجت بسمعة طيبة كبديل عصري لـ"وول مارت". ويشير المتسوقون الأصغر سنا إلى السلسلة باسم "تارجاي" Tarjay كما لو كانت متجرا فرنسيا، في إشارة إلى بضائعها الأنيقة والرخيصة.
قال موليجان إن تدريب الموظفين حسن من تجربة المتجر أيضا. وكان قد قال سابقا، "إذا ذهبت إلى قسم التجميل لدينا، فلن تجد في الفريق من يعرف حقا أي شيء عن منتجات التجميل. لقد قطعنا شوطا طويلا هناك".
هذا الشهر، تطرح الشركة محال "آلتا بيوتي" في متاجرها، جنبا إلى جنب مع شراكات مماثلة في أقسام أخرى مع "أبل" و"ديزني" و"ليفايس".
العنصر الإلكتروني
وضعت شركة تارجت ما يقارب ألفي متجر في صلب استراتيجيتها الإلكترونية. كانت خاصية "درايف آب"، التي يطلب من خلالها العملاء البضائع عبر الإنترنت ثم يستلمونها من المتاجر، شعبية جدا خلال الجائحة. هذه الخدمة أسهمت بنحو 5 في المائة فقط من مبيعات الشركة الرقمية قبل عامين، لكنها الآن تسهم بأكثر من 30 في المائة.
أشار موليجان إلى أن خاصية النقر والتسلم لها ميزة واضحة لتاجر التجزئة. قال، "إذا نظرت إلى اقتصادات الطلبيات المشحونة، فإن الشيء المهم هو تكلفة الشحن". بينما تسعى شركة تارجت إلى تقليل تكاليف شحن "الميل الأخير"، تظل عملية التسليم أكثر صعوبة. فبينما خصصت "أمازون" مستودعات للتجارة الإلكترونية، ترسل شركة تارجت الأغلبية العظمى من الطلبيات من متاجرها.
وبحسب موليجان، كان من المنطقي لشركة تارجت أن تستغل متاجرها إلى أبعد حد، لأسباب ليس أقلها أن نحو 80 في المائة من مخزونها موجود في المتاجر، ونحو ثلاثة أرباع الأمريكيين يعيشون في نطاق عشرة أميال من كل واحد منها.
مع ذلك، لهذا الإعداد عيوبه. لجلب البضائع للمتسوقين عبر الإنترنت، يمشي العمال عبر المتاجر المصممة لقيام العملاء باستعراض الأشياء المعروضة فيها.
قامت شركة تارجت بنشر أجهزة تحمل باليد للموظفين "الحمالين" حتى يتمكنوا من التنقل بشكل أفضل بين الممرات، من بين مبادرات أخرى لتسريع عملية جمع البضائع. قال أكبري، محلل التجزئة في "مورنينج ستار"، إن وجود متاجر تلبي في وقت واحد احتياجات المتسوقين الافتراضيين والمتسوقين الذين يأتون إلى المتجر "يفرض إيجاد حلول وسط". ومع أن سلسلة متاجر تارجت كانت في وضع أفضل من سلاسل المتاجر الأخرى، إلا أنها لا تزال "غير مثالية للوفاء بالمتطلبات الرقمية".
قالت الشركة إن لديها كثيرا من الطاقة الاستيعابية لمعالجة مزيد من الطلبيات.
استراتيجية ناجحة
بينما تعاني متاجر التجزئة الأخرى لاستعادة توازنها، تسعى شركة تارجت إلى الاستفادة من الاضطراب الناتج في سوق العقارات التجارية. فهي تخطط لفتح 30 متجرا هذا العام، بتركيز خاص على منافذ البيع الأصغر في المدن الجامعية والمراكز الحضرية. وقد افتتحت ثاني متجر في حي "آبر ويست سايد" في نيويورك نهاية الأسبوع الماضي.
لكن إذا كانت تريد بناء مكانة خاصة بها على اعتبار أنها من بين أكثر المشغلين ذكاء في البيع بالتجزئة، فإن لدى شركة تارجت كثير من التحسينات التي يجب إجراؤها.
في العام الماضي ظهرت فراغات على الرفوف، بدءا من قسم الإلكترونيات إلى الأدوات المنزلية، عندما تسببت الجائحة في ارتفاع الطلب على بعض البضائع.
قال نيل سوندرز، المدير الإداري للبيع بالتجزئة في شركة جلوبل داتا الاستشارية، إن شركة تارجت بحاجة أيضا إلى القيام بعمل أفضل، مشيرا إلى أن على أنظمتها الداخلية "أن تتحدث مع بعضها بعضا بشكل صحيح". أضاف، "تتمثل إحدى المشكلات المستمرة في أن السعر الذي يراه العملاء على تطبيق الجوال في كثير من الأحيان لا يتطابق مع السعر الذي يرونه في المتجر".
مع ذلك، قال إن استراتيجية "تارجت" الخاصة بالاستثمار الذي يقوده المتجر، والتي كانت في البداية "لا تحظى بشعبية كبيرة" بين المستثمرين، نجحت الآن.