"أونكتاد" لاقتصادات أمريكا اللاتينية: عززوا المرونة لمواجهة الصدمات
بين بداية جائحة كوفيد - 19 ومنتصف 2021، ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل كبير في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، خاصة في الأشهر الأخيرة، لكن مع تباين الآثار على البلدان.
وفي الوقت الذي تعيش فيه دول المنطقة إعادة بناء اقتصاداتها بعد الجائحة، استعرضت الذراع التجارية للأمم المتحدة في دراسة تحليلية أصدرتها أمس العوامل الكامنة وراء ارتفاع الأسعار وتأثيرها المحتمل في بلدان المنطقة وبشكل خاص المعتمدة على السلع الأساسية.
تشدد الدراسة على أن الاختلافات الهيكلية عبر المنطقة ستؤدي على الأرجح إلى تأثيرات غير متجانسة لارتفاع أسعار السلع الأساسية على التجارة ونمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية المعتمدة على السلع الأساسية، وهذا تطور مهم، لأن قطاعات السلع الأساسية تلعب دورا حيويا لعديد من الاقتصادات في المنطقة.
تضيف أن المستوى المرتفع من عدم اليقين بشأن أسواق السلع الأساسية والدرجات العالية من الاعتماد على السلع في جميع أنحاء المنطقة يؤكد الحاجة إلى تعزيز مرونة اقتصادات أمريكا اللاتينية والكاريبي في مواجهة الصدمات المستقبلية.
وتعزو "أونكتاد" دوافع ارتفاع أسعار السلع الأساسية إلى عاملين: الأول، انتعاش النشاط الاقتصادي العالمي، حيث تقدمت البلدان في جهود التطعيم الخاصة بها وأزالت بعد ذلك القيود المفروضة على الحركة. والثاني، مساهمة تحسن توقعات المستثمرين والمستهلكين أيضا في ارتفاع أسعار السلع، خاصة الطاقة والسلع المعدنية والمعادن.
وتقول إنه بالنسبة للمجموعة الأخيرة من السلع، فإن العوامل المرتبطة بالتحول العالمي للطاقة قد تساهم أيضا في تطور الأسعار على المدى الطويل.
وتشير الدراسة إلى أن تأثيرات ارتفاع أسعار السلع الأساسية في المنطقة تتفاقم بفعل الاختلافات في المديونية العامة، وبيئات السياسات المحلية والعوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية الأخرى، التي تؤثر في متغيرات الاقتصاد الكلي.
وتضع مقاييس الأمم المتحدة أي بلد في فئة المعتمد على تصدير السلع الأساسية عندما تمثل السلع 60 في المائة أو أكثر من إجمالي عائدات تصدير البضائع، وفقا لهذا المعيار، صنفت "أونكتاد" جميع دول أمريكا اللاتينية، وكذلك جامايكا وبليز على أنها بلدان نامية تعتمد على السلع الأساسية.
هذا يعني أن 14 دولة من أصل 33 (42 في المائة) في منطقة أمريكا اللاتينية والكاريبي تعتمد على السلع الأساسية. إضافة إلى ذلك، هناك سبع دول في المنطقة لا تفي بعتبة 60 في المائة، لكن لديها حصة سلعية تراوح بين 50 و60 في المائة بحيث تلعب قطاعات السلع الأساسية دورا رئيسا في اقتصاداتها.
يوضح مؤشر مستوى الأسعار في بداية الجائحة وتأثير الوباء في أسعار السلع المختلفة ثلاث نقاط. أولا، أن الطاقة كانت المجموعة السلعية الوحيدة، التي عانت انخفاضا حادا في أوائل 2020 بعد ظهور الجائحة، مع انخفاض الأسعار 61.5 في المائة بالقيمة الحقيقية في الأشهر الأربعة من كانون الثاني (يناير) إلى نيسان (أبريل) 2020.
ثانيا، شهدت المعادن والفلزات انخفاضا أقل بكثير (14.7 في المائة) خلال الفترة نفسها، وأخيرا، لم تتأثر أسعار مجموعات الأغذية. تعكس هذه التطورات تأثير القيود على الحركة، التي فرضت حول العالم في 2020 لإبطاء انتشار كوفيد - 19، التي أثرت بشكل خاص في أسعار الطاقة، وازدياد حالة عدم اليقين، التي أدت إلى تباطؤ الاستثمار، ما أثر في أسعار المعادن والفلزات.
ما هو غير عادي بشأن انخفاض أسعار الطاقة لم يكن حجمه فحسب، بل سرعته أيضا: كان انخفاض السعر الحقيقي 61.5 في المائة في أربعة أشهر متطابقا من حيث النسبة المئوية والسرعة مع أكبر وأسرع انخفاض حتى الآن في أسعار الطاقة، الذي حدث بين آب (أغسطس) وكانون الأول (ديسمبر) 2008 نتيجة للأزمة المالية العالمية، لكن مع ذلك يبقى الانخفاض، الذي سببه الوباء أصغر من حيث الأسعار.
من ناحية أسعار مجموعة السلع المعدنية والمعادن فقد كانت في حزيران (يونيو) 2021 أقل 22.5 في المائة من مستويات الذروة، التي تم تحقيقها في آذار (مارس) 2008 قبل الأزمة المالية العالمية.
بالنسبة لعديد من مصدري السلع الأساسية في المنطقة، أدت زيادات الأسعار إلى زيادة عائدات تصدير السلع على الرغم من ركود أو انخفاض حجم الصادرات.
على سبيل المثال، كانت عائدات الصادرات البرازيلية من البذور الزيتية في الأشهر الستة الأولى من 2021 أعلى 24.3 في المائة، مما كانت عليه في الفترة نفسها 2020 على الرغم من أن أحجام الصادرات كانت أقل قليلا.
من ناحية أخرى، كان لارتفاع أسعار السلع تأثير سلبي في الميزان التجاري لمستوردي السلع. بالنسبة للبلدان، التي تستورد كميات كبيرة من السلع الأساسية مثل الغذاء والوقود، فإن ارتفاع أسعار السلع يعني ارتفاع فواتير الاستيراد ويمكن أن يتسبب في زيادة الفقر وانعدام الأمن الغذائي.
على سبيل المثال، كانت فاتورة واردات الحبوب في كوستاريكا خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2021 أعلى 34.8 في المائة مما كانت عليه في الفترة نفسها 2020، بينما زادت أحجام الواردات 5 في المائة فقط.
تقول "أونكتاد" إن الوقت قد حان لتقوية المؤسسات المحلية، وأطر السياسات لزيادة مرونة اقتصادات أمريكا اللاتينية والكاريبي في مواجهة آثار الصدمات الخارجية المستقبلية، مثل تقلبات أسعار السلع الأساسية وتقلبات تدفق رأس المال.