الاقتصاد العالمي والطريق الصحيح نحو الانتعاش «2 من 2»
يمكننا أن نتوقع مزيدا من الأحداث القاسية نفسها، "وربما ما هو أسوأ منها بكثير" خلال الـ 20 إلى الـ 30 عاما المقبلة. إن فرص منع الأحداث التي شهدناها هذا الصيف منعدمة. ويتمثل التحدي الذي نواجهه الآن، لنتجنب في العقود المقبلة عواقب أكثر خطورة، قد تشكل تهديدا للحياة. ونظرا للرياح الاقتصادية المعاكسة التي تواجه العالم، وستهب على مدى أفق زمني أطول، فإن النمو والتنمية مستقبلا في خطر، فإضافة إلى كون اضطرابات سلسلة التوريد عائقا واضحا أمام النمو، فقد تسهم اليوم في الضغوط التضخمية التي ستتطلب استجابة السياسة النقدية.
كذلك، سيعرقل الفيروس الذي يتحول ليصبح سمة شبه دائمة للحياة النمو والتخصص العالميين. وسيواصل التنقل العالمي نضاله من أجل التعافي. ورغم أن المنصات الرقمية يمكنها أن تعمل كبدائل جزئية، فإن عوائق التنقل ستضرب في النهاية جميع النظم البيئية الاقتصادية والمالية العالمية التي تدعم الابتكار.
وفي الماضي، كانت الظواهر الجوية نادرة الحدوث ومحلية حيث لا تؤثر مخاطرها في توقعات الاقتصاد الكلي العالمي. لكن النمط الجديد يبدو مختلفا بالفعل، إذ من الصعب إيجاد منطقة ليست معرضة لمخاطر عالية مرتبطة بعوامل كثيرة ومتنوعة وتحذر ورقة حديثة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي من أن التغيرات ممكن أن تزيد من تواتر الانكماشات الاقتصادية وشدتها، ما سيؤدي إلى تراجع النمو. وبصرف النظر عن الموارد المخصصة لتعزيز الانتعاش، يجب أن ينعكس هذا الواقع الجديد في النهاية في أسعار الأصول والتأمين.
وخلاصة القول أن التغيرات سرعان ما أصبحت عاملا ملحوظا في أداء الاقتصاد الكلي. ورغم أننا نفتقر إلى مقاييس دقيقة للهشاشة الاقتصادية "أي المرونة في مواجهة الصدمات"، فمن غير المحتمل ألا نستنتج أن الاقتصاد العالمي، خاصة بعض أجزائه الأضعف، أصبحت أكثر هشاشة، إذ تواجه الدول النامية منخفضة الدخل بالفعل تحديات كبيرة عندما يتعلق الأمر بالاتجاهات الديموغرافية، وتكييف نماذج النمو مع العصر الرقمي، وحل مشكلات الحوكمة المحلية. أضف إلى ذلك القيود المالية، والتقلبات والضغط المرتبط بعوامل، والطابور الطويل الذي ينتظر اللقاحات، وكل هذه مقومات يمكن أن تحدث عاصفة حقيقية.
وسيستمر كثير من هذه الأحداث في مستقبلنا القريب. لكن ليس كلها. فعلى سبيل المثال، يبدو أن أسواق رأس المال تتكيف مع الواقع الجديد، كما أن حل مشكلة إمدادات اللقاحات العالمية ليس شديد التعقيد ولا باهظ التكلفة. كل ما هو مطلوب هو التركيز والالتزام متعدد الأطراف.
وسيكون مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالمناخ "كوب 26" الذي سينعقد في جلاسكو في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل حاسما، بل سيكون أصعب من المؤتمرات السابقة. والهدف هو تعزيز الالتزامات الوطنية التي تم التعهد بها في باريس في "كوب 21"، حيث يتوافق المجموع العالمي مع ميزانية الكربون التي تحد من الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.
وختاما، نظرا لأن الأحداث الجوية ستحدث بصورة متكررة وعالمية، وستضرب بصورة عشوائية في أي مكان تقريبا، ستحتاج أنظمة التأمين الاجتماعي والخاص إلى ترقية كبيرة لتكتسب نطاقا متعدد الجنسيات. وقد نحتاج إلى مؤسسة مالية دولية جديدة لتتولى هذا الأمر، وتعمل بصورة وثيقة مع صندوق النقد والبنك الدوليين.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.