كابوس سلسلة التوريد .. أولا السيارات والآن الكراسي والطاولات

كابوس سلسلة التوريد .. أولا السيارات والآن الكراسي والطاولات
أعلنت شركة إيكيا أنها ستستخدم النقل بالسكك الحديدية من الصين إلى أوروبا للمساعدة في حل مشكلة سلسلة التوريد. ويبدو أحد متاجر الشركة في مدينة سيدني الأسترالية. تصوير: شارلس بروير "جيتي"

كان على فيليب مورو أن يكون مبدعا لإبقاء خطوط إنتاج شركة تيماهوم تعمل بعد أن أدى نقص الأخشاب والراتنج والفولاذ إلى نفاد مخزون نصف كتالوج صانع الأثاث الخاص، المكون من 600 عنصر، في وقت سابق من هذا العام.
قال الرئيس التنفيذي للمصنع الفرنسي للطاولات الخشبية والرفوف وحوامل التلفزيون، "لقد تعاملنا مع الأمر بسهولة. إذا لم تكن الألواح السوداء متاحة، ننتقل إلى السنديان أو الألواح البيضاء".
في جميع أنحاء العالم لا يزال مصنعو كل شيء، من الخزائن إلى السيارات أو أجهزة الكمبيوتر، يواجهون أزمة لوجستية أدت إلى تعطيل إمدادات المدخلات الأساسية، ما يهدد الانتعاش الاقتصادي بعد الوباء وزيادة التضخم.
إلى جانب ارتفاع الطلب الاستهلاكي مع إعادة فتح الاقتصادات، أدى هذا النقص في أوروبا إلى ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى له خلال عقد من الزمان - وهو عامل قد يدفع البنك المركزي الأوروبي إلى تقليص برنامج التحفيز المتعلق بالجائحة، البالغ 1.85 تريليون يورو.
الأثاث، أحدث قطاع يشعر بأزمة سلسلة التوريد، يلخص المشكلات الأوسع نطاقا. حتى الشركات العملاقة مثل إيكيا تأثرت. قالت صانعة الأثاث السويدية إنها "لا يمكنها التنبؤ" بموعد استئناف الإمدادات العادية بسبب "عاصفة كاملة من المشكلات" تتضمن نقصا في سائقي الشاحنات في المملكة المتحدة.
هنريك إلم، مدير التوريد العالمي في إيكيا، قال عن الاضطرابات، "لسنا ساذجين لنعتقد أن الأمر قد ينتهي في الأسابيع أو حتى الأشهر المقبلة".
يقول واحد من كل ثلاثة من صانعي الأثاث في الاتحاد الأوروبي إنه تأثر بنقص الإمدادات، وفقا لمسح ربع سنوي أجرته المفوضية الأوروبية. على المستوى العالمي، تكاليف الشحن المرتفعة، وتأخير التسليم بسبب سوء الأحوال الجوية، وإغلاق الموانئ الآسيوية الرئيسة بسبب الجائحة تعد نقاط أزمة كبيرة.
النقل هو "كابوس" حيث يمكن حتى "مسمار أو مكون صغير من آسيا أن يستغرق ثلاثة أشهر"، كما قال تيماهوم مورو، الذي يرأس أيضا هيئة تجارة الأثاث الفرنسية. أضاف: "كان لدينا 16 حاوية تم شحنها إلى الولايات المتحدة في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) لم تصل حتى آب (أغسطس)".
ارتفعت تكاليف النقل بشكل كبير. وفقا لمزودة البيانات "فريتوس"، أصبحت الرسوم بين الصين وأوروبا سبعة أضعاف ما كانت عليه في آب (أغسطس) من العام الماضي.
لحل هذه المشكلة، أشارت إيكيا إلى أنها بصدد تحويل بعض الإمدادات إلى القطارات. قالت، "سنستخدم النقل بالسكك الحديدية من الصين إلى أوروبا لتحرير سعة الحاويات التي يمكننا استخدامها لشحن مزيد إلى الولايات المتحدة".
في غضون ذلك، في الولايات المتحدة تعطلت إمدادات الأخشاب المنشورة، المنقولة عادة بالشاحنات عبر الولايات الجنوبية بسبب إعصار إيدا الذي ضرب ساحل الخليج الأسبوع الماضي.
مع ذلك، تراجعت أسعار الأخشاب المنشورة العالمية إلى النصف عن المستوى القياسي الذي بلغته في أيار (مايو)، على الرغم من أنها ظلت أعلى من مستويات ما قبل الوباء.
القطاعات الأخرى أقل حظا. ما يقارب نصف منتجي المطاط والآلات وأجهزة الكمبيوتر في الاتحاد الأوروبي، ومعظم صانعي المعدات الكهربائية، أبلغوا عن نقص في الإمدادات. ونحو 60 في المائة من شركات صناعة السيارات لا تزال متأثرة.
في ألمانيا، حيث تراحع إنتاج السيارات 30 في المائة عن مستويات ما قبل كوفيد، تخطط فولكسفاجن لنوبات عمل إضافية لتصفية الطلبيات المتراكمة. لكن تفشي المتحور دلتا في آسيا أغلق الموانئ ومنشآت تصنيع أشباه الموصلات هناك، ما أحبط الخطط. إنها مشكلة شائعة في جميع أنحاء القطاع.
قال ماتيو تيرابوشي، نائب الرئيس التنفيذي لمجموعة بريمبو الإيطالية، التي تصنع أنظمة فرامل السيارات، "إذا كنت بحاجة إلى تسلم بضائع من آسيا، فمن الصعب العثور على حاويات، ومن الواضح أن هذا يوجد صعوبات". لكن الأمر الذي يساعد بريمبو أن مصادر بعض الإمدادات محلية، ما يجعل الشركة "في وضع متميز إلى حد ما".
يكافح آخرون لتلبية الطلب. وجد مسح أجرته "دي آي إتش كيه" للشركات الألمانية أن 83 في المائة أبلغت عن زيادات في الأسعار أو مشكلات في تسليم المواد الخام والمنتجات الوسيطة والسلع في آب (أغسطس).
هذا له عواقب اقتصادية أوسع. أدى نقص المدخلات بالنسبة لشركات مثل تيماهوم، التي تبيع في أكثر من 45 دولة حول العالم، إلى تقييد الصادرات وعرقلة نمو منطقة اليورو.
في الوقت نفسه، الفجوة بين الطلبيات والإنتاج - التي وصلت في آب (أغسطس) إلى أعلى مستوى لها في مسح مديري المشتريات لمصنعي منطقة اليورو أجرته "آي إتش إس ماركت" - تضيف ضغوطا تضخمية.
في تموز (يوليو)، ارتفعت أسعار المنتجين في منطقة اليورو بمعدل سنوي 12 في المائة، وهو أسرع ارتفاع منذ بدء الأرقام القياسية في عام 2001، بينما سجل تضخم المستهلك أعلى مستوى له خلال عقد من الزمن، بلغ 3 في المائة في آب (أغسطس).
متى سيتم حل الاضطرابات يبقى سؤالا مفتوحا، كما أن الأمر يختلف حسب الصناعة. تعتقد فولكسفاجن أن إمدادات رقائق الكمبيوتر "ستظل متقلبة للغاية ومرهقة" خلال الربع الثالث من هذا العام.
لكن آنا بواتا، رئيسة أبحاث الاقتصاد الكلي في شركة التأمين "يولر هيرميس"، تعتقد أن التطبيع الكامل لن يحدث حتى عام 2023، نتيجة عقد من نقص الاستثمار في الشحن البحري. وحذر مورتن إنجلستوفت، الرئيس التنفيذي لشركة أي بي إم تيرمنالز، من "حلقة مفرغة" نشأت عن ارتفاع الطلب، وأشار إلى أن هناك حاجة إلى تباطؤ المستهلكين لكي تتمكن مجموعات الشحن من اللحاق بهم.
بعض آخر أكثر تفاؤلا. قال جيوفاني أرفيدي، مؤسس ورئيس مجموعة أرفيدي الإيطالية لصناعة الصلب، إن سوق الصلب "شهدت توهجا في بداية العام (...) لكن لم يعد هذا هو الحال "مع إعادة تشغيل أفران الصهر المغلقة".
وجهة النظر العامة المتفائلة هي أن نقص العمالة والمدخلات سيخف مع انتعاش الطلب في الاقتصادات الغربية، ما يؤدي إلى انتعاش "ينتشر أكثر (...) على مدى بضعة أرباع" كما قال بيرت كولين، كبير الاقتصاديين في "أي إن جي".
وعلى ما يبدو فقد تم تأكيد ذلك الثلاثاء، عندما أظهرت بيانات رسمية ارتفاع إنتاج المصانع الألمانية في تموز (يوليو) للمرة الأولى في أربعة أشهر، على الرغم من اختناق الإمدادات.
الرأي الأكثر تشاؤما هو أمر من السابق لأوانه الإفصاح عنه - تمت الإشارة إليه الثلاثاء في استطلاع متشائم من "زيو" للأعمال.

الأكثر قراءة