البيع على "أمازون" أشبه بدخول كهف التنين

البيع على "أمازون" أشبه بدخول كهف التنين

قد يفكر أي بائع رصين مليا في التعامل مع شركة كان مؤسسها متمسكا بفكرة أن "هامش الربح الخاص بك هو فرصتي". لكن عديدا من التجار، الذين كانوا يائسين للبقاء واقفين على أقدامهم مع تحول مبيعات التجزئة إلى الإنترنت خلال الجائحة، لم يكن لديهم خيار سوى البيع في سوق أمازون الواسعة. وفي آخر إحصاء، تم تصنيع نحو 56 في المائة من الوحدات المباعة على منصة أمازون من قبل 1.9 مليون بائع من جهات خارجية.
ربما يكون جيف بيزوس قد ترك مقعده كالرئيس التنفيذي لشركة أمازون بعد 27 عاما في منصبه لكن الشركة التي أسسها لا تزال مكرسة للسعي الدؤوب وراء الفرص في أرباح الآخرين.
وكما هو موضح في مقال نشر أخيرا في مجلة "هارفرد بزنس ريفيو" من قبل اثنين من الأكاديميين في مجال الأعمال، هما أندريه هاجيو وجوليان رايت، فإن لدى أمازون طرقا عديدة لاستخراج هوامش الربح من التجار.
تجذب شركة التجارة الإلكترونية أكبر عدد ممكن من البائعين إلى منصتها لزيادة المنافسة السعرية. ويمكنها تعديل رسوم الإدراج الخاصة بها أو تعديل خوارزميات التوصيات الخاصة بها بطرق لا يمكن معرفتها للترويج للبائعين أو تخفيض رتبهم. ويمكنها تحديد الاتجاهات الناشئة في بيانات المبيعات الخاصة بها وإطلاق منتجات ذات علامات تجارية منافسة خاصة بها.
كل هذا يجعل البيع على أمازون أشبه بالدخول إلى كهف التنين على رؤوس الأصابع. قد تكون قادرا على الاحتفاظ بالدفء ولكنك تخاطر بالاحتراق. ومع ذلك، على الرغم من المخاطر المعلنة جيدا، فقد تم ضخ مليارات الدولارات في صناديق الاستثمار المتخصصة لاقتناص بعض التجار الصغار الأكثر شهرة على المنصة. ويحسب تطبيق "ماركت بالس"، الذي يتتبع السوق، أن 74 صندوقا من هذا القبيل تم إنشاؤها خارج البلاد لتجنب ضريبة الدخل قد جمعت ما يقارب من تسعة مليارات دولار منذ نيسان (أبريل) 2020، بما فيها "ثراسيو"، و"برلين براندز جروب" و"بيرتش". إن الموضة السائدة التي بدأت في الولايات المتحدة انتشرت الآن في أوروبا. وكان هذا هو الطلب حتى إن أحد الصناديق كان يقدم سيارة تسلا مجانية لكل إحالة تاجر ناجحة. فلماذا يحرص المستثمرون على ابتلاع مثل هذه المخاطر الواضحة بشكل صارخ؟
الإجابة البسيطة تخبرنا عن كثير من الديناميكيات سريعة التطور للأسواق عبر الإنترنت إضافة إلى يأس المستثمرين الطليقين للرقص في الاقتصاد الرقمي. لقد ازدهر بعض التجار القابلين للتكيف في سوق أمازون بفضل إمكانية وصولها الهائل وبنيتها التحتية اللوجستية. المثال الأكثر استشهاد به هو آنكر، الشركة الصينية لتصنيع ملحقات الحاسوب "الأصلية من أمازون"، التي تم إدراجها في شينزين العام الماضي بتقييم قدره ثمانية مليارات دولار.
إذا كانت أمازون تعمل في مجال التوسط المربح لتدفقات البيانات، فيمكن للآخرين الحصول على معلومات مفيدة للبيانات السرية من موقعها أيضا. يمكن لصناديق التجميع الذكية اقتناص التجار الصغار الأكثر مبيعا وتعميق بصيرتهم في خوارزميات أمازون. تمتلك شركة "ثراسيو" ومقرها بوسطن، التي جمعت 1.8 مليار دولار من التمويل، تمتلك الآن 150 علامة تجارية ومحفظة من 22000 منتج. طموحها أن تصبح شركة بضائع استهلاكية ثقيلة الوزن، "بروكتر آند جامبل" جديدة مصممة للعصر الرقمي.
بصفته بائعا مستقلا سابقا، فإن جيم مان، وهو مدير عمليات الاستحواذ في ثراسيو، على دراية بمخاطر العمل على منصة أمازون، "إنك تبني منزلك على عقار لشخص آخر. لكن لا يمكنك تجاهل حقيقة أن معظم الأعمال قد انتقلت إلى العقارات الخاصة بهم ". ومع ذلك، تجادل ثراسيو أنه لا يزال بإمكانها جني الأموال من خلال زيادة المبيعات وزيادة هوامش التجار الذين تكتسبهم عن طريق ضخ رأس المال، ومعرفة كيفية عمل المنصة، وقوة التسويق وخبرة سلاسل التوريد.
من خلال المساعدة على "تصنيع" القاعدة التجارية المجزأة في أمازون وتوفير قوائم وخدمات عالية الجودة وموثوقة، تقول ثراسيو إنها تقدم ما تريده أمازون، ما يجعلها شريكا ذا قيمة. لكن مان يرفض فكرة أن أي شركات تجميعية كبيرة بما يكفي لتغيير ديناميكيات القوة في سوق أمازون. "نحن شوائب صغيرة على الشمس".
إضافة إلى التكتل، يمكن للتجار ابتكار طرق أخرى لتقليل ضعفهم. إحدى الطرق، الموضحة في مقال مجلة "هارفرد بزنس ريفيو"، أن يستخدم التجار أمازون كنافذة متجر أثناء بناء أعمالهم التجارية المباشرة إلى المستهلك من خلال خدمات، مثل منصة "شوبيفاي"، التي توفر الأدوات الرقمية والبنية التحتية لأكثر من مليون شركة. كما يقول توبي لوتكي، الرئيس التنفيذي لشوبيفاي، "أمازون تحاول بناء إمبراطورية. وشوبيفاي تحاول تسليح المتمردين". هناك طريق أكثر سياسية يتمثل في الضغط على المنظمين الناشطين بشكل متزايد للمساعدة على الحفاظ على نزاهة أمازون.
ربما لا يزال عديد من تجار أمازون يستنتجون أن الوقت قد حان للبيع إلى صناديق تجميعية وضخمة وغنية بالسيولة النقدية. لكن بالنسبة إلى المستثمرين في بعض هذه الصناديق، يمكن أن يكون للقصة نهاية أقل سعادة. قد يحقق الأذكى عائدا جيدا من خلال التخلص من خطر التجار الأقوياء. ولكن بفعلهم ذلك، فإنهم سيعززون فقط هيمنة أمازون على السوق أكثر فأكثر.

الأكثر قراءة