التعلم الآلي وتحليل القرارات الاقتصادية
يمكن التعلم الآلي Machine Learning ML أجهزة الكمبيوتر من القدرة على التعلم من البيانات دون أن تتم برمجتها بشكل صريح، لإنشاء نماذج إحصائية تلتقط الأنماط التي تسلكها تلك البيانات، وعمل تنبؤات بناء على تلك الأنماط. التعلم الآلي هو حقل فرعي من الذكاء الاصطناعي، يقع في مكان ما بين علوم الكمبيوتر والإحصاء والاقتصاد القياسي Jordan and Mitchell 2015.
الاقتصاد القياسي يتعلق بتطبيقات الأساليب الكمية على البيانات الاقتصادية، حيث يعتمد على النمذجة التفسيرية التي هي طرق إحصائية لاختبار ومعرفة العلاقات السببية لمختلف الظواهر الاقتصادية. في المقابل، "النمذجة التنبؤية" التي يهدف لها التعليم الآلي هي عملية تطبيق نموذج إحصائي أو خوارزمية يتتبع سلوك البيانات بغرض التنبؤ بالمشاهدات المستقبلية. هذا التشابه مع الاقتصاد القياسي وتوافق هذه الأدوات التطبيقية الحديثة التي تمت فيه، يمنحان التعلم الآلي مكانا خاصا به في أدوات الاقتصاد القياسي.
هناك قضايا أساسية حول العلاقة بين القرارات الاقتصادية ومردودها على القطاعات الاقتصادية المختلفة. وشهدت الأعوام الأخيرة انفجارا في تطبيقات تحليلات القرار، مدفوعا بالتطورات في أساليب التعلم الآلي والتطور الرقمي والأساليب القياسية الحديثة التي قدمت تغيرات كبيرة وركزت على بناء نماذج متقدمة سهلت الحصول على نتائج متميزة تساعد على تحليل القرارات الاقتصادية واستخدام تلك التحليلات للإجابة عن عديد من التساؤلات الاقتصادية. إضافة إلى الزيادات الهائلة في البيانات التي تمكن من تطبيق هذه التقنيات عليها.
كما اكتسبت البيانات الضخمة، أخيرا، زخما في الاقتصاد والإحصاء والاقتصاد القياسي. التعلم الآلي والبيانات الضخمة يذهبان يدا بيد ويمكّنان عديدا من الرؤى الجديدة في هذه التخصصات، نظرا لقدراتهما التنبؤية الممتازة، فقد اكتسب التعلم الآلي أخيرا زخما في كثير من العلوم، فتم تطبيقه لمشكلات العالم الحقيقي، ليشمل التوقعات المحتملة في عديد من المجالات.
يمكن للتعلم الآلي أن يساعد على حل عديد من المشكلات ومنها مشكلات التنبؤ في صنع السياسة الاقتصادية، هناك عديد من التحديات التي تواجهها تنبؤات الآلة في صنع القرارات الاقتصادية، وهي:
1. التواصل بين خبراء التعلم الآلي، وخبراء الاقتصاد القياسي المتخصص في تحليل الظواهر الاقتصادية، وواضعي القرارات الاقتصادية. الهدف هو تقريب المجالات الثلاثة من بعضها بعضا لأهمية معرفة مشكلات التنبؤ، وما يمكن أن يساعد التعاون بينهم على حلها.
2. كيفية عمل التعلم الآلي للنمذجة التنبؤية القائمة على البيانات وبناء نماذج اقتصادية مبنية على ما يستخلصه التعلم الآلي من معلومات مهمة تساعد على بناء نموذج متقدم يوفر تنبؤات قيمة.
3. وأخيرا، التحديات والقيود التي تواجهها تنبؤات الآلة. وتتراوح هذه بين التحديات التقنية والبشرية، والقضايا الأخلاقية والقانونية.
التعلم الآلي ML هو الدراسة العلمية للخوارزميات والنماذج الإحصائية التي تستخدمها أنظمة الكمبيوتر لأداء مهمة محددة دون استخدام تعليمات صريحة. تبني خوارزميات التعلم الآلي نموذجا رياضيا يعتمد على عينة من البيانات، تعرف باسم بيانات التدريب، وتستخدم من أجل إجراء تنبؤات أو اتخاذ قرارات دون أن تتم برمجتها بشكل صريح لأداء المهمة، أي إنها تستنتجها من طبيعة سلوك البيانات. يمكن لنماذج التعلم الآلي في كثير من الأحيان أن تسفر عن تنبؤات أفضل أو حتى نماذج عديدة. ويتم استخدامها من أجل التنبؤ بمردود القرارات الاقتصادية ونتائجها وما سيترتب عليها.
ومع التطور الرقمي يمكن للتعلم الآلي التعامل مع البيانات غير التقليدية ذات الأبعاد العالية جدا للتقدير القياسي، بما في ذلك معلومات الصورة واللغة التي كانت لدينا تقليديا لا ينظر إليها على أنها بيانات يمكننا العمل بها، ناهيك عن تضمينها في الانحدار. تلتقط الأقمار الاصطناعية صورا للأرض منذ عقود، وهو ما يمكننا فعله الآن لا تستخدم فقط كمتجهات منقطة، ولكن كمدخلات ذات مغزى اقتصادي. هناك الأدبيات المتزايدة في علم الاقتصاد باستخدام بيانات الأقمار الاصطناعية، بما في ذلك كيفية ارتباط اللمعان في الليل مع الناتج الاقتصادي Henderson و Storeygard و Weil 2012 أو التنبؤ بحجم الحصاد الذي يتوقع الحصول عليه مستقبليا (لوبيل 2013). لا تحتوي صور الأقمار الاصطناعية بشكل مباشر، على سبيل المثال، مقاييس غلة المحاصيل. بدلا من ذلك، يزودوننا بمتجه (x) كبير قائم على صور البيانات، ثم تتم مطابقة هذه الصور لإنتاج البيانات التي تشكل المتغير (y). هذه الترجمة من صور الأقمار الاصطناعية لتنتج السياسات التي تطبق مستقبليا، هي مشكلة تنبؤ. التعلم الآلي هو الأداة الأساسية التي يتم من خلالها استخراج وقياس إشارات ذات مغزى اقتصادي من هذه البيانات.
هذه المصادر الجديدة للبيانات وثيقة الصلة بشكل خاص عند عدم توافر بيانات موثوقة حول المؤشرات الاقتصادية، كما هو الحال في تتبع واستهداف الفقر في الدول النامية من خلال تدريب شبكة عصبية للتنبؤ بالنتائج الاقتصادية من بيانات الأقمار الاصطناعية في خمس دول. كما ينتج عن التعلم أيضا تنبؤات اقتصادية من بيانات الشبكة واسعة النطاق، على سبيل المثال، استخدام بيانات الهاتف الخلوي لقياس الثروة، ما يسمح لهم بتحديد مستوى الفقر على المستوى الفردي.
يمكن بالطبع استخدام التعرف خارج بيانات الأقمار الاصطناعية والتنبؤ المحلي من النتائج الاقتصادية، على سبيل المثال، استخدام صور الشوارع لقياس الدخل. كما توفر اللغة مصدرا قويا آخر للبيانات، يمكن جعل الاستبانات عبر الإنترنت ذات مغزى من خلال تصنيفها بالتعلم الآلي.