هل يتم بناء الويب التالي على منصة إيثريوم؟
تزايد الاهتمام بمنصة بلوكتشين إيثريوم خلال العام الماضي، حيث تحول المطورون إليها لإنشاء موجة من مشاريع التمويل اللامركزية DeFi والرموز الرقمية الفريدة NFTs.
أدى ظهور تطبيقات جديدة مثل هذه – ضمن أول التطبيقات التي تعمل على البلوكتشين – إلى إنشاء ما يسميه المؤيدون تأثير شبكة قويا، حيث يجلب النشاط المتزايد المزيد والمزيد من المطورين إلى منصة إيثريوم. وقد يجعلها ذلك المنصة المفضلة لما أصبح يعرف باسم ويب 3.0، حيث تتحدى مجموعة من التطبيقات اللامركزية يوما من الأيام عروض الشركات التكنولوجية الكبرى.
قال سانديب نايلوول، المؤسس المشارك لشركة بوليجون، وهي واحدة من عدد متزايد من الشركات التي تعمل على منصة إيثريوم: "إن 60 إلى 70 في المائة من هذه الصناعة تعمل على منصة إيثريوم. إنه أمر عويص".
نتيجة لذلك، قفز سعر عملة إيثريوم، والمعروفة باسم إيثير، أو إيث، التي تُستخدم للدفع مقابل القدرة الحاسوبية اللازمة لتشغيل البلوكتشين، إلى تسعة أضعاف. وبوصولها إلى نحو 350 مليار دولار، أصحبت الرموز المميزة على منصة إيثريوم تساوي الآن ما نسبته 40 في المائة من جميع عملات بيتكوين التي تم إصدارها، أي أكثر من ضعف النسبة التي كانت عليها قبل عام.
لكن تبقى هناك أسئلة أساسية حول ما إذا كانت منصة إيثريوم، التي تأخرت بشدة عن الجدول الزمني بسبب قيامها بإجراء مجموعة من التحسينات الفنية المعقدة، ستكون قادرة على منافسة المنافسين الأكثر ذكاء، وما إذا سيظهر أي إجماع على دورها في المدى الطويل مع تطور عالم التشفير.
قال أفيشال جارج من شركة إليكترك كابيتال، وهي شركة استثمار في سان فرانسيسكو: "ليس هناك طرح مشترك في نظام منصة إيثريوم البيئي. هل هو سلعة مثل النفط، أم ذهب رقمي، أم عملة بيتكوين أفضل؟".
وإلى أن يتفق عالم الاستثمار على إجابة، من المرجح أن يكون سعر رموز منصة إيثريوم متقلبا، كما حذر جارج وآخرون.
جاء ارتفاع سعر عملة إيث مدفوعا بأملين. الأول هو أن منصة إيثريوم دخلت مرحلة جديدة حيث سينمو عدد الرموز المميزة المتداولة بشكل أبطأ بكثير مما كان عليه في الماضي، أو حتى يتقلص. بالنسبة إلى المضاربين الماليين، أدى ذلك إلى زيادة احتمال أن تصبح رموزها أشبه بعملة بيتكوين.
تم بالفعل تقليل العرض من رموز عملة إيث بعد حدوث تغيير الشهر الماضي في طريقة المصادقة على المعاملات على الشبكة. وتم تدمير بعض رموز إيث التي تم دفعها سابقا كرسوم للمعدنين الذين يصادقون على المعاملات، أو "احترقت".
قد تأتي خطوة كبيرة أخرى لاحقا هذا العام أو في أوائل العام المقبل، عندما يحين موعد ابتعاد البلوكتشين عن نظام "إثبات العمل" الحالي، الذي يعتمد على المعدنين الذين يكرسون قدرتهم الحاسوبية للشبكة مقابل المكافآت.
بدلا من ذلك، ستعتمد على نظام "إثبات الحصة"، حيث يشارك المصدقون من خلال إيداع بعض ممتلكاتهم من عملة إيث. إلى جانب الفوائد البيئية التي تأتي من خفض طلبات المعالجة، فإن لهذه الخطوة آثارا مالية كبيرة.
تم إصدار سلسة إثبات الحصة للعمل بالتوازي أواخر العام الماضي. وتم بالفعل إيداع ما يقارب 6 في المائة من معروض عملة إيث هناك من قبل أصحابها لدعم المعاملات، ما يكسب أصحابها عائدا سنويا يقارب 5 في المائة – وهي علامة مبكرة، وفقا للمتفائلين، على مقدار عملة إيث التي سيتم إخراجها من التداول بمجرد اكتمال الانتقال الكامل.
إلى الآن، يُنظر لعملة إيث باعتبارها المرادف المشفر للنفط، كما قال نينوس منصور في شركة أرينجتون إكس آر بي كابيتال، وهي شركة استثمار في العملات المشفرة – سلعة تُستهلك لتشغيل الاقتصاد الرقمي، لكن حيث لا يوجد حد أقصى للعرض. لكن الانخفاض الكبير في معروض الرموز قد يغير ذلك، ما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين المهتمين بأصل منكمش، كما أضاف.
على عكس بيتكوين، لم يتم تأسيس منصة إيثريوم بناء على رؤية نقدية واضحة أو بسقف أعلى لعدد الرموز التي يمكن إنشاؤها. قال فيتاليك بوتيرين، مؤسس منصة إيثريوم وكبير المبشرين بها، إنها ستتكيف فقط مع احتياجات مستخدميها لها مهما كانت. وقال منصور، إن هذا ترك الباب مفتوحا أمام إمكانية إجراء المزيد من التغييرات في كيفية إنشاء الرموز، وبالتالي معروض عملة إيث في المدى الطويل.
الأمل الثاني وراء ارتفاع الأسعار هذا العام هو أن منصة إيثريوم ستكون جزءا أساسيا من البنية التحتية بسبب وظيفة "العقود الذكية" الخاصة بها، وهي رمز البرمجية الذي يقوم بالتنفيذ تلقائيا عند استيفاء شروط معينة والذي يمكن مشاريع التمويل اللامركزية من نظير إلى نظير، مثلا.
لكن سعة الشبكة محدودة للغاية، وسلسلة العروض المقدمة لتخفيف الضغط ما زالت متأخرة عن الجدول الزمني بأعوام.
تعني السعة القصوى للشبكة التي تبلغ نحو 15 معاملة فقط في الثانية أنه، في الأوقات الأكثر نشاطا، تم تقديم عروض لما يدعى رسوم "الغاز" لاستخدامها بأسعار عالية، ما أدى لتقليص جميع المعاملات باستثناء المعاملات ذات القيمة العالية. وهذا أحد الأسباب التي جعلت التطبيقات المالية تلعب دورا كبيرا على الشبكة هذا العام، وفقا لبوترين.
في الوقت نفسه، ظهرت بلوكتشين أحدث ذات قدرة معالجة أكبر، بما في ذلك أفالانش وسولانا وكاردانو.
قال إمين غون سيرر، وهو مؤسس البلوكتشين أفالانش، التي كشفت مؤخرا أنها جمعت 230 مليون دولار من خلال بيع الرموز: "ما تراه على الصعيد العالمي هو اندفاع نحو التطوير – وليس هناك الكثير من البلوكتشين القابلة للتطوير".
على الرغم من أن قيود منصة إيثريوم أفسحت المجال لفتح بلوكتشين أحدث، إلا أن مؤيدي الشبكة يزعمون أنه لن يمكن التغلب على ريادتها المبكرة في العقود الذكية.
تعتمد الآمال بشكل عالِ على عدد كبير من المطورين الذين يقومون بالفعل بإنشاء تطبيقات باستخدام تكنولوجيتها. قال نايلوول، المؤسس المشارك لشركة بوليجون، إن سوليديتي، وهي لغة برمجة البلوكتشين، أصبحت جزءا من حياة مطوري التشفير كما هي الحال مع جافا سكريبت بالنسبة لمطوري الويب.
لجذب المزيد من المطورين، تتيح لهم معظم أنظمة البلوكتشين الجديدة تشغيل تطبيقاتهم في "أجهزة منصة إيثريوم الافتراضية"، ما يؤدي إلى إنشاء جسور للعودة إلى البلوكتشين إيثيروم والحفاظ على الطلب على عملة إيث لتأمين المعاملات في تطبيقاتهم.
ومن الآليات الأخرى التي بدأت تساعد على الخروج من عنق زجاجة معالجة المعاملات ما يسمى شبكات "الطبقة الثانية" مثل شركة بوليجون. تعمل هذه على منصة إيثريوم وتتحمل عنها بعض الضغط، حيث تعمل كأدوات تجميع تعالج المعاملات على شبكاتها الخاصة قبل تجميعها ووضعها على البلوكتشين إيثريوم في معاملة واحدة.
وفقا للداعمين، شبكات الطبقة الثانية الحالية تحتوي على بذور صناعة تكنولوجية أوسع بدأت تتشكل، مع وجود منصة إيثريوم في صميمها. قال نايلوول: "نعتقد أنه سيكون عالما متعدد السلاسل – لكن على منصة إيثريوم".
قال دان فينلي، من شركة ميتاماسك، التي تقدم محافظ على منصة إيثريوم وتدعي حصولها على أكثر من عشرة ملايين مستخدم: "يجب أن تكون هناك مساحة لجميع التطبيقات في النهاية". لكنه أضاف: "ما زلنا في مرحلة يتم فيها تجربة الكثير من استراتيجيات التوسع في وقت واحد. لا أعتقد أنه تم اعتماد أي منها حتى الآن".
في غضون ذلك، شرعت منصة إيثريوم نفسها في إجراء سلسلة من التغييرات على شبكتها الخاصة. حيث أصبح التحول المخطط له لنظام إثبات الحصة أكبر عقبة فنية، لكنه ليس سوى خطوة واحدة في سلسلة قد تستغرق أعواما لتنتهي.
يتضمن تغيير آخر "تجزئة" الشبكة – تقسيمها إلى 64 سجل حساب منفصل لكنها مترابطة، ما يقلل من الضغط على كل عقدة في الشبكة من خلال عدم مطالبتها بالمصادقة على كل معاملة. يقول بوتيرين إنه يعمل أيضا على إجراء تغييرات أخرى على البروتوكول الأساسي لتقليل العبء على العُقَد، ويقول إنه متفائل بأنه في غضون عامين ستزيد بعض هذه المبادرات من السعة بشكل كبير.
قال جاك أوهوليران، الرئيس التنفيذي لشركة سكال، وهي شبكة تعمل على منصة إيثريوم: "سيعتمد نجاح العملة على انفتاح منصة إيثريوم بشكل أكبر. ستصبح طبقة التسوية العالمية" للتطبيقات اللامركزية بجميع أنواعها، كما يتوقع هو وآخرون.
لكن مع كون دور منصة إيثريوم في المدى الطويل محل نقاش، يحذر المستثمرون مثل جارج، من أن أسواق العملات المشفرة قد تكون متأخرة عن الانعكاس الذي سيؤدي إلى عودة بيتكوين إلى هيمنة لا جدال فيها.