حكاية عيد الهلع

أستغرب انتشار ثقافة الاحتفال بعيد الهالوين بين المراهقين والشباب والاستعداد له قبل قدومه بشراء الأزياء التنكرية والقرعة المضيئة وغيرها، دون حتى أن يتعرفوا على معناه وأصله وسبب إقامته. جميل أن ننفتح على العالم الآخر ونتعرف على ثقافات الشعوب ومعتقداتهم وأعيادهم واحتفالاتهم، ولكن ليس من الجميل تقليدهم ونشر ثقافة بعيدة كل البعد عن ثقافتنا ومعتقداتنا، لكل شعب من شعوب العالم مزايا وخصائص وتاريخ لا يشبه غيره ومن هنا يظهر التميز!
نعود إلى عيد الهالوين محل الجدل الذي تحتفل به أمريكا وبعض الدول الغربية في 31 من تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام ويتوافق مع عيد القديسين. تقوم فكرة الاحتفال على ارتداء الملابس التنكرية الغريبة والأقنعة المرعبة والقيام بالخدع المفزعة وإشعال الشموع التي تنزف دما وثمرة اليقطين أو القرع المنحوتة على شكل وجوه ظلالها يعكس أشكال مخيفة وتغطي الجدران برسومات الجماجم والعناكب والساحرات على مكانسهم، وتروى القصص عن جولات الأشباح في الليل. إنه عالم يحول ليلك الهادئ إلى ليلة مليئة بالرعب والهلع!
وتعود جذور هذا العيد إلى الدرويديون القدماء "كهنة بلاد الغال القديمة وبريطانيا وأيرلندا"، حيث كانوا يقيمون عيدا كبيرا للاحتفال بالخريف يبدأ في منتصف ليلة 31 تشرين الأول (أكتوبر) ويمتد حتى نهار الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، وكانوا يؤمنون أن إله الموت العظيم الذى يسمونه "سامان"، يدعو في هذه الليلة كل الأرواح الشريرة التي ماتت خلال العام، التي كان عقابها أن تستأنف الحياة في أجساد حيوانات، لذلك كانوا يوقدون مشعلة ضخمة ويلتزمون بمراقبة شديدة لهذه الأرواح الشريرة.
ولكي لا تتلبسهم، يلبسون عقودا مصنوعة من الثوم والبصل ويرشون بيوتهم بالملح ويرتدون الأزياء المرعبة لطرد الأرواح الشريرة ويتنقل الأطفال بين البيوت لطلب الحلوى ويزعمون أن من يمتنع عن منح الأطفال الحلوى تغضب منه الأرواح الشريرة. إنه مزيج من معتقدات وثنية ومسيحية على الرغم من رفض بعض الكنائس له، حيث وجه بابا الفاتيكان لوما شديدا للمحتفلين بالعيد وقال في رسالته، "أي مأساة أشاهد اليوم، ومسيحيونا يحتفلون بعيد الشيطان (الهالوين)، ماذا حدث لإيماننا؟ إننا نحتضر روحيا، هذا هو يوم إله الموت (ساماهين) عند شعب السلت، وقد وضعوا اليقطينة المنحوتة، للسخرية من تكريم المسيحيين لجماجم القديسين وبقاياهم!".
لقد كان الأصل استخدام البطاطس واستبدلت بالقرع حين انتقل العيد من أيرلندا إلى أمريكا عن طريق المهاجرين القدماء، وعمل الأمريكان على استثمار الهالوين تجاريا خصوصا صناعة الأفلام في هوليوود وبيع مستلزمات العيد!