قريبا .. طرح 10 منتجات تأمينية جديدة بالتعاون مع 30 قطاعا
ما أهداف تعديل نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني الذي صدرت الموافقة عليه ؟
بداية وبمناسبة الموافقة أتقدم بجزيل الشكر والعرفان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، ولا شك أن هذه التعديلات تظهر حرص القيادة على تطوير القطاع المالي، وستعزز دور البنك المركزي الرقابي والإشرافي على قطاع التأمين، بما يكفل حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، كما تهدف التعديلات إلى تنمية القطاع، بإيجاد كيانات قوية قادرة على الاكتتاب في المخاطر الكبيرة وبما يتواءم مع النمو الاقتصادي في المملكة ومشاركة في تحقيق رؤية المملكة 2030.
بصورة عامة حدثنا عن أبرز التطورات في قطاع التأمين أخيرا؟
بداية لا يخفى عليكم حجم سوق التأمين، الذي يتجسد في إجمالي أقساط التأمين المكتتبة. فمنذ نشأة سوق التأمين في المملكة، حقق هذا القطاع نجاحا باهرا من خلال الأقساط المكتتبة التي بلغت مبالغ ضخمة، تصل إلى خمسة مليارات ريال عام 2005، ولم يقف النجاح عند ذلك فحسب، وإنما تتالت القفزات لتشهد نموا كبيرا خلال الأعوام الأخيرة، محققا بدوره أرقاما قياسية غير مسبوقة، فقد بلغ إجمالي الأقساط التأمينية في عام 2020 ما يزيد على 38 مليار ريال، مواصلا ارتفاعه 2.3 في المائة عن العام الذي قبله. ولم يقتصر النمو الملموس على هذا الحد، إنما امتد أثره على فروع التأمين المختلفة أيضا. فبعد أن كان جل الأقساط التأمينية يتمحور حول فرعي المركبات والصحي، شهدت حصة التأمين العام ارتفاعا لتصل إلى 16.2 في المائة من إجمالي الأقساط المحصلة في عام 2020 وبارتفاع في إجمالي الأقساط التأمينية للتأمين العام بلغ 11.3 في المائة عما كان عليه إجمالي الأقساط لهذا الفرع في عام 2019.
من الجانب الآخر، وفيما يتعلق بعمق التأمين، تضاعف معدل العمق منذ نشأة القطاع، الذي كان يشكل 0.44 في المائة مقارنة بـ1.48 في المائة في عام 2020، ومن المؤكد أنه لم يكن من السهل تحقيق ذلك إلا بوجود الإجراءات والتنظيمات، وما استحدث من منتجات جديدة أسهمت بدورها في تطور القطاع ونموه. علاوة على ذلك، فقد أسهم الوعي العام بالتأمين، وتنامي مشاريع التنمية والتطوير في ظل تحقيق رؤية المملكة الطموحة 2030 في تحقيق هدف زيادة نسبة عمق التأمين، مواكبة بدورها المعدلات العالمية لدول مجموعة العشرين.
وفي ظل سعي البنك المركزي لتطوير قطاع التأمين في المملكة، فقد عمل على تطوير عدد من الجوانب في قطاع التأمين وعلى أصعدة عدة. فعلى سبيل المثال، صدرت أخيرا عدد من التعليمات الفنية والتنظيمية التي من شأنها تطوير قطاع التأمين، وتحسين خدماته، وتعزيز حماية حملة الوثائق، يتمثل أهمها في القواعد المنظمة لأعمال وساطة التأمين الإلكترونية، الهادفة إلى تطوير صناعة التأمين، وتسهيل عملية الحصول على التغطية التأمينية لطالبي التأمين عبر شراء المنتجات التأمينية عن طريق المنصة الإلكترونية، وكذلك التعليمات الخاصة بدقة وجودة التسعير وكفاية المخصصات الفنية وحماية المراكز المالية للشركات، وضوابط اعتماد المنتجات التأمينية التي تضمن سهولة وسرعة إصدار الموافقات على المنتجات الجديدة، وما لذلك من دور في نمو القطاع وتعزيز جانب الإبداع والابتكار، وتشجيعه ليواكب القطاع طموحات "رؤية 2030". ومن التعليمات التي صدرت أيضا، القواعد الخاصة بترخيص ورقابة فروع شركات التأمين الأجنبية، والقواعد المنظمة لأعمال التأمين البنكي، وكذلك ضوابط الأعمال الاكتوارية الخاصة بالتأمين، وحظر الجمع بين ممارسة أعمال وساطة التأمين وأعمال وساطة إعادة التأمين، وغيرها من التعليمات التي تهدف إلى الاستمرارية في تعزيز وتطوير القطاع بشكل عام.
أما في جانب توطين الوظائف، فعلى الرغم من أن القطاع ناشئ يتطلب وجود خبرات وكفاءات خارجية يستعان بها لشغل بعض المناصب الفنية والقيادية، إلا أن القطاع حقق ارتفاعا ملحوظا في توطين الوظائف وصل إلى نحو 75 في المائة في عام 2020، وهو ما لم يتم لولا توفيق الله ثم التعاون المثمر بين البنك المركزي والشركات العاملة في القطاع.
أخيرا، وعلى صعيد الاندماجات، التي تعد من مستهدفات البنك المركزي لما لها من دور في تعزيز المركز المالي للقطاع ورفع جودة خدماته وتعزيز حماية حملة الوثائق، فقد شهد القطاع خلال عام 2020 ولأول مرة في تاريخ القطاع نفاذ عدد من الاندماجات بين شركات التأمين، ونتيجة لذلك شهد القطاع ارتفاعا في هامش الملاءة المالية للشركات 15 في المائة ليصل بدوره إلى 181 في المائة في 2020.
ماذا يتطلع البنك المركزي من الشركات العاملة في قطاع التأمين، بعد تعديل بعض مواد نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني؟
دائما ما يرى البنك المركزي الشركات العاملة في قطاع التأمين شريكا وعاملا أساسيا في نجاح القطاع، وبالتالي في الاقتصاد الوطني بشكل عام، وأتوقع من الشركات العمل على دراسة الخيارات الاستراتيجية الممكنة لتحسين مراكزها المالية وتطوير خدماتها وتنافسيتها في قطاع واعد ومليء بالفرص، وأن توائم استراتيجياتها التعديلات الأخيرة للنظام، وبما يواكب التطورات الحاصلة في الاقتصاد السعودي. وأعلم أن شركاتنا تضم كفاءات قادرة على خوض هذه المرحلة، والنجاح فيها - بإذن الله تعالى.
ما أهم التعديلات المدخلة على نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني؟
أبرز التعديلات تمحورت حول رفع الحد الأدنى لرؤوس أموال شركات التأمين بما يمكنها من الاكتتاب في المخاطر الكبيرة، ويسهم في مشاركتها في الناتج المحلي الإجمالي، وعدم الإلزام أن تكون شركات التأمين مساهمة عامة ما يعزز دخول المستثمر الأجنبي، وتمكين قدرة الشركات الكبرى على إدارة المخاطر بالشكل الأمثل من خلال شركات تابعة معنية بتخفيف المخاطر، وهو ما يسمى Captives، كما تضمنت التعديلات حوكمة لترخيص البنك المركزي لممارسة أعمال التأمين في المملكة، وتعزيز لدور البنك المركزي الرقابي والإشرافي، وتوسيعه ليشمل الجانب الفني والسلوكي على قطاع التأمين بما يكفل حقوق المؤمن لهم والمستفيدين، إضافة إلى إلغاء إلزامية إدراج أسهم شركات التأمين، وجعلها اختيارية بعد الحصول على موافقة البنك المركزي ووفقا للضوابط التي يضعها. وإعطاء البنك المركزي صلاحية استحصال المقابل المالي للترخيص والخدمات التي يقدمها، وصلاحية الإعلان عن الإجراءات التي يتخذها البنك المركزي تجاه الشركات العاملة في قطاع التأمين بما يكفل حقوق المؤمن لهم واستقرار قطاع التأمين.
ما زلنا في التنظيم، لاحظنا أخيرا نشر التعاميم على الموقع الرسمي للبنك المركزي السعودي حيث أصبحت سهلة الاطلاع ومتاحة في أي وقت لأي شخص يرغب في استطلاعها، فماذا تعني لكم تلك الخطوة؟
الأصل أن التعاميم ترسل إلى عناوين الشركات المسجلة لدى البنك المركزي، إلا أن البنك المركزي ارتأى نشر تلك التعاميم لرفع الوعي والثقافة التأمينية، وجعل هذه المصادر متاحة للباحثين وإتاحتها للعموم والمهتمين.
صدرت أخيرا ضوابط اعتماد المنتجات التأمينية، فما هدفها؟
انطلاقا من دور البنك المركزي في تطوير قطاع التأمين، والرفع من مستوى جاهزيته لمواكبة التغيرات والتطورات المتسارعة في قطاع التأمين والاقتصاد بشكل عام، التي تحتم وتستوجب وجود آلية مرنة تسهل على الشركات عملية التطوير والابتكار والإبداع، فقد أصدر على إثر ذلك الضوابط الخاصة باعتماد المنتجات التأمينية، سعيا في تيسير الإجراءات التنظيمية والمتطلبات اللازمة، للسماح بتسويق أو بيع المنتجات التأمينية من قبل الشركات على عملائها، وذلك من خلال تحديد فئات المنتجات التأمينية التي تتطلب، إما موافقة البنك المركزي المسبقة وإما إشعاره قبل تسويقها وبيعها.
وتسهم هذه الضوابط في تعزيز كفاءة إدارة المخاطر المتعلقة بتقديم المنتجات التأمينية، وما لذلك من دور في حماية حملة الوثائق، ويحفز الشركات على استحداث منتجات مبتكرة لاستهداف الفرص الجديدة، ومواكبة احتياجات سوق التأمين والتعزيز من ريادة قطاع التأمين السعودي عالميا.
في الآونة الأخيرة اعتمد البنك المركزي عددا من المنتجات التأمينية كمنتج تأمين العيوب الخفية، وطائرات الدرونز وتأمين السفر والزيارة والسياحة والعمرة، إضافة إلى التغطيات التأمينية لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا، كوفيد – 19. فهل تعني هذه الخطوة توجه البنك المركزي إلى دعم استحداث مزيد من المنتجات التأمينية لمواكبة احتياجات السوق خاصة في ظل اعتماده لعدد لا بأس به خلال الفترة السابقة؟
لا شك أن استحداث وتنوع المنتجات التأمينية يسهم في توفير الحماية لجميع الأنشطة الاقتصادية، خاصة في ظل التطورات الاقتصادية الراهنة، لذا تعد إلزامية التأمين عنصرا مساعدا لتطوير وتحسين كفاءة وأداء أي قطاع، ولا سيما مع الاشتراطات المطلوبة التي من شأنها رفع الكفاءة وتحسين إدارة المخاطر، فعلى سبيل المثال عند إلزام التأمين على المباني ضد العيوب الخفية، كان هناك عدد من الاشتراطات الواجب استيفاؤها من خلال المنظومة الداعمة، منها، تصنيف المقاولين، ووجود فاحصين فنيين، وهو ما يؤدي بدوره إلى تسريع عملية تطوير القطاع - بإذن الله.
كما حث البنك المركزي شركات التأمين على تطوير وطرح منتج تأمين للمنشآت الرياضية الخاصة يغطي مخاطر المنشآت، وإصابة اللاعبين والمشتركين في هذه المنشآت في سبيل رفع مستوى الثقافة التأمينية لدى القطاع الرياضي، وتجدر الإشارة هنا إلى حصول شركتين على اعتماد البنك المركزي السعودي لتقديم منتج تأمين المنشآت الرياضية.
وهناك مزيد من المنتجات يجري العمل عليها حاليا، وهي امتداد لدور البنك المركزي السعودي في تطوير قطاع التأمين وسعيه لزيادة نسبة مساهمة القطاع بشكل أكبر في الاقتصاد، كما تم أخيرا بالتعاون مع هيئة الترفيه الانتهاء من استحداث منتج تأمين مخاطر إلغاء الفعاليات الحية، ويجري حاليا العمل على مشاريع عدة لمنتجات يتم استحداثها بالتعاون مع ما يزيد على 30 قطاعا وجهة مختلفة، ومن هذه المنتجات، منتج التأمين على الطرود البريدية، التأمين على عقود العمل للعمالة المنزلية، تأمين الرياضيين والمنشآت الرياضية، تأمين بيوت العطلات، تأمين المركبات التشاركي، التأمين على المهن الحرفية، التأمين ضد تعثر الشركات عن دفع حقوق عمالتها، منتجات التعليم الادخاري وكذلك تأمين الاستزراع السمكي والتأمين على الإبل، وغيرها من المنتجات التي سترى النور قريبا - إن شاء الله تعالى.
ماذا تعني الأعمال الاكتوارية لقطاع التأمين والبنك المركزي السعودي؟
بكل بساطة، الأعمال الاكتوارية السليمة والمؤسسة بشكل مهني صحيح، تعني قطاعا مستداما قادرا - بإذن الله - على التغلب على الصعوبات التي قد تواجه القطاع وتتيح له الفرصة للتوسع والاستمرار، ولذلك صدر عن البنك المركزي السعودي ضوابط الأعمال الاكتوارية، وأكد من خلالها وجوب أن يكون لدى كل شركة تأمين أو إعادة تأمين، اكتواري سعودي مؤهل خلال سبعة أعوام من صدور تلك الضوابط، وهنا نؤكد أن الاكتواري يعد ركيزة أساسية في الأعمال التي تقوم بها شركات التأمين وشركات إعادة التأمين، حيث يؤدي دورا مهما في تصميم المنتجات وتسعيرها، إضافة إلى العمل على التقارير المالية وإدارة المخاطر والمراجعة الداخلية، وهذا استشعار من البنك المركزي لأهمية هذه المهنية وسعيا في أن تكون المملكة محورا للأعمال الاكتوارية في المنطقة والعالم - بإذن الله تعالى.
بدأ البنك المركزي السعودي يصدر أخيرا تقارير ربعية عن سوق التأمين المحلية، إضافة إلى التقرير السنوي، فما الدافع من وراء هذه الخطوة؟
كجزء من التزام البنك المركزي بتوفير معلومات دقيقة وحديثة عن أداء قطاع التأمين في المملكة، بدأ البنك المركزي مطلع عام 2020 في نشر مؤشرات الأداء الرئيسة للقطاع على نحو ربع سنوي، حيث يقارن هذا التقرير الربعي أداء قطاع التأمين للربع المحدد من العام الحالي مع الربع المماثل من العام السابق. وتأتي هذه الخطوة من مبدأ الشفافية ولتعزيز جاذبية القطاع لدى أصحاب المصلحة من العموم والمستثمرين، نظرا لما توفره التقارير الربعية من معلومات محدثة عن أداء القطاع بصورة أدق وبشكل يواكب متغيرات الأداء المتسارعة، ويسهم كذلك في متابعة مؤشرات أداء القطاع بالنسبة للمؤشرات الاقتصادية الأخرى وبشكل أكثر فعالية، فضلا عن استئناس الباحثين في مجال التأمين بتلك البيانات عند إعداد دراساتهم، ولا شك أن لهذه الخطوة أيضا دورا كبيرا في رفع مستوى أداء القطاع، لما تسهم فيه هذه البيانات في عملية اتخاذ القرار.
بدأت الخدمات الإلكترونية تتطور بصورة سريعة عالميا ومحليا وبدأنا نرى الشركات وشركات الوساطة محليا في التوجه إلى الخدمات الرقمية، سواء في البيع أو ما بعد البيع وصدرت القواعد المنظمة لأعمال وساطة التأمين الإلكترونية أخيرا من البنك المركزي السعودي، فما التطورات الأخيرة في هذا المجال وإلى أين ستصل من واقع نظرتكم؟
قطاع التأمين هو أحد القطاعات الداعمة لأي اقتصاد قوي حول العالم، وأنا مؤمن أن قطاع التأمين السعودي سيكون من أكثر القطاعات جاذبية في المنطقة وأكثرها نموا وتقدما من الناحية التقنية في المرحلة المقبلة، إن شاء الله، وذلك من خلال توفير الأدوات الداعمة لذلك وضمان مواكبة مستجدات المرحلة. وأعرج هنا على تعديلات النظام الأخيرة واستخدام التقنية لتحقيق النمو والانتشار، حيث يعد التحول الرقمي أحد أبرز الأدوات التي من شأنها التأثير في نمو القطاع، وذلك لما يمثله من دور مهم وفعال في تعزيز الشمولية المالية وضمان وصول خدمات القطاع لجميع المستفيدين بشكل سريع، من خلال القنوات الإلكترونية التي يسعى البنك المركزي إلى تشجيعها لدى الشركات من خلال تحقيق نسب التحول الرقمي المأمولة منها. وفي هذا الصدد، صدر عن البنك المركزي القواعد المنظمة لأعمال وساطة التأمين الإلكترونية، وشمل ذلك تخفيض رأسمال شركات الوساطة الإلكترونية لتشجيع هذا النشاط وبما يتواءم مع الأخطار، وتجدر الإشارة إلى أن ما يزيد على 10 في المائة من مبيعات القطاع تتم من خلال البيع الإلكتروني، وشهد القطاع دخول عدد من شركات وساطة التأمين الإلكترونية، إضافة إلى تطوير شركات التأمين بنيتها التحتية الرقمية ووجودها بشكل فعال إلكترونيا. أخيرا، الخدمات الإلكترونية اليوم تمثل أحد أهم أوجه التنافس الشريف والعادل بين الشركات.
تحديات قطاع التأمين
نبارك لكم اكتمال ثلاث عمليات اندماج بين شركات التأمين، فهل ما زال البنك المركزي يرى أهمية الاندماج والاستحواذ بين شركات التأمين؟ وما العدد المستهدف لشركات التأمين؟
بداية، يجب إلقاء نظرة تاريخية على القطاع، فقد نشأ قطاع التأمين بعدد شركات كبير وبرؤوس أموال ضعيفة لا تسمح لها بالاكتتاب في المخاطر الكبيرة، وبالتالي يقلل فرص الابتكار ويضعف مشاركتها في الناتج المحلي للمملكة، كما أدى كثرة عدد الشركات في القطاع إلى توزع الكفاءات البشرية العارفة والخبيرة في قطاع التأمين، آخذا في الحسبان حداثة القطاع وتخصصيته، ولذلك وتأسيسا على ما ذكرت في موضوع التعديلات التي طرأت على النظام، فبفضل الله نفذ أول اندماج في قطاع التأمين في عام 2019، وتلا هذا عدد من الاندماجات، سواء في شركات التأمين أو شركات المهن الحرة، وهناك اندماجات أخرى قادمة - بإذن الله، وأرجو من الله أن تكون هذه العمليات محركا في رفع كفاءة القطاع وتعزيز متانته وتحسين تجربة المتعاملين فيه، وسيستمر سعي البنك المركزي في تشجيع وتحفيز وتسهيل عمليات الاندماج في القطاع وزيادة رؤوس أموال الشركات، رغبة منه في الرقي بقطاع التأمين في المملكة، والرفع من كفاءته التشغيلية ومتانته المالية ولإيجاد كيانات تأمينية قوية ومستقرة تسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة الطموحة 2030 وبرامجها. وصلت نسبة التوطين في نهاية العام الماضي إلى 75 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع، فما الجهود التي قام بها البنك المركزي السعودي بالتعاون مع القطاع للوصول إلى تلك النسبة؟ وما النسبة المستهدفة في المستقبل القريب؟
جهود البنك المركزي حثيثة فيما يتعلق بتوطين القطاع وإحلال المناصب بالكفاءات الوطنية المؤهلة وذات الخبرة، حيث يبلغ عدد العاملين في القطاع ما يزيد على 17 ألفا، وعلى الرغم من أن قطاع التأمين يعد قطاعا ناشئا، وقد يتطلب الاستعانة بالخبرات الخارجية، إلا أن التعاون من قبل شركات التأمين وتجاوبها الفعال مع الجهود المبذولة في هذا الصدد قد أثمر فعلا عن ارتفاع ملحوظ في نسبة التوطين واكتمال توطين عدد من الإدارات مثل إدارات مبيعات الأفراد، مطالبات المركبات، وإدارة العناية بالعملاء.
ويسعى البنك المركزي السعودي في الوقت ذاته وبالتعاون مع القطاع لتمكين الكفاءات السعودية وضمان جاهزيتها من خلال تقديم التدريب والتطوير، بهدف توطين جميع الإدارات في قطاع التأمين بالكفاءات المؤهلة علميا ومهنيا من خلال عدد من المبادرات والبرامج، منها على سبيل المثال برنامج الدبلوم المتقدم ACII الذي يعد من أعرق البرامج في مجال التأمين، كذلك البرنامج التحضيري لصناعة التأمين الذي يعد من أهم البرامج التحضيرية في مجال التأمين لإعداد الكفاءات الوطنية الواعدة، وبرنامج التدريب المتقدم بالشراكة مع لويدز لندن المختص بالتأمين ويعنى بتطوير الكفاءات الوطنية وإعدادها للمناصب القيادية، وغيرها من البرامج ذات العلاقة.
وفي هذا الصدد، تم أخيرا توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والبنك المركزي السعودي وصندوق تنمية الموارد البشرية "هدف"، بهدف التعاون بما يضمن اتساق أعمال الوزارة والبنك المركزي السعودي لتوطين جميع القطاعات التي يشرف عليها البنك المركزي السعودي.
جائحة كورونا
خلال جائحة كورونا، كوفيد – 19 حصلت مبادرات عدة في قطاع التأمين مثل، تمديد جميع وثائق تأمين المركبات القائمة للأفراد بنوعيها الشامل وضد الغير لمدة شهرين إضافيين مجانا دون أي تكاليف إضافية على وثائق تأمين المركبات للأفراد بنوعيها وبشكل إلكتروني ودون الحاجة لتواصل العميل مع شركات التأمين. والتبرع بمبلغ نحو 68 مليون ريال لدعم ومساندة جهود وزارة الصحة والكادر الصحي في المملكة، فما المبادرات الأخرى والدوافع لتلك المبادرات وما آثارها في المجتمع المحلي؟
يقوم البنك المركزي السعودي منذ بدء الجائحة بمتابعة يومية للتحقق من مدى تأثير الجائحة في قطاع التأمين وجميع المتعاملين من خلال متابعة التطورات ودراستها وإجراء اختبارات التحمل في مراحل مبكرة من الجائحة لضمان:
1. انسيابية عمل قطاع التأمين.
2. تحديد أبرز المخاطر التي قد تؤثر في الاستقرار المالي للقطاع.
3. عدم تأثر مستوى خدمة المؤمن لهم والمستفيدين.
وكانت استجابة القطاع فورية منذ بداية الجائحة في عام 2020 ابتداء من المساهمة في جهود الصحة باعتبار حالات الاشتباه في كورونا حالات طارئة يشملها التأمين الصحي، وذلك قبل الإعلان بتكفل الحكومة بجميع المصاريف والتكاليف الطبية لهذا الوباء، وفتح الشبكات الطبية للحالات المشتبه بها، إضافة إلى توفير آلية مرنة لعملية صرف الأدوية وتوزيعها دون حاجة المريض لزيارة العيادة.
كما تمت تغطية عمليات التطعيم المنزلي عبر خدمات الرعاية المنزلية، وتفعيل القنوات والخدمات الرقمية بشكل أكبر لخدمة المستفيدين من منازلهم. إضافة إلى ذلك فقد قام عدد من شركات التأمين بتمديد فترة صرف الأدوية من ستة أشهر إلى تسعة أشهر وتوفير أجهزة تنفس وكذلك تخصيص غرف تحكم للمساهمة في مكافحة هذه الجائحة.
وامتدت مبادرات القطاع لتمديد وثائق تأمين المركبات للأفراد لمدة شهرين دون تحمل أي تكاليف إضافية.
وقد شارك القطاع بشكل فعال في عديد من الحملات والخدمات المجتمعية والتوعوية عن فيروس كورونا وكيفية التعامل معه وطرق تجنب انتشار العدوى، ما أسهم في رفع الوعي العام لدى المجتمع.
وفي إطار دعم جهود الدولة في مكافحة جائحة فيروس كورونا، كوفيد - 19 وتخفيف آثارها المالية والاقتصادية المتوقعة على القطاع الخاص وانطلاقا من حرص البنك المركزي على تذليل الصعوبات التي قد تواجه قطاع التأمين، أطلق البنك المركزي السعودي عددا من المحفزات التنظيمية لقطاع التأمين لمواجهة تداعيات الجائحة بما يسهم في المحافظة على سلامة جميع المتعاملين وتيسير تعاملاتهم التأمينية، ومنها تحفيز التعاملات الإلكترونية وتسهيل الحصول على المنتجات التأمينية في الأوضاع الراهنة، وتمكين الشركات العاملة في القطاع من خدمة العملاء بأفضل الطرق المتاحة في ظل الإجراءات الوقائية والاحترازية لمكافحة انتشار فيروس كورونا، وكذلك المحافظة على الاستقرار المالي للشركات العاملة في قطاع التأمين وتخفيف تأثر المركز المالي الخاص بها في مواجهة نقص التدفقات النقدية.
كيف ترون مشاركة القطاع في الخدمة المجتمعية؟ وما أبرز المشاركات التي قام بها، سواء أثناء جائحة كورونا أو بعدها؟
يشجع البنك المركزي السعودي ويثني على مجهودات قطاع التأمين النابعة من المسؤولية المجتمعية تجاه المجتمع، التي تمثلت في إشراف قطاع التأمين على إعداد عدد من الحملات التوعوية التي تهدف إلى رفع الوعي العام وفي شتى المجالات ومنها، حملات توعية قائدي المركبات، حملات توعية الحجاج، حملات التوعية بمرض السكري، حملات التوعية بمرض سرطان الثدي، وغيرها من الحملات التوعوية.
إضافة إلى ذلك فقطاع التأمين لديه دور فعال في عدد من أنشطة الخدمة المجتمعية أيضا التي تشمل تنظيم زيارات المرضى المنومين في المستشفيات وتقديم الهدايا والدعم المعنوي لهم ومشاركتهم في الأعياد، وتنظيم زيارات ورحلات للأيتام، والتفاعل مع اليوم الوطني والاحتفال به. كما يسهم قطاع التأمين في تطوير وتدريب الطاقات الوطنية من متدربين وحديثي تخرج من خلال التشجيع وإيجاد فرص للعمل التطوعي، وإقامة الندوات والمؤتمرات في المدارس والجامعات، وكذلك تمتد أنشطة الخدمة المجتمعية لدى قطاع التأمين لدعم المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
وتجدر الإشارة إلى فوز شركة بوبا العربية للتأمين التعاوني بجائزة الاستدامة الخليجية والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات لعام 2020، وهو إنجاز يحسب لقطاع التأمين في المملكة كله.
سمعنا أخيرا إعلان البنك المركزي السعودي عقد ندوة افتراضية للمعيار الدولي IFRS17 لاقت إقبالا كبيرا من المختصين والمهتمين وبمشاركة ممثلين من أكثر من 20 دولة حول العالم، حدثنا عن هذا المعيار وعن خطة التحول الموضوعة من البنك المركزي كون التحول من المعيار الدولي IFRS4 إلى المعيار الدولي IFRS17 يعد تحولا جذريا في المعايير المحاسبية؟
ولله الحمد، البنك المركزي كان سباقا في عقد هذه الندوة في ظل الجائحة وأوضاعها الراهنة بمشاركة ما يزيد على 400 مختص ومهتم، ومنهم المديرون الماليون في شركات التأمين السعودية، موظفو قطاع التأمين، مستشارو تأمين، مراجعون خارجيون، خبراء اكتواريون، وممثلو الشركات التقنية، والمهتمون من المنظمات الرقابية في المنطقة والعالم.
كما عمل البنك المركزي على خطة تحول واضحة لشركات التأمين و/أو إعادة التأمين العاملة في المملكة للمحافظة على سلامة تطبيق خطة التحول لهذا المعيار والتحقق من انسيابيتها، حيث يعد هذا المعيار من ضمن أعقد المعايير المحاسبية بحسب آراء المختصين والخبراء في هذا المجال، نظرا لاختلاف طبيعة العقود التأمينية والنماذج والسياسات المحاسبية والاكتوارية لها. وأصدر البنك المركزي في عام 2018 تعميما يتضمن تعليمات واضحة لشركات التأمين و/ أو إعادة التأمين العاملة في المملكة تتضمن خطة تحول تلك الشركات لتطبيق هذا المعيار من خلال أربع مراحل، هي: مرحلة تحليل الثغرات، مرحلة تقييم الأثر المالي، مرحلة خطة التطبيق، ومرحلة التطبيق. وتمت متابعة استكمال تلك المراحل مع الشركات دوريا وعقد عدد من ورش العمل مع قطاع شركات التأمين وتزويدها بأبرز الملاحظات وتوقعات البنك المركزي السعودي للمراحل المستقبلية والجداول الزمنية للتحول للمعيار.
وفي صدد جهود البنك المركزي وقطاع التأمين كله نتطلع إلى نتائج هذا المعيار الذي سينتج عنه - بإذن الله - معلومات أكثر دقة وشفافية وجودة لمستخدمي القوائم المالية لشركات التأمين و/أو إعادة التأمين.