«جنرال إلكتريك» تسدل الستار على فصل من تاريخ الشركات الأمريكية

«جنرال إلكتريك» تسدل الستار على فصل من تاريخ الشركات الأمريكية
لاري كولب، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إليكتريك.

عندما كشف لاري كولب عن خطته لتقسيم شركة جنرال إلكتريك إلى ثلاث شركات يوم الثلاثاء من الأسبوع، أغلق فصلا محددا في تاريخ الشركات الأمريكية، ما يشير إلى أي مدى قد ابتعد نموذج أعمال التكتل عن كونه نموذجا مفضلا.
مع تفكير مجموعة توشيبا الصناعية الأكثر شهرة في اليابان هي الأخرى في الانقسام إلى ثلاثة أقسام تحت ضغط من المستثمرين الناشطين وخروج شركة آي بي أم من أعمال الخدمات الخاصة بها، فإنها جميعا تتبع المسار الذي اتخذته شركات مثل يونايتد تيكنولوجيز وداودوبونت وأيه بي بي وشركة سيمينز: إبعاد أنفسها أقصى ما يكون عن الوقت الذي مضى قبل أربعة أو خمسة عقود عندما حددت التكتلات أفضل ممارسات الشركات.
بينما تحدث مدير تنفيذي سابق عن "نهاية شركة جنرال إلكتريك كما نعرفها"، قال كولب، الرئيس التنفيذي للشركة منذ 2008، "إن الشركة توصلت ببساطة إلى أن السماح لشركات الرعاية الصحية والطيران والطاقة بالاعتماد على أنفسها "بتركيز أكبر وتخصيص رأس المال المصمم والمرونة الاستراتيجية كانت الطريقة الأفضل لتجهيزها للمائة عام المقبلة".
قال كولب لفاينانشيال تايمز، "بصراحة، سأترك النظر إلى الوراء والأحداث السابقة، للأكاديميين والمؤرخين. لقد أمضيت حياتي المهنية بأكملها مع هذه النماذج وهناك إجابات مختلفة للشركات المختلفة في فترات زمنية مختلفة".
لكن الرمزية كانت واضحة، كما قالت سارة مولر، أستاذة الشؤون المالية في جامعة بيتسبرج "بشكل أساسي، تخبرنا شركة جنرال إلكتريك أن الأصغر أفضل".
وأضافت أن "صعود شركات الأسهم الخاصة جعل من الصعب على الشركات الصناعية التنافس على الصفقات التي اعتمدت عليها التكتلات، أما الآن فهي بحاجة إلى التركيز والبقاء داخل حدودها، بينما تصبح أكثر كفاءة".
على مدى أعوام في أواخر التسعينيات وبدايات العقد الأول من القرن الـ21، كانت شركة جنرال إلكتريك هي الشركة الأكثر قيمة في الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمتها السوقية ذروتها بنحو 600 مليار دولار في 2000"، وقد جسد جاك ويلش، رئيس مجلس إدارة الشركة ومديرها التنفيذي لمدة 20 عاما حتى 2001، سمعتها في القدرة على إدارة أي عمل.
يتذكر جيفري سونينفيلد، وهو أستاذ في كلية ييل لإدارة الأعمال "ضجيج إيلون ماسك نفسه تقريبا هو الذي كان يقود السهم".
على الرغم من ذلك، فإن تاريخ أسعار أسهمها لا يوضح مدى تأثيرها الثقافي. لقد اشترت أجيال من الأمريكيين مصابيح شركة جنرال إلكتريك وثلاجات جنرال إلكتريك، وروج رونالد ريجان لمنتجاتها قبل أن يصبح رئيسا، وكان كورت فونيجوت مسؤولا عن الدعاية لشركة جنرال إلكتريك قبل أن يكتب سلوترهاوس-فايف.
لكن الانقسام الذي أعلن عنه كولب، الذي يعكس عقودا من عمليات الاستحواذ، له أيضا جذوره في التاريخ. وصفه دين دراي، من شركة آر بي سي كابيتال ماركتس، بأنه أطول انقسام متوقع في القطاع الصناعي، وهو أحدث وأكبر خطوة في عملية مؤلمة لتنظيف وتبسيط شركة جنرال إلكتريك التي بدأت بعد الأزمة المالية التي كشفت عن عيب شبه قاتل في نموذجها.
حول ولش شركة جنرال إلكتريك كابيتال، وهي قسم يركز في الأصل على مساعدة العملاء في تمويل مشترياتهم من محركات الطائرات وتوربينات الطاقة، إلى عملاقة خدمات مالية تشارك في كل شيء من الرهون العقارية عالية المخاطر إلى التأمين. وهو نفسه أطلق عليها اسم "الفقاعة".
كشفت الأزمة المالية في 2007 - 2009 مدى اعتماد المجموعة على شركة جنرال إلكتريك كابيتال ومدى قلة فهم المستثمرين للمخاطر الكامنة فيها.
قال سونينفيلد "إن شركة جنرال إلكتريك كابيتال كانت "وعاء البسكويت" الذي يمكن للمديرين التنفيذين الأخذ منه لتسوية النتائج غير المطمئنة من الشركات العاملة الأخرى. عديد منها لم يكن أداؤه جيدا، لكن جنرال إلكتريك كابيتال وفرت الحماية".
ظهرت أيضا أسئلة حول جودة قسم المحاسبة في شركة جنرال إلكتريك بعد الأزمة. ووافقت لاحقا على دفع 50 مليون دولار لتسوية تهم بالاحتيال المدني في المحاسبة وجهتها الهيئات التنظيمية الأمريكية.
قال روبرت خزامي، مدير قسم الإنفاذ في لجنة الأوراق المالية والبورصات، في ذلك الوقت "لقد حرفت شركة جنرال إلكتريك قواعد المحاسبة إلى أبعد من نقطة الانهيار".
في التسوية التي أجرتها 2009، لم تقر شركة جنرال إلكتريك أو تنف الادعاءات القائلة إنها استخدمت أساليب محاسبية غير سليمة لتحسين نتائجها. ولم تقر ولم تنف اتهامات منفصلة لهيئة الأوراق المالية والبورصات بأنها ضللت المستثمرين، وهي اتهامات سوتها بدفع 200 مليون دولار في كانون الأول (ديسمبر).
بدأت عملية محاولة السيطرة على مخاطر شركة جنرال إلكتريك كابيتال بقيادة جيف إيميلت، خليفة ولش، الذي بدأ سلسلة من عمليات التصرف بما في ذلك بيع محفظة تمويل متخصصة بـ30 مليار دولار لشركة ويلز فارجو في 2015. بحلول ذلك الوقت، كان قد باع أيضا "إن بي سي يونيفيرسال" لشركة كومكاست. وفي 2016 باع شركة جنرال إلكتريك للأجهزة الكهربائية التي تأسست قبل قرن من الزمن، لشركة هاير الصينية.
إيميلت، الذي أدار شركة جنرال إلكتريك قبل هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 حتى 2017، باع معظم شركة جنرال إلكتريك كابيتال، لكنه استمر في متابعة عمليات الاستحواذ. وبشكل ينذر بالشؤم، اشترى شركة ألستوم للطاقة في 2015 عندما ابتعدت السوق عن الوقود الأحفوري.
تطلب الأمر اثنين من الرؤساء التنفيذيين الآخرين لتسوية ماضي شركة جنرال إلكتريك. بعد فترة وجيزة من تولي كولب زمام الأمور، خفض قيمة شركة ألستوم بمقدار 23 مليار دولار، لكنه لم يكن خليفة إيميلت المختار.
كان ذلك جون فلانيري، أحد المخضرمين في الشركة الذي بدأ بخطة لتجريد شركة جنرال إلكتريك إلى قسمي الكهرباء والطيران. لقد استمر ما يزيد قليلا على عام، قبل أن يدفع انخفاض سعر السهم مجلس الإدارة إلى اللجوء إلى كولب، وهو أول شخص خارجي يدير الشركة.
خلال توضيحه أهمية انقسام شركة جنرال إلكتريك يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، لم يركز كولب على التاريخ بل على الالتزامات. فقد ورث 140 مليار دولار من إجمالي الديون ويجب عليه خفض ذلك إلى أقل من 65 مليار دولار بحلول نهاية هذا العام، مع التركيز على كفاءة التصنيع وتحسين التدفق النقدي وبيع مزيد من الشركات، بما في ذلك خدمات الطيران وعلوم الحياة. منذ أن تولى المنصب، ارتفعت القيمة السوقية لشركة جنرال إلكتريك من 98 مليار دولار إلى 122 مليار دولار.
سيستغرق استكمال خطته حتى أوائل 2024، وبعد ذلك يعتزم البقاء مع شركة الطيران، التي ستحتفظ باسم جنرال إلكتريك.
قال "إن الشركات الثلاث المنفصلة ستشكل مستقبل الطيران وتعزز الرعاية الصحية الدقيقة وتقود انتقال الطاقة. لكن في حال فشلها في رفع قيمتها بشكل ملحوظ، فستتضاءل أمام كبار المبتكرين اليوم، مثل أبل وأمازون وتسلا".
أدى ذلك إلى تكهنات بأن واحدة أو أكثر من الشركات يمكن أن تكون هدفا لعمليات الاندماج والاستحواذ. قال صانع صفقات مقرب من شركة جنرال إلكتريك "يمكن أن تكون أعمال الطيران، على وجه الخصوص، أفضل حالا في أيدي شركة الاستحواذ التي يمكنها تغييرها".
قال دراي "إن انقسام شركة جنرال إلكتريك قد يدفع تكتلات أخرى مثل شركة إم 3 وشركة إيتون وشركة إيمرسون إلى تبسيط محافظها الاستثمارية".
فرانك أكويلا، وهو الرئيس العالمي لعمليات الاندماج والاستحواذ في شركة المحاماة سوليفان آند كرومويل، يوافق داري الرأي، قال "لقد وجدت شركة جنرال إلكتريك أخيرا المفتاح لفتح القيمة المتبقية لمساهميها، نظرا إلى ضغوط المستثمرين النشطاء، من المحتمل أن نشهد مزيدا من بيع الشركات الفرعية".
بالنسبة إلى كولب، أدى تضاعف سهم شركة جنرال إلكتريك تقريبا منذ أعماق الجائحة إلى فتح حوافز بقيمة 129 مليون دولار بسعر الإغلاق يوم الثلاثاء. خسر كولب تصويتا استشاريا للمساهمين بشأن راتبه في أيار (مايو)، لكن إذا ارتفع سعر سهم شركة جنرال إلكتريك 20 في المائة عن مستوى ليلة الثلاثاء وظل عند ذلك المستوى لمدة 30 يوما متتالية، فقد يحصل على 233 مليون دولار.
قال بريان جونسون، المدير التنفيذي لشركة أي أس أس كوربورات سولوشين، وهي مزودة بيانات حوكمة الشركات "بالتأكيد كان المستثمرون متشككين بشأن هذه المكافأة. مع ذلك، تحسن سعر السهم منذ تقديم المنحة".
عندما سئل عن كيفية انعكاس الانقسام على سجله، لم يتحدث كولب عن النهايات، قال "آمل أنني ما زلت في الأيام الأولى من وقتي مع شركة جنرال إلكتريك".

كيف تقلصت شركة جنرال إلكتريك منذ الأزمة المالية؟

2009: تشرين الثاني (نوفمبر): تستحوذ شركة يونايتد تكنولوجيز على قسمي الإنذار من الحريق والأمن في جنرال إلكتريك مقابل 1.82 مليار دولار.
كانون الأول (ديسمبر): "جنرال إلكتريك" توافق على بيع 51 في المائة من حصتها في "إن بي سي يونيفيرسال" مقابل 13.75 مليار دولار لشركة كومكاست.
2011: آب (أغسطس): بيع مشروع مشترك لتأجير الحاويات البحرية لمجموعة أتش إن أيه وبرافيا كابيتال مقابل 2.5 مليار دولار.
2012: تموز (يوليو): بيع وحدات أصغر بما في ذلك قسم القروض العقارية التجارية لبنك إيفربنك مقابل 2.51 مليار دولار.
2013: آذار (مارس): بيع 49 في المائة المتبقية من "إن بي سي يونيفيرسال" لشركة كومكاست مقابل 16.7 مليار دولار.
كانون الأول (ديسمبر): بيع أجهزة الاستشعار المتقدمة التجارية من شركة جنرال إلكتريك لشركة أمفينول مقابل 318 مليون دولار.
2014: شباط (فبراير): بيع بنك جنرال إلكتريك موني لبنك سوفكومبنك مقابل 232 مليون دولار.
أيلول (سبتمبر): شركة إلكترولوكس تستحوذ على شركة جنرال إلكتريك للأجهزة مقابل 3.3 مليار دولار.
2015: آب (أغسطس): وحدة تمويل الرعاية الصحية لشركة كابيتال وان مقابل 8.5 مليار دولار.
تشرين الأول (أكتوبر): شركة جنرال إلكتريك كابيتال تبيع محفظة تمويل متخصصة بقيمة 30 مليار دولار لشركة ويلز فارجو.
تشرين الثاني (نوفمبر): بيع شركة جنرال إلكتريك للتمويل والتأمين وشركة جنرال إلكتريك كابيتال فاينانس أستراليا لائتلاف من المجموعات بما في ذلك بنك دويتشه، وبنك كيه كيه آر وشركة فاردي بارتنرز مقابل 6.2 مليار دولار.
2016: نيسان (أبريل): بيع شركة جنرال إلكتريك اليابان لشركة سوميتومو ميتسوي للتمويل والإجارة مقابل 4.7 مليار دولار.
حزيران (يونيو): بيع وحدة الأجهزة المنزلية الأمريكية التابعة لشركة جنرال إلكتريك لشركة كينجداو هاير مقابل 5.6 مليار دولار.
2017: بيع شركة جنرال إلكتريك أوسمونيكس مقابل 3.4 مليار دولار.
2018: أيار (مايو): دمج وحدة النقل مع شركة وابتيك في صفقة بقيمة 11.1 مليار دولار.
تشرين الثاني (نوفمبر): بيع شركة إينيو مقابل 3.25 مليار دولار لشركة أدفينت إنترناشونال. وفي وقت لاحق بيع محفظة من عقود إيجار معدات الرعاية الصحية والقروض من وحدة تمويل معدات الرعاية الصحية التابعة لشركة جنرال إلكتريك كابيتال بمبلغ 1.5 مليار دولار. كما تم التنازل عن حصة تبلغ أربعة مليارات دولار في شركة بيكر هيوز.
كانون الأول (ديسمبر): بيع 90 في المائة من أسهم شركة سيرفس ماكس لشركة سيلفر ليك.
2019: شباط (فبراير): بيع شركة جنرال إلكتريك للنقل لشركة ويستنجهاوس لتقنيات الفرامل الهوائية مقابل 9.7 مليار دولار.
آذار (مارس): بيع شركة جنرال إلكتريك بيوفارما لشركة داناهير مقابل 21.4 مليار دولار.
2021: آذار (مارس): بيع شركة جنرال إلكتريك كابيتال لخدمات الطيران لشركة إيركاب مقابل 30 مليار دولار.
تشرين الثاني (نوفمبر): لاري كولب يعلن خطة لتقسيم شركة جنرال إلكتريك إلى ثلاث شركات.

الأكثر قراءة