راحت عليك

من أكثر الكلمات الموجعة التي ستسمعها كلما تقدمت في العمر هي كلمة "راحت عليك"، كلما رغبت روحك في الانطلاق والاستمتاع بمباهج الحياة الحلوة ستجد من ينتقدك ويعيدك إلى الواقع بقوله "راحت عليك"، ستبدأ في سماعها لأول مرة حين تتجاوز الـ30 وأنت تسعى جاهدا إلى الحصول على وظيفة بديلة تناسب أحلامك وترضي شغفك وتحقق طموحاتك سيقولون لك " راحت عليك، فتمسك بوظيفتك الحالية وانس الأحلام "، ثم ستسمعها كثيرا حين تتجاوز الـ40 حين تفكر بامتلاك منزلك الخاص أو الزواج لأول مرة أو الحصول على الشهادة التي كنت تحلم بها، أما في الـ50 فستسمعها بشكل دائم حين ترغب في التغيير أو إعادة برمجة حياتك أو التخطيط للسفر أو إنشاء مشروعك الخاص أو الدخول في برنامج رياضي وغذائي للحفاظ على صحتك، وفي الـ60 ستصبح هذه العبارة ملازمة لك، خصوصا بعد التقاعد إذا سيرى كل من حولك إلا من رحم الله أن كل شيء في الحياة راح عليك وكل ما عليك فعله هو الاستلقاء على سريرك أو كرسيك أمام التلفاز وانتظار النهاية.
لذلك كن مستعدا لمواجهة هذا المفهوم وعدم الاستسلام له، فما دامت أنفاسك تعلو وتهبط فلك كل الحق في أن تحلم وتستمتع وتخطط لحياتك وتعيشها بكل تفاصيلها الجميلة بغض النظر كم يبلغ عمرك الآن؟ والد صديقتي حين توفيت زوجته وهو في الـ60 من عمره رغب في الزواج ثانية حتى لا يظل وحيدا يجتر أحزانه فانتقده جميع من حوله معتقدين أنها "راحت عليه"، ورغم ذلك تزوج وأنجب أربعة أبناء وهو الآن في الـ80 من عمره يتمتع بنشاط الشباب ويقود سيارته ويلبي طلبات أسرته ويعيش بسعادة، أما التاريخ فيحكي لنا عن قصص نجاح مبهرة لأشخاص كفروا بكلمة "راحت عليك" وطاردوا أحلامهم، فالكولونيل ساندرز أسس أول مطعم بعد سن الـ60 وهو مطعم كنتاكي، والطاهية الشهيرة جوليا تشايلد المعروفة بشغفها بالأطباق الفرنسية حققت نجاحا مذهلا في عمر الـ53 بعد طباعتها لكتابها الذي يتحدث عن فن الطبخ الفرنسي فأصبحت من أشهر الشخصيات الأمريكية.
مهما حاول أحدهم أن يقنعك أنها "راحت عليك" فلا تنصت إليه، ومهما كان عمرك فلك كل الحق أن تستمتع وتحلم وتسافر وتخطط وتلعب وتضحك.
وخزة
يقول ألدوس هكسلي: سر العبقرية هو أن تحتفظ بروح الطفولة إلى سن الشيخوخة، ما يعني أنك لن تفقد حماسك أبدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي