سحب داكنة في سماء 2022 "2 من 2"

يأتي العام الجديد أيضا ومعه مخاوف عديدة ترتبط بمخاطر جهازية. في عام 2021، كشفت موجات الحر، والحرائق، والجفاف، والزوابع، والفيضانات، والأعاصير المدارية، وغير ذلك من الكوارث البيئية عن العواقب الحقيقية الملموسة المترتبة على تغير الطقس والبيئة. لم تقدم قمة COP26 التي استضافتها مدينة جلاسجو سوى أحاديث متفرقة في الأغلب الأعم، ليصبح العالم على مسار يقوده إلى المعاناة من الطقس يرفع حرارة الأرض بمقدار ثلاث درجات مئوية هذا القرن. ويتسبب الجفاف بالفعل في ارتفاع خطير في أسعار الغذاء، وستزداد التأثيرات المترتبة سوءا على سوء.
ما يزيد الطين بلة أن الاندفاع القوي نحو استخدام شعار الاستثمار الأخضر في الأنشطة الاقتصادية وهذا يؤدي إلى تراجع الاستثمار في قطاعات الطاقة المختلفة قبل أن تتوافر إمدادات كافية من الطاقة المتجددة. وستعمل هذه الديناميكية على توليد أسعار طاقة أعلى كثيرا بمرور الوقت. علاوة على ذلك، سترتفع تدفقات اللاجئين بسبب الكوارث الطبيعية والبيئية نحو الولايات المتحدة، وأوروبا، والاقتصادات المتقدمة الأخرى، في الوقت ذاته حيث تبدأ هذه الدول في إغلاق حدودها.
على هذه الخلفية، تزداد حدة الاختلال الوظيفي السياسي في كل من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة. وربما تقدم انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة معاينة للأزمة الدستورية كاملة الأركان -إن لم يكن العنف السياسي الصريح- التي قد تندلع في أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2024. الآن تشهد الولايات المتحدة مستويات تكاد تكون غير مسبوقة من الاستقطاب الحزبي، والجمود، والتطرف، ما يفرض خطرا جهازيا جسيما.
فضلا عن ذلك، تكتسب الأحزاب الشعبوية من أقصى اليمين وأقصى اليسار مزيدا من القوة في مختلف أنحاء العالم، حتى في مناطق مثل أمريكا اللاتينية، حيث كان تاريخ الشعبوية كارثيا. فقد انتخب كل من بيرو وتشيلي قادة يساريين راديكاليين عام 2021. وربما تحذو البرازيل وكولومبيا حذوهما عام 2022، وستستمر الأرجنتين وفنزويلا على مسار يقودهما إلى الخراب المالي. وقد يـفضي تطبيع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وغيره من البنوك المركزية الرئيسة إلى إحداث صدمات مالية في هذه الأسواق وغيرها من الأسواق الناشئة الهشة مثل تركيا ولبنان، فضلا عن الدول النامية العديدة حيث أصبحت نسب الديون غير قابلة للاستدامة بالفعل.
مع نهاية عام 2021، تظل الأسواق المالية تتسم بالضحالة، إن لم يكن الفقاعات الصريحة. كما أصبحت الأسهم العامة والخاصة على حد سواء مكلفة حيث أصبحت نسب الأسعار إلى الأرباح أعلى من المتوسط، وارتفعت أسعار العقارات "السكن والإيجار" في الولايات المتحدة وعديد من الاقتصادات الأخرى، ولا تزال حالة من الهوس قائمة حول الأسهم مفرطة الشعبية، والأصول من العملات الرقمية المشفرة، وشركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة. لا تزال عائدات السندات الحكومية شديدة الانخفاض، كما انضغطت فوارق الائتمان -عالية العوائد والجودة- وهو ما يرجع جزئيا إلى الدعم المباشر وغير المباشر من جانب البنوك المركزية.
وما دامت البنوك المركزية باقية على وضع السياسة غير التقليدية، فقد يستمر الحفل. لكن فقاعات الأصول والفقاعات الائتمانية ربما تنكمش عام 2022 عندما يبدأ تطبيع السياسة. علاوة على ذلك، قد يتسبب التضخم، والنمو المتباطئ، والمخاطر الجيوسياسية والجهازية في إيجاد الظروف الملائمة لتصحيح الأسواق عام 2022. أيا كانت أحداث العام المقبل، فمن المرجح أن يظل المستثمرون في ترقب مستمر طوال القسم الأعظم من العام.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي