تغيير النظام في الاقتصاد العالمي "2 من 2"

ستخلف نقطة تحول لويس عواقب وخيمة على الاقتصاد العالمي. تعرف القوى التي أدت إلى انخفاض الأجور والتضخم على مدى الـ 40 عاما الماضية تراجعا ملحوظا. وهناك مجموعة واسعة من الاقتصادات الناشئة والمتقدمة آخذة في النمو، ما يعزز هذا الاتجاه، وقد أدت جائحة فيروس كوفيد - 19 إلى خفض المعروض من العمالة في عديد من القطاعات، ربما على أساس دائم. وفي ظل هذه الظروف، من المرجح أن ينعكس التراجع في دخول العمال الذي استمر لأربعة عقود كحصة من الدخل القومي رغم أن التشغيل الآلي وغيره من التقنيات سريعة التقدم في مجال توفير العمالة قد تعوق هذه العملية إلى حد ما.
باختصار، بعد أن استنفدت عدة عقود من النمو في الدول النامية قدرا كبيرا من القدرة الإنتاجية غير المستخدمة في العالم، أصبح النمو العالمي مقيدا على نحو متزايد ليس بسبب الطلب بل بفعل ديناميكيات العرض والإنتاجية. هذا ليس تغييرا مؤقتا أو تحولا عابرا.
ومن بين النتائج الواضحة المترتبة على هذه العملية أن القوى التضخمية قد تحولت بشكل أساسي. فبعد استقرار لفترة طويلة، من المحتمل أن يعود منحنى فيليبس الذي يصف العلاقة العكسية بين معدلات التضخم والبطالة بشكل دائم. سترتفع أسعار الفائدة إلى جانب الضغوط التضخمية التي تجبر البنوك المركزية الرئيسة بالفعل على سحب السيولة من أسواق رأس المال.
ومن المتوقع أن يمر الاقتصاد العالمي المثقل بالديون "إرث أعوام من أسعار الفائدة المنخفضة" بفترة من الاضطرابات حيث تتم إعادة ضبط مستويات الديون من أجل بيئة طبيعية جديدة لأسعار الفائدة. وسيجري تعديل عملية توزيع أصول المحفظة وفقا لذلك، وستنتهي فترة الازدهار الممتدة التي تفوق خلالها أداء أصول المخاطر على أداء الاقتصاد.
لا أحد يستطيع أن يخمن كيف يمكن أن يحدث كل هذا بشكل مفاجئ. من المستحيل التنبؤ بنتائج محددة دقيقة. ستكون مواجهة الاقتصاد العالمي لنقطة تحول لويس عبارة عن فترة تتسم بقدر كبير من عدم اليقين، وهو أمر متوقع مع أي تغيير جذري.
سيشهد عديد من أصحاب المصلحة في الاقتصاد العالمي تحولا جوهريا في النظام. فقد أدت عدة عقود من النمو في الاقتصادات الناشئة إلى زيادة هائلة في عدد المستهلكين ذوي الدخل المتوسط والقوة الشرائية الإجمالية، مع إزالة القدرة الإنتاجية العالمية في الوقت نفسه بتكلفة منخفضة للغاية.
وبطبيعة الحال، قد تظل هناك فترات من النمو المقيد بالطلب، في أعقاب أزمات مثل الجائحة أو الصدمات المستقبلية الناتجة عن تغير المناخ. لكن النمط الأساسي سيكون نمط نمو محدود الإمدادات والإنتاجية، وذلك لأن الخزانات المتبقية من الطاقة الإنتاجية غير المستغلة بالكامل ليست كبيرة بما يكفي لمواكبة الطلب العالمي المتزايد.
لا يركز عمل لويس أساسا على الاقتصاد العالمي، باستثناء الحالات حيث توفر الأسواق الدولية التكنولوجيا والطلب اللازمين لتغذية النمو القائم على التصدير في المراحل المبكرة في الدول النامية. ومع ذلك، فإن وجهة نظره القائلة: إن أنماط النمو تتغير بشكل كبير اعتمادا على ما إذا كانت هناك موارد إنتاجية غير مستغلة متاحة خاصة العمالة، أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى.
عند تطبيقها على التحولات الجارية الآن في الاقتصاد العالمي، تتضمن أفكار لويس تغييرات حاسمة في أنماط النمو، وهيكل الاقتصادات، وتكوين سلاسل التوريد العالمية، والأسعار النسبية لكل شيء تقريبا -بدءا من السلع والخدمات والعمالة إلى السلع الأساسية ومختلف فئات الأصول. وبالقدر نفسه من الأهمية، فإنها تشير إلى أن هذا الانتقال سيكون نهائيا. اجتياز النسخة العالمية لنقطة تحول لويس ليس بالأمر السهل. من الضروري أن نبدأ بفهم التغييرات الهيكلية الأساسية.

خاص بـ "الافتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي