بعد ستة أعوام .. وارن بافيت يعود إلى الاستحواذ بصفقة دسمة
في 1998، أعرب وارن بافيت عن أسفه لعدم وجود فرص استثمار جيدة لشركة بيركشاير هاثاواي. كان ينتظر ما أسماه "الصفقة الدسمة"، صفقة تحقق مكاسب كبيرة وسريعة. بدلا من ذلك، كان التكتل المترامي الأطراف على الهامش. قال في ذلك الوقت: "الوقوف هناك منتظرا، يوما بعد يوم، ليس مسليا".
هذا الأسبوع، ولأول مرة منذ ستة أعوام، قرر بافيت أن الوقت قد حان لإبرام صفقة كبيرة.
الصفقة، التي كانت بقيمة 11.6 مليار دولار لشراء شركة أليجاني للتأمين، أنهت موجة جفاف أثارت قلق المستثمرين وتساؤلات حول ما إذا كان المستثمر الملياردير لديه القدرة على التنافس مع مزايدي الأسهم الخاصة الأكثر جرأة. أظهرت الإفصاحات المتعلقة بالصفقة في الأيام السابقة أن شركة بيركشاير قامت ببناء حصة تبلغ قيمتها نحو ثمانية مليارات دولار في الأسهم العادية لشركة أوكسيدنتال بتروليوم المنتجة للنفط.
بغض النظر عن عمليات إعادة شراء الأسهم، هاتان العمليتان تمثلان أكبر انتشار لرأس المال من قبل شركة بيركشاير منذ أن هزت الجائحة الأسواق في 2020. إنها تظهر مستثمرا يجد استثمارات ذات قيمة في سوق الأسهم الأمريكية حتى في ظل الأزمة في أوكرانيا، التي تزيد من احتمالات التباطؤ الاقتصادي وارتفاع التضخم.
قال كريستوفر روسباخ، كبير مسؤولي الاستثمار في "جاي ستيرن آند كو"، وهي مساهم في "بيركشاير" منذ فترة طويلة: "شراء بافيت الآن في خلال حالة عدم اليقين – فيما يتعلق بالأوضاع الجيوسياسية والاقتصادية وأسعار الفائدة - هو تعزيز حقيقي للثقة بالولايات المتحدة والاقتصاد العالمي، إنه يخبرنا أنه يعتقد أن هناك قيمة وأنه يمكنك شراء الشركات التي ستؤدي بشكل جيد وستقدم قيمة أكبر من النقد".
الاستثماران، اللذان تم الحصول عليهما بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، هما تغيير عن نهج بافيت قبل عامين، مع انتشار فيروس كوفيد - 19 وانزلاق الاقتصاد العالمي إلى الركود.
في ذلك الوقت، باع شركات الطيران وقلص ممتلكاته في المصارف الأمريكية الكبرى، التي كانت تخصص مليارات الدولارات من الاحتياطيات للحماية من الخسائر المحتملة على القروض. حتى عندما انتعشت السوق في ذلك العام، ظل حذرا. أشاد بافيت بتدخل صناع السياسات في واشنطن، لكنه قام بالقليل من الاستثمارات التي ميزت نهجه قبل أكثر من عقد خلال الأزمة المالية، عندما أعطى قروضا لشركات كبرى وسخر لها صندوق بيركشاير للتمويل في حال الحرب.
عودته إلى السوق هذا العام أشارت إلى البعض أنه يعتقد أنه من غير المرجح أن تؤدي الأزمة في أوكرانيا إلى تداعيات الجائحة نفسها.
قال إدوين والتشاك، مدير محفظة في "فونتوبيل": "من الواضح أن فرص التصعيد قد زادت. لكن (...) ربما كان الخطر برأي بافيت قابلا للقياس الكمي بسهولة أكبر مما كان عليه خلال الجائحة".
إنه يغوص في لحظة مضطربة. تأرجحت سوق الأسهم بشكل عنيف هذا العام، حيث تراجعت أسهم الشركة في المتوسط في مؤشر راسل 3000 للشركات الكبيرة والصغيرة أكثر من 30 في المائة عن المستويات المرتفعة الأخيرة. قام المستثمرون بتعديل المحافظ بسرعة مع ارتفاع معدل التضخم ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة لأول مرة منذ 2018 استجابة لذلك.
على النقيض من ذلك، ارتفعت أسهم "بيركشاير" 18 في المائة هذا العام، متجاوزة كثيرا ارتفاعات الأسهم في مؤشر ستاندرد آند بورز 500. في 2021، حققت ارتفاعا نحو 30 في المائة.
استفادت الشركة من دوران السوق، حيث يفضل المستثمرون أسهم شركات المرافق العامة وشركات الطاقة ومجموعات السلع الصناعية والمصارف على شركات التكنولوجيا. لعب ذلك دورا مباشرا في شركة بيركشاير، التي تمتلك إمبراطورية تتنوع من "بي إن إس إف" للسكك الحديدية إلى شركة "جيكو" وشركة "إسكار" التابعة لتصنيع المعادن، إضافة إلى محفظة أسهم بقيمة 351 مليار دولار، مع استثمارات بمليارات الدولارات في "أبل" و"بانك أوف أمريكا".
تتماشى صفقات هذا الشهر أيضا مع التباطؤ في عمليات إعادة شراء الأسهم، التي أنفقت "بيركشاير" عليها بقوة عندما، على حد تعبير بافيت، "تصبح المسارات البديلة غير جذابة". في شباط (فبراير) الماضي، قدر بافيت أن الشركة أنفقت نحو 52 مليار دولار على عمليات إعادة الشراء في 2020 و2021، لكنها أنفقت 1.2 مليار دولار فقط في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى أواخر شباط (فبراير) من هذا العام.
قال كريستوفر بلومستران، رئيس شركة "سيمبر أوجستوس"، أحد المساهمين في "بيركشاير": "الأسهم ليست جذابة لإعادة الشراء". يرجع ذلك جزئيا إلى بحث بافيت وفريقه الاستثماري خارج الشركة.
قال ماير شيلدز، محلل في "كيه بي دبليو"، إن الصفقات أظهرت أن إدارة "بيركشاير" "ترى فرصا". أضاف أنهم لن "ينتقصوا من قدرة بيركشاير على إبرام صفقة هائلة الحجم، بالنظر إلى أن الشركة كان لديها 146.7 مليار دولار من السيولة في نهاية العام الماضي. التدفقات النقدية للشركات التابعة لها بعد خصم الديون تجاوزت 100 مليون دولار من النقد كل يوم".
كانت "أليجاني" و"أوكسيدنتال" شركتين مألوفتين لشركة بيركشاير قبل الاستثمارات الأخيرة بفترة طويلة. لطالما وصفت شركة أليجاني، وهي شركة للتأمين على الممتلكات وضد الحوادث وإعادة التأمين، بأنها "بيركشاير هاثاواي مصغرة". كان رئيسها التنفيذي، جوزيف براندون، مديرا تنفيذيا سابقا في شركة "جنرال ري" التابعة لشركة بيركشاير. وصفه بافيت بأنه "صديق قديم" عندما أعلن عن الصفقة.
قال ماثيو ماكلينان، مدير المحفظة في "فرست إيجل إنفستمنت"، التي تمتلك أسهم في "بيركشاير": "يحب وارن بافيت الاستثمار في دائرة اختصاصه ولا شك أنه تابع هذه الشركة لعقود".
تعود علاقته بـ"أوكسيدنتال" إلى 2019 على الأقل، عندما وافق بافيت على توفير عشرة مليارات دولار لمساعدة شركة النفط والغاز في انتزاع صفقة استحواذ ضخمة على "أناداركو بتروليوم". تلك الصفقة، في قطاع لا تدخله "بيركشاير" إلا من حين إلى آخر، مع ذلك كان هناك كثير من السمات المميزة له: تمويل الاستحواذ باهظ الثمن الذي تستخدمه الشركة جزئيا لختم موافقة بافيت.
قال مستثمرون هذا الأسبوع إنهم حريصون على رؤية إفصاحات الشركة الفصلية المقبلة عن الأسهم، التي من المقرر إجراؤها في منتصف أيار (مايو)، التي ستظهر ما إذا كان بافيت أو مساعدوه في الاستثمار تود كومبس وتيد ويسشلر في موجة شراء أوسع.
المستثمر البالغ من العمر 91 عاما، الذي لم يرد على طلب للتعليق على هذه المقالة، لم يقدم بعد نظرة ثاقبة على دوافعه للاستثمار في شركة أوكسيدنتال أو ما إذا كان اضطراب السوق منذ أن كتب أحدث خطاب سنوي له في شباط (فبراير) قد غير رأيه. في ذلك الوقت، قال إنه يجد "القليل (من الاستثمارات) التي تحمسنا".
قال لورنس كننجهام، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، ربما تغير ذلك. أضاف كانينجهام أنه بينما يواجه بافيت الآن منافسة شديدة من مجموعات الأسهم الخاصة في عمليات الاستحواذ الكبيرة، إلا أنه لا يزال يجد صفقات بافيت "مثالية".
قال: "الآن تتجه الصفقات نحوه، وبالوتيرة التي تناسبه".