«منهو ولدنا» .. ضدان يلتقيان على أرض الكوميديا السوداء
الكوميديا السوداء وجدت أرضها في دراما رمضان المبارك، فمن خلال مسلسل "منهو ولدنا" يدعونا أبطاله إلى عالم مليء بالتضاد، الفقر والغنى، الكوميديا والتراجيديا، الماضي والحاضر، في بيئتين متناقضتين تماما.
ليس سهلا أن تكتشف حقيقة مصيرية بعد 30 عاما، والداك ليسا والديك، لست ابن محيطك وبيئتك، ومن حملت اسمه ولقبه طيلة هذه الأعوام هو في الحقيقة سراب، والأم التي ربت ابنها لـ30 عاما ليس ابنها البيولوجي. فأين الحقيقة؟ هذا ما تكشفه لنا أحداث المسلسل السعودي "منهو ولدنا".
المعاناة تولد الضحكات
في عمل ممتع بصريا، يأخذنا إبراهيم الحجاج وفايز بن جريس إلى قصة يلفها الغموض، حينما يتبدل طفلان وليدان خطأ في مستشفى الولادة، طفل لعائلة ثرية وآخر لعائلة فقيرة، نتيجة خطأ الممرضة ليلى، التي تؤدي دورها الفنانة ريم الحبيب، ويصبح الطفل الثري مديرا تنفيذيا لشركة ناجحة، مغرورا، يؤدي دوره الفنان فايز بن جريس، أما الطفل الآخر، فيعيش في بيئة متواضعة، أحلامه واسعة، لكن ظروفه المادية لا تسمح له بتحقيقها، ويؤدي دوره الفنان إبراهيم الحجاج.
30 عاما ثم ينكشف السر، فتتشابك الخيوط، ومن رحم المعاناة تتولد الضحكات، في عمل متكامل كتبه سامي الفليح، بطولة النجوم: إبراهيم الحجاج، فايز بن جريس، هند محمد، خيرية أبو لبن، علي الحميدي، خالد الفراج، ريم العلي، حكيم جمعة، وإخراج منير الزعبي، ويعرض على شاشة MBC.
إبراهيم الحجاج
الكوميدي المعروف إبراهيم الحجاج، يخوض في مهمة صعبة عبر نمط الكوميديا السوداء، الذي لا يقدم كثيرا في الآونة الأخيرة، وهو ممثل مسرحي أيضا، وعازف موسيقي، وموهبة شابة. خرج من مسلسل "رشاش" بإشادات واسعة، بعد أدائه شخصية "قحص"، إلى جانب زميله فايز بن جريس الذي أدى شخصية عمر في "رشاش"، ويشاركه بطولة "منهو ولدنا".
في المسلسل، يؤدي الحجاج شخصية "ريان"، وهو شاب طموح جدا، طيب وقلبه أبيض، الشخص المناسب في المكان الخاطئ، يمر بتجربة مرعبة تغير مجرى حياته بل تقلبه رأسا على عقب، حيث سينتقل من وضع إلى آخر معاكس تماما، وهو ما يحدث كثيرا في حياتنا، بغض النظر عما إذا كان التغيير إلى الأفضل أو الأسوأ، لكن فكرة التناقض والانتقال إلى الحالة المعاكسة - بحد ذاتها - مرعبة، على حد تعبير الحجاج.
عاش ريان 30 عاما في الفقر نتيجة لغلطة شخص ما، وفجأة يكتشف ريان أن الحياة التي يعيشها ليست حياته، وأن ثمة شخصا قد سرق حياته حتى إن كان ذلك الشخص غير مسؤول عن تلك السرقة، لكن في النهاية لا بد أن تعود الحقوق إلى أصحابها، وبهذه المصادفة يصبح الحجاج وصديقه فايز بن جريس الذي يؤدي شخصية "بندر" أخوين من الرضاعة.
فكرة عميقة
إبراهيم الحجاج كشف لـ"الاقتصادية" أن مسلسله الجديد الذي يبث وقت الذروة، بدأ باتصال من الأستاذ سامي الفليح المنتج وكاتب العمل، وأغرم بها على الفور، مبينا أن اختيار الممثلين جاء لمصلحته، إذ جمعته بأغلبيتهم أعمال درامية، ولا سيما أبطال مسلسل "رشاش" النجمان فايز بن جريس وحكيم جمعة، وساعد ذلك على التناغم الذي ظهر جليا على الشاشة، وأحد عناصر نجاح "منهو ولدنا".
وبين أنه استمتع بالتجربة بكل حذافيرها، وهي كوميديا سوداء تفصلها شعرة عن الكآبة، يحترم عقلية المشاهد، مضيفا أنه "ضد مبارزات الإفيهات التي تنتهي بالمشهد سخيفا، غالبا".
ولعل الفكرة الجوهرية للعمل لم تكن جديدة كليا، يقول عنها الحجاج: "إنها تمت بمعالجة مختلفة، ففكرة تبديل المواليد موجودة وتتكرر، وأحس أنها لم تلامس دراميا بشكل كبير، ولم تناقش بعمق، وتطرح في كل مرة بشكل مختلف، بإشراف عام من الأستاذ خلف الحربي، وبطولة كوكبة النجوم الذين تم اختيارهم للعمل".
وحول جديده، يكشف الفنان إبراهيم الحجاج لـ"الاقتصادية" أنه بصدد العمل على فيلم طويل، سيكشف النقاب عن تفاصيله قريبا.
نمط "دراما - دي"
هذا النمط من الأعمال يطلق عليه "دراما - دي"، أو "دراما ممزوجة بالكوميدية الخفيفة"، قد تجتمع فيه الضحكات والدموع في حلقة واحدة، مثل لقاء ريان والدته الحقيقية بعد 30 عاما، يقول الحجاج: "إنها مفاجأة قد تجعلك لا تبكي، فاللقاء بإنسانة تراها للمرة الأولى وتعلم بأنها والدتك يحمل صدمة كبيرة قد تحول دون البكاء، وقد تستمر تلك الصدمة لأعوام طويلة قبل أن تدرك ما جرى وتبدأ في البكاء".
تجمع ريان قصة حب مع "فيروز"، جارته منذ الطفولة التي تؤدي دورها الفنانة خيرية أبو لبن، وتعيش النقيضين في شخصية ريان، عرفته فقيرا وغنيا، بل وأصبح مديرها في العمل، فهل تتغير طباعه؟
يبدو أن فيروز بمرور الحلقات باتت تنفر من ريان، وتتعاطف مع بندر شقيقه من الرضاعة، ووعدت أبو لبن جمهورها بمفاجأة في أحداث المسلسل. فيما يروي فايز بن جريس تفاصيل دوره في أن "الحياة لا تثبت على حال، فقد تحملك في يوم إلى القمة وقد ترمي بك في يوم آخر إلى الحضيض، وهذا القول ينعكس تماما على حياة بندر، الشخصية التي يقدمها".
تبدأ معاناة بندر بعد اكتشاف الحقيقة، حيث يجد نفسه مضطرا إلى التعامل والعيش مع الناس الذين اعتاد التعامل معهم بفوقية، فكيف سيستطيع التأقلم مع تلك الحياة الجديدة؟ الأمر بالنسبة إليه أشبه بكابوس.
ويلعب الفنان علي الحميدي دور هلال، وهو الحارس الأمين والخادم القديم والمرافق الشخصي للسيدة أنيسة سيدة القصر، التي تدور الأحداث حولها وحول أبنائها، لذا فهو يعرف جميع الأسرار وهو الرابط بين الأحداث، أما الفنانة ريم العلي فتقدم شخصية فريدة، "فاشينيستا"، وهي امرأة انتهازية ووصولية بكل ما للكلمة من معنى، فهي لا تملك أي مشاعر حقيقية تجاه بندر، لكنها تستغله طمعا في ثروته، إذ كل ما يعنيها هو وضعه الاجتماعي والمالي فحسب، وتنقلب الطاولة لاحقا حينما يصبح بندر فقيرا.
كيف سيتأقلمان؟
كيف سيتأقلم الغني مع المجتمع الفقير؟ وكيف سيعيش الفقير في حياة الغنى؟ تلك التساؤلات وغيرها يطرحها المسلسل بطريقة كوميدية مليئة بالدراما، كما يقول مخرج العمل، حيث يعد المسلسل المشاركة الأولى للزعبي في الدراما السعودية، وكشف في بيان صحافي أن هناك طاقات شبابية هائلة في الدراما السعودية، "ونأمل أن نوفق في هذا العمل الذي يحمل جانبا كوميديا وآخر تراجيديا في آن معا، فهو يعتمد على كوميديا الموقف عموما، مع وجود حالات درامية بامتياز".
ومضى الزعبي يقول: "الخليج العربي بيئة واحدة، متقاربة في تفاصيلها وعاداتها ومجتمعاتها وطبيعة أهلها، ورغم كوني متمرسا في الدراما الكويتية غير أنني أحببت أن أشارك في عمل سعودي في ظل التطورات الكبيرة التي تشهدها الدراما السعودية، ولا سيما خلال الآونة الأخيرة، حيث شاهدنا أعمالا سعودية ضخمة ومتميزة قلبت الموازين بحق، على غرار (رشاش) و(اختطاف) وسواهما من الأعمال التي بدأت تقديم الممثل السعودي والدراما السعودية ضمن قالب قادر على المنافسة خليجيا وعربيا وإقليميا.. بل وعالميا إن شاء الله".