سوق الدواجن العالمية .. المنتجون يحملون المستهلكين تكاليف المدخلات واضطرابات سلاسل الإمداد

سوق الدواجن العالمية .. المنتجون يحملون المستهلكين تكاليف المدخلات واضطرابات سلاسل الإمداد
ارتفاع أسعار الدواجن والبيض بات ملحوظا في كثير من البلدان في الوقت الحالي.
سوق الدواجن العالمية .. المنتجون يحملون المستهلكين تكاليف المدخلات واضطرابات سلاسل الإمداد
سوق الدواجن العالمية .. المنتجون يحملون المستهلكين تكاليف المدخلات واضطرابات سلاسل الإمداد
سوق الدواجن العالمية .. المنتجون يحملون المستهلكين تكاليف المدخلات واضطرابات سلاسل الإمداد

تعد لحوم الدواجن من بين الأطعمة التي يتم تناولها على نطاق واسع على المستوى العالمي، وقد زاد استهلاكها بسرعة وبشكل كبير للغاية في العقود الماضية، ويرجع ذلك إلى زيادة الطلب المدفوع بالنمو السكاني والتوسع في المدن وارتفاع الدخل في البلدان النامية خاصة في المناطق الريفية.
كما أن التوسع في عمليات الإنتاج أسهم إلى حد كبير في خفض أسعار لحوم الدواجن وجعل تكلفة تناولها ميسورة بصفة عامة.
إلى جانب ذلك، فإن التحذيرات المستمرة من قبل الأطباء وخبراء التغذية، من الأضرار الصحية الناجمة عن الإفراط في استهلاك اللحوم الحمراء، وزيادة الوعي الجماهيري خاصة لدى أبناء الطبقة المتوسطة بأهمية مراعاة الجوانب الغذائية المختلفة لضمان حالة صحية طيبة، فإن تلك التحذيرات لقيت قبولا جيدا في عديد من المجتمعات المتقدمة، خاصة مع ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء عالميا سواء لحوم الأبقار أو الأغنام، وكان البديل أن تحولت قوائم الطعام في المنازل إلى مزيد من استهلاك الدواجن.
ولعبت الأسعار المنخفضة للدواجن نسبيا مقارنة باللحوم الحمراء دورا مهما في مساندة هذا التحول، حيث زاد استهلاك الأسر والأفراد للدواجن باعتبارها مصدرا رئيسا للبروتين، إضافة إلى أن استهلاكها لا يمارس الضغوط ذاتها التي تمارسها أسعار اللحوم على ميزانية الطعام وتحديدا لدى الأسر كبيرة العدد أو محدودة الدخل.
وتكشف أرقام منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "الفاو" زيادة ملحوظة في الإنتاج والاستهلاك العالمي من الدواجن في العقود الأخيرة، فمنذ أوائل الستينيات زاد المعروض من لحوم الدواجن عالميا ستة أضعاف، وقد حدث أعلى نمو في آسيا وأمريكا اللاتينية، وبين عامي 1990 و2020 تضاعفت نسبة إجمالي إنتاج لحوم الدواجن المتداولة في السوق الدولية، وبينما تعتمد أقل البلدان نموا بشكل متزايد على واردات من لحوم الدواجن، فإن مستوى وارداتها قفز من 2 في المائة فقط عام 1961 إلى 33 في المائة عام 2019.
لكن في ظل الارتفاع الراهن في أسعار المواد الغذائية على مستوى العالم، فإن مجموعة من الشركات الدولية وكبار المتاجر العالمية تحذر الآن من أن أسعار الدجاج قد تكلف في بعض البلدان ولأول مرة منذ خمسينيات القرن الماضي ما يعادل تكلفة شريحة من لحم الفيليه البقري.
فقد ارتفعت أسعار الدجاج في الولايات المتحدة إلى أعلى سعر لها في 15 عاما، وفي تايلاند التي تعد أحد أكبر مصدري الدواجن بعد الولايات المتحدة والصين والبرازيل والاتحاد الأوروبي ارتفعت الأسعار بمقدار الثلث في ستة أشهر، وفي البرازيل قفزت الأسعار أكثر من ضعف متوسط السعر في الأعوام العشرة الماضية، حيث يلقي الخبراء بالمسؤولية في ارتفاع أسعار السلع الغذائية ومن بينها لحوم الدواجن على الحرب الروسية - الأوكرانية، فإن الوقائع تشير إلى أن التحذيرات الأولى من ارتفاع أسعار الدواجن والبيض قد سبقت الحرب الروسية على أوكرانيا بشهور.
وتقول لـ"الاقتصادية" الدكتورة إيما بورج الاستشارية السابقة في منظمة الأغذية والزراعة "فاو" إنه "منذ الربع الأخير من العام الماضي والتوقعات أن تكون أسواق الدواجن العالمية قوية في عام 2022، وذلك على خلفية إعادة فتح الاقتصادات وزيادة مستويات التطعيم ضد وباء كورونا، وتحسن الظروف الاقتصادية، وبينما كانت هناك توقعات بوجود طلب متزايد، فإن منظمة "فاو" حذرت من أن إدارة العرض ستكون تحديا رئيسا في عام 2022، وأن ذلك سيوجد بيئة أسعار أقوى في عديد من الأسواق في جميع أنحاء العالم".
وتضيف "تتباين التقديرات بشأن معدل نمو الطلب على الدواجن هذا العام، لكن المتوقع أن تصل إلى 2 في المائة على المستوى العالمي".
وبالفعل فإن ارتفاع أسعار الدواجن والبيض بات ملحوظا في كثير من البلدان في الوقت الحالي، وسط توقعات بأن تواصل الارتفاع خلال الأشهر المقبلة جراء الحرب الروسية - الأوكرانية.
ويعلق لـ"الاقتصادية" إل. دي. بروس من الشركة البريطانية للأعلاف قائلا "العلف يتكون في الأغلب من القمح أو فول الصويا، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بسبب فشل المحاصيل في الصيف الماضي في بعض البلدان والحرب في أوكرانيا، فروسيا وأوكرانيا مسؤولتان عن تصدير ربع القمح إلى جميع أنحاء العالم، وإذا استمر الصراع ستواصل أسعار الأعلاف ارتفاعها، وستقفز أسعار الدواجن".
ويعتقد إل. دي. بروس أن زيادة مستويات التضخم عالميا، يدفع أصحاب مزارع الدواجن والشركات العاملة في مجال التعبئة والتسويق إلى زيادة أجور ورواتب العمال والموظفين، ما ينعكس على زيادة أسعار الدواجن أيضا.
باختصار يلقي المنتجون بالمسؤولية على ارتفاع الأسعار إلى الزيادة الراهنة في تكاليف المدخلات والاضطرابات الحالية في سلاسل الإمداد واستمرار الحرب الروسية - الأوكرانية.
إلا أن ماجي كريس من جمعية حماية المستهلك الأوروبي ترى أن الزيادة في أسعار الدواجن تظل أكبر بكثير من الارتفاع في تكاليف المدخلات الإنتاجية، وتتهم الشركات العالمية بممارسة سياسات يتحمل نتائجها المستهلك.
ولـ"الاقتصادية" تعلق قائلة "نعم هناك ارتفاع في أسعار عديد من المدخلات، لكن لا يوجد تناسب بين تلك الزيادة والقفزات المتتالية في أسعار الدواجن، التي أخرجتها من قوائم الطعام لدى عديد من الأسر التي يعد استهلاك الدواجن المصدر الرئيس للبروتين بالنسبة إليها"
وتعتقد ماجي كريس أن شركات الإنتاج العالمي والمنتجين المحليين لا يريدون اقتسام الزيادة في تكاليف المدخلات الإنتاجية بينهم وبين المستهلك، وإنما يعملون على تحميلها بالكامل للمستهلك للحفاظ على معدلات الأرباح مرتفعة لديهم.
وتشير في هذا السياق إلى شركة Pilgrim’s Pride Corp ثاني أكبر شركة دجاج في الولايات المتحدة من حيث المبيعات، التي أعلنت أرباحا ربع سنوية قدرها 100 مليون دولار، بزيادة تقارب 50 في المائة على أساس سنوي وبما يتجاوز التوقعات.
يعتقد عديد من الخبراء أن الارتفاع الراهن في أسعار الدواجن سيكون له تأثير سلبي في مستوى تغذية الأسر الفقيرة في المدن والريف حيث تعد الدواجن مصدرا غذائيا مهما لهم.
لكن الوضع يزداد سوءا في المناطق الريفية، فأنظمة تربية الدواجن خاصة في البلدان النامية والفقيرة لا تعتمد على أنظمة الإنتاج الواسعة و الشركات العملاقة الضخمة بقدر اعتمادها على الأسر الريفية التي تقوم بدور حاسم في تزويد الأسواق المحلية باحتياجاتها من الدواجن، ومع ارتفاع أسعار المدخلات، فإن عديدا من الأسر الريفية التي تفتقد القدرة المالية على مواكبة تلك الزيادة، تخرج من السوق، التي تزداد تركزا لمصلحة الشركات الكبرى، ما يضعف المنافسة ويترك بصمات ذات طابع احتكاري لا تصب في مصلحة المستهلك في نهاية المطاف.

لمحة عن سوق الدواجن العالمية

• الولايات المتحدة والصين والبرازيل أكبر 3 منتجين للحوم الدواجن في العالم
• الصين أكبر منتج للبيض بنسبة 38 % من الإنتاج العالمي تليها أمريكا والهند
• ارتفاع الإنتاج العالمي من 9 إلى 133 مليون طن بين 1961 - 2020
• إنتاج البيض عالميا زاد من 15 إلى 93 مليون طن بين 1961 - 2020
• لحوم الدواجن مثلت في 2020 ما يقرب من 40 % من إنتاج اللحوم عالميا
• تربية الدواجن تتم من قبل 80 % من الأسر الريفية في البلدان النامية
• زاد إنتاج البيض في العالم بنسبة 150 % في العقود الثلاثة الماضية
المصدر: منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"

الأكثر قراءة