لا ضمان للثراء في عالم العملات المشفرة
في بث النشرة الصوتية "بودكاست موني كلينيك" نتطرق إلى الحديث عن جميع أنواع المشكلات المالية، لكن بعد أن تحدثت إلى متداولين شباب خسروا أموالا كثيرة بسبب خسارة عملة لونا المشفرة 40 مليار دولار، وجدت صعوبة في تقديم أي حلول لهم.
بدأ سوبايا، البالغ من العمر 29 عاما، في تداول العملات المشفرة العام الماضي بعد أن رأى أصدقاءه يكسبون المال منها. شاهد موظف تكنولوجيا المعلومات الذي يعمل في بنغالور دروسا يقدمها مؤثرون عبر الإنترنت، ثم بدأ التداول ببيع مختلف العملات المشفرة وشرائها، وجنى ما يكفي من المال ليحلم بترك وظيفته النهارية ويعمل في التداول طوال الوقت.
لكن لسوء الحظ أن هذا النجاح الأولي منحه الثقة لكي يقترض على بطاقات الائتمان حتى يرفع من قيمة تداولاته. وبعد أن أغراه احتمال تحقيق عائد يبلغ 20 في المائة، حول كامل محفظته التي تبلغ قيمتها سبعة آلاف دولار إلى عملة لونا المشفرة - لكنه رأى قيمة محفظته تتقلص إلى 150 دولارا عندما انهارت قيمة العملة المشفرة هذا الشهر.
قال لي أثناء حديثنا خلال البث الصوتي هذا الأسبوع، "لقد اعتقدت أن بإمكاني كسب المال بسهولة. لم أفكر أبدا في الجانب السلبي، أن قيمة كل ما أملكه يمكن أن تصبح صفرا".
الأمر لا يقتصر فقط على خسارة سوبايا لأمواله، بل ستكون ديون بطاقة الائتمان بمنزلة تذكير دائم له أن هذه كانت مخاطرة ليس بمقدوره الإقدام عليها.
قد لا تحمل تعاطفا يذكر مع المتهورين ماليا، حيث يتداولون أصولا مشفرة متقلبة وغير خاضعة للتنظيم في محاولة منهم لتحقيق الثراء. في المملكة المتحدة، حذر المنظمون باستمرار قائلين، "كن مستعدا لخسارة كل أموالك". فلماذا كان ذلك مفاجئا؟
لكن إذا قرأت سلسلة القصص المأساوية على منصة ريديت، التي أعلاها رسالة مثبتة فيها أرقام هواتف وضعت لمساعدة الناس على عدم الإقدام على الانتحار، سترى أن فقط من كان قلبه من حجر لن يتساءل عما يجب فعله في سبيل حماية المستهلكين الشباب من الضرر المالي.
ما زال المنظمون الماليون لا يعرفون كيف يستجيبون لما حدث، لكن هناك أسئلة جدية أيضا موجهة للمنصات "التي تسمح بتداول العملات المشفرة إضافة إلى منصات التواصل الاجتماعي". تستفيد المنصات، بصفتها حارسة بوابات مملكة العملات المشفرة، من هذا الجنون ويتوجب عليها تنظيمه بشكل أفضل.
مع ذلك، حتى رئيس هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة المنتهية ولايته، اعترف الأسبوع الماضي بأن التحذيرات الحازمة التي أصدرتها الهيئة لم تنجح في تنفير الشباب. زار تشارلز رانديل أخيرا مدرسة قريبة من مقر هيئة السلوك المالي في شرق لندن، وتحدث إلى مجموعة من التلاميذ الذين تراوح أعمارهم بين 13 و14 عاما حول مخاطر التداول في العملات المشفرة.
قبل التلاميذ حقيقة أن التداول فيها يشبه "القمار"، لكنهم رغم ذلك يعتقدون أن بإمكانهم كسب المال منها. قال، "لقد كانوا طلابا أكفاء جدا، لكن آمالهم في أن يصبحوا أثرياء كانت أقوى من أي حقائق أو حجج عقلانية أستطيع أن أقدمها لهم".
"مع استعداد مشاهير مثل كيم كارداشيان ولاري ديفيد لجني الأموال من خلال الترويج للعملات المشفرة المضاربة، كيف يمكننا كبح حماس الناس عن فعل ما قد يلحق ضررا خطيرا بحياتهم من الناحية المالية؟".
قد تكون العملات المشفرة محفوفة بالمخاطر وغير خاضعة للتنظيم، لكن من المستحيل تجنبها. حتى لو كان المستثمرون الشباب على دراية بتحذيرات هيئة السلوك المالي، من المرجح أن يكونوا قد شاهدوا تأييدا لها من المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي، أو أنهم رأوا إعلانات للعملات المشفرة على جوانب حافلات النقل، أو شاركوا في ألعاب "العب واكسب" عبر الإنترنت مثل لعبة آكسي إنفينيتي.
في العام الماضي، قدرت أبحاث هيئة السلوك المالي أن 2.3 مليون بريطاني بالغ يمتلكون نوعا من أصول العملات المشفرة، وهو ليس بالرقم البعيد عن أعداد المستثمرين الذين لديهم حسابات توفير فردية غير خاضعة للضريبة من أجل الاستثمار في الأسهم والسندات. على الرغم من أن معظم حاملي العملات المشفرة كانوا يعرفون أن استثماراتهم ليست محمية، فإن أكثر من واحد من كل عشرة مستثمرين يعتقدون عكس ذلك.
هناك أدلة متزايدة تبين أن بعض الأشخاص الذين خسروا أموالهم في الاستثمار في العملات المشفرة يعتقدون خطأ أنه قد يحق لهم المطالبة بتعويضات عن تلك الخسائر.
أخبرتني إدارة برنامج تعويضات الخدمات المالية في المملكة المتحدة أن كلمة "العملات المشفرة" هي من أكثر الكلمات التي يتم البحث عنها على موقعهم على الإنترنت - ومع ذلك فهي ليست من المنتجات التي يغطيها. استجابة لذلك، أنشأ البرنامج محتوى تعليميا حول الجوانب التي تجب مراعاتها قبل الاستثمار في العملات المشفرة، بما في ذلك بودكاست بعنوان "احم أموالك".
إن ما فعلوه يستحق الثناء - لكن هل يمكن أن يبعد التعليم المالي الأفضل الناس بالفعل عن القيام بمجازفة كبيرة في سبيل الثراء السريع؟ يعتقد المستثمر المحترف إيلان سولوت، أحد خبراء "موني كلينيك"، أن ذلك ممكنا.
يقول، "ينبغي لنا إعداد الشباب لعالم مالي حيث تواجههم مواقف قائمة على رفع مالي عال، بينما يقول أشخاص على منصة يوتيوب إن بإمكانك كسب 20 في المائة دون أي مخاطر".
أنا من أشد المؤمنين أننا بحاجة إلى وضع جهود أكبر في المدارس. أعدت حملة محو الأمية المالية والشمول المالي التي تنظمها "فاينانشال تايمز" ورشة عمل مدرسية حول هذه المخاطر بما فيها لعبة "أعلى أو أقل" - على غرار برنامج "بلاي يور كاردز رايت" التلفزيوني البريطاني الذي كان يبث في الثمانينيات - وفيها نتحدى المراهقين للتنبؤ بتحركات أسعار العملات المشفرة قصيرة المدى.
بصفتي أحد المشرفين على حملة محو الأمية المالية والشمول المالي، في الأغلب ما يطلب مني أن أخذ دور المقدم المتألق بروس فورسيث. يتم اختيار طالب واحد محظوظ لتخمين رقم بينما يصرخ زملاؤه بإحدى الكلمتين "أعلى!" أو "أقل!"، إشارة إلى أن الرقم الذي خمنه الطالب أعلى من الرقم الحقيقي أو أقل منه. "يخطئ الطلاب في الإجابة في كثير من الأحيان، وهو أمر محرج، لكنه خطأ أقل تكلفة مما في الحياة الواقعية".
ذات مرة، خمن أحد الطلاب أن الإجابة "أقل"، لكنني حاولت التأثير فيه لتغيير إجابته عندما سألته بشكل متكرر، "هل أنت متأكد من إجابتك؟".
عندما كشفت لهم أن السعر الصحيح كان أقل بكثير، كان محقا في الانزعاج مني قائلا، "لكنك أخبرتني يا آنسة أن السعر سيرتفع!".
لكن الحقيقة هي كيف يمكن لأي شخص أن يضمن أنك ستربح المال؟ قلت للطلاب إنه إذا كنت من المؤثرين في تطبيق تيك توك وطلبت منهم شراء هذه العملة المشفرة، إلى ماذا سيلجؤون في حال فقدوا كل أموالهم؟ الإجابة الصحيحة لا شيء.
هناك أنشطة أخرى منظمة يمكن للطلاب الأكبر أن يجربوها بصورة قانونية لكنها محفوفة بالمخاطر وضارة من ناحية مالية، مثل رهان فروق الأسعار أو التداول اليومي أو المقامرة، لكن تتوافر لهم فيها بعض أشكال الحماية.
حظرت المملكة المتحدة "أخيرا" المقامرة باستخدام مدفوعات بطاقات الائتمان، حيث يجب أن تضع مواقع المراهنة تحذيرات واضحة بشأن الأعداد الكبيرة من العملاء الذين خسروا أموالهم، فيما فرضت هيئة السلوك المالي قيودا على مقدار الرفع المالي الذي يمكن استخدامه من المستثمرين غير المتمرسين. في الوقت نفسه، ما زال عالم العملات المشفرة متاحا للجميع لكي يدخلوا فيه بالمجان.
إن القاعدة الأولى للمقامرة هي عدم المراهنة على مبلغ أكبر مما يمكنك أن تتحمل خسارته، لكن يجب على مستثمري العملات المشفرة أيضا الانتباه إلى "قواعد" الاستثمار التقليدية مثل التنويع.
لنقارن تجربة سوبايا مع تجربة دان، وهو أحد المستمعين لبث "موني كلينك" يبلغ من العمر 34 عاما. دان يحتفظ بعملات مشفرة، لكنه أبقاها عند قيمة أقل من 15 في المائة من محفظته الشاملة. بينما كان يبتعد عن الرفع المالي "وعملة لونا المشفرة"، كان ما زال يرى قيمة حيازاته من العملات المشفرة تنخفض بضعة آلاف من الجنيهات الاسترلينية في آخر عمليات البيع التي أجراها.
إنه ليس سعيدا بهذا - لكن ذلك لم يكلفه خسارة مرونته المالية. دان لم يبع في حالة اضطرارية "ولصياغة عبارة محبوبة لدى مستثمرين العملات المشفرة" يمكنه "التمسك بما يملكه من عملات مشفرة مدى الحياة" وأن يأمل في أن تتعافى أسعارها وترتفع.
قد تعتقد أن الجنون أصابهم عندما استثمروا في العملات المشفرة، لكنني ممتنة للغاية لضيوف البودكاست لمشاركة تجاربهم معنا بكل شجاعة حول خسارتهم الأموال. مع كل ذلك الضجيج الذي يحدثه التجار ووعودهم بإمكانية استخدام هذه التجارة للوصول إلى الثراء، فإن الحديث عن حقائق الإفلاس قد يكون أقوى أداة تعليمية للمستثمرين الشباب المهتمين في المقامرة.