استعدوا لحروب العملة العكسية «1 من 2»

على مدار العام الماضي، ارتفعت قيمة الدولار مقابل اليورو بنسبة 12 في المائة، وعند مستوى 0.93 من اليورو، يقترب من سعر التكافؤ. إذا بدت أسعار النفط والسلع الأساسية الأخرى المقومة بالدولار مرتفعة الآن، فإنها تبدو أكثر ارتفاعا باليورو. مع ارتفاع قيمة العملة الأمريكية، وارتفاع معدلات التضخم في عديد من الدول إلى مستويات غير مسبوقة منذ عقود من الزمن، فربما ندخل الآن ما يسمى "حروب العملة العكسية"، حيث تتنافس الدول لتعزيز قيمة عملاتها أمام العملات الأجنبية.
في الأصل، كان مصطلح "حروب العملة" وصفا مزخرفا لما سماه خبراء الاقتصاد الدولي لفترة طويلة "خفض القيمة التنافسي" competitive devaluations أو بعد أن بدأ تعويم أسعار الصرف في أوائل سبعينيات القرن الـ 20، "إنقاص القيمة التنافسي" competitive depreciations. في هذه المواقف تشعر الدول بالظلم لأن شركاءها التجاريين يتعمدون ملاحقة سياسات تهدف إلى إضعاف عملاتها من أجل اكتساب ميزة غير عادلة في التجارة الدولية. قد ينشأ خفض القيمة التنافسي عندما تتضمن أهداف الاقتصاد الكلي الرئيسة في كل الدول، إضافة إلى تعظيم نمو الناتج المحلي الإجمالي وتشغيل العمالة، تحسين موازينها التجارية. وهذا يصف عموما العقود القليلة الأخيرة في الاقتصاد العالمي.
من ناحية أخرى، تنطوي حروب العملة العكسية على رفع قيمة العملة التنافسية. هنا، تتصور الدول أن شركاءها التجاريين يحاولون عمدا تعزيز قوة عملاتهم من أجل كبح جماح التضخم. وهذا من الممكن أن يصف الفترة التي بدأت عام 2021، عندما عاد التضخم ليفرض مشكلة عصيبة في أغلب الدول.
في كلتا الحالين، من المستحيل أن يلاحق كل الدول مثل هذه الاستراتيجيات، لأنها من غير الممكن أن تحرك أسعار الصرف في الاتجاه ذاته في وقت واحد. ينظر إلى خفض القيمة التنافسي أو رفع القيمة التنافسي غالبا على أنه دليل على الافتقار إلى التعاون الدولي لتحقيق استقرار أسعار الصرف، الذي يتسبب في بعض الأحيان في إطلاق الدعوات المنادية بترتيب جديد على غرار مؤتمر بريتون وودز لتعزيز قدر أكبر من تنسيق السياسات.
كانت الولايات المتحدة تسارع عادة إلى الادعاء بأن عملات الدول الأخرى مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية بشكل غير عادل. منذ عام 1988، كان الكونجرس يطالب وزارة الخزانة بتقديم تقارير نصف سنوية حول ما إذا كان شركاء أمريكا التجاريون الرئيسون يتلاعبون بعملاتهم. وتعد الصين وغيرها من الدول الآسيوية من الأهداف الأكثر شيوعا. لكن سويسرا أيضا كانت دائما موضع شك، رغم أن الفرنك السويسري يمكن اعتباره بسهولة أغلى عملة رئيسة وفقا لمعايير أخرى.
في شباط (فبراير) من عام 2013، تولت وزارة الخزانة الأمريكية قيادة شكل مصغر من اتفاق بريتون وودز الذي بموجبه تمتنع دول مجموعة السبع عن اتخاذ أي خطوات لخفض قيمة عملاتها. الواقع أن اتفاق 2013 غير معروف لكثيرين، لكنه نجح. فعلى مدار العقد الأخير، لم تتدخل الدول الأعضاء في مجموعة السبع لبيع عملاتها في سوق الصرف الأجنبية. أما الصين، وهي ليست عضوا في مجموعة السبع، فتتدخل في سوق العملات. لكنها منذ عام 2014 كانت تفعل ذلك بغرض إبطاء انخفاض قيمة الرنمينبي، وليس تشجيعه... يتبع.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2022.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي